مختارات من تعليقات الصحف الكنديّة الصادرة خلال الأسبوع من إعداد وتقديم مي ابوصعب وفادي الهاروني وبيار أحمراني.
ذي غلوب اند ميل: العلاقات الدبلوماسيّة ليست فقط للأصدقاء
تناولت صحيفة ذي غلوب اند ميل في تعليقها العلاقات الدبلوماسيّة مع إيران في مقال تحت عنوان: الديبلوماسيّة ليست فقط لأصدقاء كندا.
تقول الصحيفة إنّه خلال سنوات الحرب الباردة، عندما كان العالم يترقّب بخوف الدول العظمى، حافظت كندا على حضورها الدبلوماسي في الاتّحاد السوفياتي.
ولم يكن ذلك بفعل الصداقة. فكندا كانت واحدة من بين مؤسّسي تحالف مخصّص لاحتواء الاتّحاد السوفياتي وخوض الحرب ضدّه إذا لزم الأمر.
لكنّ كندا أدركت أنّه من الحكمة ومن الضروري الإبقاء على حضور متيقّظ ومنتج في معسكر الأعداء.
ومن غير الممكن للمتغيّب أن يحصل على المعرفة ، ناهيك عن عقد صفقات تجاريّة وتخفيف العدائيّة على الصعيد الانساني لمن يكون في عزلة.
وتتابع ذي غلوب اند ميل فتقول إنّ الدبلوماسيّة تسكن عالما من التعقيد الغامض.
ومهما كان التحدّث إلى الأصدقاء والتجارة مع الحلفاء جذّابا، فالتحدّي الأكبر يكمن في التعامل مع أنظمة تختلط لديها الدوافع، ولديها خطاب مقلق وولاءات مهدَّدة ، وغالبا ما يخفي سوء سلوك حكوماتها رغبة شعبيّة عميقة في التغيير.
وهذا هو العالم الذي وجدنا أنفسنا فيه بالنسبة لما يتعلّق بإيران تقول الصحيفة.

ووزير الخارجيّة الكندي ستيفان ديون أكّد أنّ كندا ستعيد فتح سفارتها في طهران، وستستأنف علاقاتها الدبلوماسيّة مع نظام ثيوقراطي ما زال حسب اعتراف الوزير ديون يشكّل تهديدا لحقوق الانسان وما زال عدوّ حلفائنا بمن فيهم اسرائيل. والقرار صحيح بشكل عام تقول ذي غلوب اند ميل.
ومن الممكن ألاّ نثق بالحكومة الايرانيّة وأن نقبل رغم ذلك أن تكون كندا حاضرة إن كانت تريد أن تلعب دورا على صعيد الترويج لحقوق الانسان وحماية مصالحها بما في ذلك أوضاع السجناء حاملي الجنسيّتين، والتفاوض على الطريقة الكنديّة في المنطقة حيث تلعب ايران دورا مؤثّرا في العراق في حين تكافح كندا تنظيم "الدولة الاسلاميّة"، فضلا عن ضرورة فهم هذه الدولة المهمّة المعقّدة.
ونحن بحاجة لنُشعر بوجود كندا لنتمكّن من بيع السلع الكنديّة في بلد يضمّ 80 مليون نسمة وعلى وشك الخروج من وطأة العقوبات الدوليّة المفروضة عليه.
وتتابع ذي غلوب اند ميل فتقول إنّ رئيس الحكومة السابق ستيفن هاربر أقفل السفارة الكنديّة في طهران عام 2012 وانضمّ إلى العقوبات الدوليّة على ايران التي كانت ضروريّة في حينه حسب قول الصحيفة.
ولكن الزمن يتغيّر وإيران تبدو ممتثلة للقواعد الدوليّة المفروضة بموجب الاتّفاق النووي.
والمجتمع الدولي عمد بالمقابل إلى خفض العقوبات المفروضة على ايران وتعزيز الانخراط الدبلوماسي، ويتعيّن على كندا أن تحذو حذوه تقول ذي غلوب اند ميل في ختام تعليقها.
تحت عنوان: "جريمة ضد العمل الإنساني " ، كتب المحرر في صحيفة لا بريس ستيفان لا بورت يقول:
في الخامس عشر من الشهر الجاري وقع اعتداء آخر على كوكب الأرض. هذه المرة لم يقع في نيويورك أو باريس، إنما في واغادوغو. هل تذكرون؟ بدون شك تذكرون هذا الاعتداء.
ذلك أن الاعتداءات التي تقع في مدن لا نعرفها سرعان ما ننساها، فهي تمر كخبر عادي في نشرة الأخبار المسائية وننتقل بعدها إلى عنوان آخر من مثل: ماذا يجري لفريق كاناديان للهوكي. لكن هذه المرة لم نطوِ الصفحة بسرعة لأن بين الضحايا ستة كيبيكيين ما دفعنا إلى الحديث أكثر عن الاعتداء ولكن بصورة غير كافية.
ويستعرض ستيفان لابورت وقائع الاعتداء وأسماء الضحايا فيعتبرهم أبطالا ليس بسبب موتهم إنما بسبب حياتهم. لقد كانوا عمالا إنسانيين. ولكي تكون عاملا إنسانيا فأنت بحاجة إلى قلب سوبرمان. نحن نواجه يوميا البؤس الإنساني وأمام تفاقمه نريح ضميرنا باعتبار أننا لا نستطيع فعل أي شيء فالبؤس كبير وهو متجذر في المجتمعات والأمر كذلك منذ زمان بعيد وسيبقى كذلك فلا نتصرف ونواصل حياتنا.

لكن العمال الإنسانيين لا يفكرون بهذه الطريقة إنما يتصرفون وبدل تغميض عيونهم، يشمرون عن سواعدهم ويتوجهون إلى حيث المآسي، يساعدون، يعالجون، يعلّمون ويبنون.
وهم لا يقومون بذلك بحثا عن مكافأة أو اعتراف بالجميل، وهم قلما يحصلون عليه وحتى لا يحصلون عليه أبدا، على كل لا يحصلون عليه منا نحن فمن منا كان قادرا قبل الاعتداء عليهم، من إعطاء أسماء ستة عمال إنسانيين كيبيكيين؟ علما أنهم هم من يستحقون أن يكونوا مثالا يحتذى. فجميل جدا ربح جائزة الأوسكار والفوز بكأس ستانلي (في الهوكي) فهما نجاحان ملهمان يدفعان إلى الحلم، لكن بناء مدرسة في بوركينافاسو إنجاز أكبر وأهم وهو يدفع إلى ما هو أفضل من الحلم، إلى الحياة.
ومع معرفتنا ذلك، نستمر بتجاهلهم يقول ستيفان لا بورت في لا بريس ويضيف: علاقتنا بالعمال الاجتماعيين علاقة غريبة فنحن نقدرهم ولكن عن بعد وبصراحة هم يزعجوننا أحيانا لأنهم يضعوننا أمام محدودية طاقاتنا. لماذا لسنا مثلهم؟ لماذا لا نتخلى عن كل شيء لمحاولة تغيير العالم؟ وهم يبدون أكثر سعادة منا جراء عطائهم ذاتهم وتخليهم عن ذاتهم.
ويتابع ستيفان لا بورت: العمال الاجتماعيون يجعلوننا نشعر بالذنب دون قصد وبقدر ما هو كبير جدا ما يفعلونه بقدر ما هو سهل جدا، وبمتناول الجميع إذ يكفي أن نريده ونقرره. لكننا، مع رغبتنا بذلك، لسنا قادرين فأناس كثيرون وأشياء كثيرة تربطنا وتمنعنا. والخير يمكن أن نقوم به بعيدا عنا ولكن أيضا قريبا منا مع أناس نحبهم وأحيانا تكون الأمور أكثر تعقيدا مع من نحبهم.
ويتابع ستيفان لا بورت: كانت ثمة عائلة رائعة في بلدة لاك بوبور تسودها محبة كبيرة مكنتها من الذهاب لمحبة الآخرين لكن الإرهابيين قضوا عليها، بدون أي سبب. ولنجرب أن نفكر بعقل إرهابي. نقتل الاستغلاليين نقتل من يجسد الخطيئة وهذا شنيع طبعا ولكن يمكن تبريره لدى من له عقل مجنون، ولكن قتل من جاء لمساعدة أطفالنا ليس أمرا مفهوما حتى في دماغ مجنون. إن قتل العمل الانساني يوسع حدود الجنون فحتى في النزاعات الأكثر دموية، يحترم المقاتلون الصليب الأحمر. فإلى أين نحن متجهون؟ إلى جهنم؟ نحن أصلا فيها.
إن الحق إلى جانب العمال الاجتماعيين يقول لا بورت، وإذا أردنا تغيير العالم علينا ألا ننتظر جوستان (رئيس الحكومة الكندية) ولا باراك ولا بوتين...وحدهم الناس الوديعون الطيبون قادرون على ذلك.
كان يجب وقوع مجزرة ضد العمال الانسانيين حتى يتصدروا العناوين بينما إنجازاتهم الرائعة كافية وحدها كي نتحدث عنهم كل يومن خلال حياتهم لا موتهم. ولو تحدثنا عن العمال الاجتماعيين بقدر ما تحدثنا عن القتلة لكانت الأمور أفضل على الأرض، يختم ستيفان لا بورت مقالته في صحيفة "لا بريس".

في عام 2013 حذر صندوق النقد الدولي من أن التفاوت في الثروات يلقي "بظلال قاتمة" على الاقتصاد العالمي، والعام الماضي ذهب الرئيس الأميركي باراك أوباما أبعد من ذلك بقوله إن هذا التفاوت أصبح "تحدي عصرنا"، كتب بول جورنيه في صحيفة "لا بريس" الصادرة في مونتريال.
وماذا بعد ذلك؟ بعد ذلك ما من أفعال هامة تستحق الذكر، يقول جورنيه في مقال بعنوان "التفاوت الفاحش". وفي الوقائع الهوة بين الفقراء والأغنياء تتسع أكثر فأكثر كما أفادت منظمة "أوكسفام" الدولية للإغاثة في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد مؤخراً في دافوس في سويسرا.
فالثروات التي يملكها 1% من السكان الأكثر ثراءً في العالم باتت تفوق ما يملكه الـ99% الباقون من السكان، وما يملكه الـ62 شخصاً الأكثر ثراءً يفوق ما يملكه النصف الأفقر من سكان العالم أجمع، حسب "أوكسفام".
التفاوت ليس سحيقاً فقط بل فاحش، يقول كاتب العمود في "لا بريس".
طبعاً هناك بعض الأخبار الجيدة. فالتفاوت بين الدول يتقلص، وبصورة عامة البؤس يتراجع. ومنذ عام 1990 تراجع معدل وفيات الرُضع والفقر المدقع بمعدل النصف. لكن هذا التقدم ليس متساوياً، وهو عائد بصورة خاصة إلى التقدم الذي أحرزته في هذه المجالات كل من الصين والهند، يقول جورنيه.
كما أن هذا التقدم يحتاج للكثير ليصبح كافياً. فالبنك الدولي يحدد "الفقر المدقع" بدخل يومي دون عتبة الـ1,9 دولار أميركي، ما يعني أن من يبلغ دخله اليومي دولاريْن ليس في حالة "الفقر المدقع" كما هي محددة وإن كان لا يزال في حالة بؤس يقول جورنيه.
لا مفر من التفاوتات، وهي ليست بالضرورة سيئة بل مقبولة بشرط أن تتحسن أحوال الأكثر فقراً بين سكان العالم وأن يُتاح لهم التقدم، يضيف جورنيه.
ولكن هل هذا ما يحصل؟ قد يختلف الوضع بين بلد وآخر، لكن على صعيد العالم الجواب هو "لا" واضحة، يقول جورنيه. فالمصعد الاجتماعي معطل والفقراء ينالون فتات النمو.
ويضيف الكاتب في هذا الصدد أنه خلال آخر ربع قرن من الزمن لم ينل العشر الأقل ثراءً من سكان الأرض سوى 0,6% من الثروة المنتَجة، ويقول إن هذه الإحصائية قد تكون الأكثر إقلاقاً لأنها تعني أن إنتاج الثروة بالنسبة لهذه الشريحة لا يجدي نفعاً.
إنها قبل كل شيء مشكلة أخلاقية تدفعنا للتفكير في نوع المجتمع الذي نريد العيش فيه. وهي مشكلة اقتصادية أيضاً. التفاوتات ليست شراً ضرورياً لإثراء كوكب الأرض، بل على العكس من ذلك هي تكبح النمو كما أخذ يلاحظ كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يقول جورنيه.
وهذا المنعطف الأيديولوجي الأخير أساسي. لكن رغم ذلك التغييرات بسيطة لأن تحديد المشكلة أسهل من حلها. والأسباب الكبرى معروفة: الأهمية المفرطة التي يأخذها عالم المال، العولمة، الملاذات الضريبية، وروبتة (استخدام الروبوت) الاقتصاد التي تهدد ملايين الوظائف، يضيف جورنيه.
بعد الحرب العالمية الثانية أتاحت البرامج الاقتصادية للدول المتقدمة تقليص التفاوت في مجتمعاتها، وذلك حتى نهاية سبعينيات القرن الفائت. لكن تطبيق هذه الوصفة اليوم ليس بالأمر السهل، فللدول موارد أقل من أجل التحرك، وذلك بسبب النمو الاقتصادي الضعيف والتهرب الضريبي، يقول جورنيه.
ولأن الحل معقد يحتاج للإرادة السياسية. وهذه الإرادة لن تأتي دون "جرعة جيدة من الضغط الشعبي"، يختم بول جورنيه في "لا بريس".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.