طائرة مقاتلة تركية

طائرة مقاتلة تركية
Photo Credit: أ ف ب / إيمراح غوريل

” هل باتت تركيا على مفترق طرق؟ “

نشرت صحيفة لو دوفوار مقالا لأستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة اسطنبول تولغا بيلينير بعنوان: " هل باتت تركيا على مفترق طرق؟ "، يقول فيها:

أعلن وزير الخارجية التركي السبت الفائت أن بلاده قد ترسل قوات برية إلى سوريا بالاشتراك مع السعودية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" بحسب ادعائه. وهذا الإعلان يشكل مفترقا حقيقيا للدبلوماسية التركية ومن شأنه التأثير بعمق على مجرى الحرب في سوريا. ومع إرسال الطائرات السعودية المقاتلة إلى قاعدة أنجرليك التابعة للحلف الأطلسي والقريبة من الحدود السورية يبدو أن التدخل التركي السعودي في سوريا بات أمرا محتملا وهو لا يبشر بالخير.

ويعتبر البروفسور تولغا أنه في حال حصول هذا التدخل فسيكون سابقة في السياسة التركية الخارجية لأنه يتجاوز الخط التوجيهي الذي أقره مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال والرافض لأي تدخل عسكري في نزاعات الشرق الأوسط وستكون أول مرة يتعاون فيها الجيش التركي مع الجيش السعودي في الميدان العسكري .

ويرى تولغا بيلينير أنه منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بزعامة رجب طيب أردوغان عام 2002 أبدت ركيا نزعة متنامية للتدخل في موازين القوى في المنطقة  وقد عززها  باراك أوباما خلال زيارته  الرسمية عام 2009 حيث دعا تركيا أن تكون مثالا للديموقراطية البرلمانية في المنطقة.

ويتابع تولغا بيلينير: إن الثورات العربية دفعت الحكومة التركية إلى الاعتقاد بأنها المناسبة التي لا يجب تفويتها فقد شجعت تركيا تغيير الأنظمة في المنطقة ولم تتردد في دعم الإخوان المسلمين في مصر ودعمت علنا حركة المتمردين في سوريا منذ بدء الأحداث.

لكن الحرب السورية طالت وهي ما زالت مستمرة وظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" قلب كل الحسابات الإستراتيجية، وجاء التدخل الروسي العسكري مؤخرا ليدفع العلاقات الروسية التركية باتجاه أزمة غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب الباردة.

ويرى البروفسور تولغا أنه ليس مبالغا القول إن مستقبل الحرب السورية سيكون حاسما بالنسبة لمستقبل تركيا. فتركيا ما زالت تؤكد أن الأولوية في سوريا تكمن في قلب نظام بشار الأسد كما يجب المحافظة على وحدة سوريا. أي بكلمة أخرى ، الحؤول بأي ثمن دون تمكين أكراد سوريا من الحصول على وضع مماثل لوضع أكراد العراق . من هنا يبدو أن القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" لا يبدو أولوية بالنسبة إلى تركيا بالرغم من ضغوطات حلفائها الغربيين وبالرغم من مسؤولية التنظيم بارتكاب عمليات انتحارية داخل الأراضي التركية.

من هنا، يتابع البروفسور تولغا بيلينير فإن احتمال تدخل تركي (مع أو بدون السعودية) سيكون هدفه الأساسي إضعاف الأكراد وإيقاف تقدم الجيش السوري باتجاه حلب المهمة استراتيجيا لتركيا بسبب وجود أقلية تركية في ضواحيها تحميها تقليديا أنقرة. لكن هذا التدخل ستكون له تداعيات مهمة: أولا ردة فعل عنيفة من قبل روسيا وإيران وثانيا سينظر إلى التدخل على أنه ضد الأكراد ما من شأنه توتير الوضع في جنوب شرق تركيا حيث النزاع مزمن ومستمر بين السلطات وحزب العمال الكردستاني. والنقطة المهمة كذلك تتمحور حول مصير المقاتلين الإسلاميين في سوريا الذين يشكلون قنبلة موقوتة ويشكلون خطرا أكبر على تركيا من خطر بقاء الأسد في السلطة وكذلك دخول اللاجئين المتواصل إلى تركيا ما قد ينقل النزاع إلى شمال الحدود التركية السورية. فهل هذا هو ثمن الخروج عن السياسة التقليدية بعدم التدخل في نزاعات الشرق الأوسط ؟

ويختم أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة اسطنبول تولغا بيلينير مقاله المنشور في صحيفة لو دوفوار: مهما يكن من أمر، فإن الضغط الروسي الآتي من الشمال ورد الفعل الإيراني من الشرق والغليان في الجنوب يضع تركيا أمام خيار واحد: التقارب مع الغرب عبر إعادة تنظيم علاقاتها بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي التي توترت في السنوات القليلة الماضية.

راديو كندا الدولي - صحيفة لو دوفوار.استمعوا

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.