مجموعة مختارة من تعليقات الصحف الكنديّة الصادرة خلال الأسبوع من إعداد وتقديم كلّ من مي ابوصعب وفادي الهاروني وبيار أحمرني.
ذي غلوب اند ميل: الليبراليّون والعجز في الموازنة
تناولت صحيفة ذي غلوب اند ميل في تعليق بقلم كونراد ياكابوسكي العجز في موازنة الحكومة الفدراليّة وأشارت إلى الأسئلة التي تدور حول العجز تتناول حجمه والهدف منه وأيّ مدّة يجب أن تستمرّ.
ومن الصعب الوقوع في العجز لكنّ الخروج منه أصعب بكثير كما ستلاحظه حكومة جوستان ترودو الليبراليّة.
والعجز سيتجاوز كلّ ما توقّعه الليبراليّون خلال الحملة الانتخابيّة وسيجدون أنفسهم عاجزين عن إعادة التوازن إلى الموازنة في غضون أربع سنوات.
والسؤال المطروح اليوم والذي تعجز الاجابة عنه هو إلى مدى تجاوز الليبراليّون العجز الذي توقّعوه وإلى متى سيستمرّ.
وتشير الصحيفة إلى ميل الليبراليّين للإنفاق وتعود بالذاكرة إلى سبعينات القرن الماضي، يوم كان ترودو الأب في السلطة.
وكانت معدّلات التضخّم مرتفعة يومها، في حين هي منخفضة اليوم.
وكانت أسعار النفط مرتفعة جدّا خلافا لما هي عليه اليوم.
ولم تكن الأوضاع الاقتصاديّة في الصين والاتّحاد السوفياتي على ما هي عليه اليوم وكان الوضع الاقتصادي بمجمله مختلفا آنذاك عمّا هو عليه اليوم تقول ذي غلوب اند ميل.
ولا يمكن المقارنة بين المرحلتين إلاّ من جانب واحد، وهو أنّ النموّ كان بطيئا في السبعينات وأدّى إلى تآكل عائدات الحكومة وبالتالي إلى زيادة الانفاق.
ولم تنجح جهود رئيس الحكومة يومها الذي ضخّ الأموال في البرامج الاجتماعيّة والبنى التحتيّة إلاّ في منع تفاقم الأمور.

وساهم الانكماش الاقتصادي في الثمانينات في ارتفاع العجز الذي استمرّ لنحو عقد من الزمن ما ساهم في ارتفاع المديونيّة العامّة لسنوات طويلة.
وتتحدّث ذي غلوب اند ميل عن اسباب عديدة وراء تباطؤ الاقتصاد من بينها ارتفاع عدد المسنّين الذي يزيد من كلفة الخدمات الصحيّة ويحدّ من نموّ ايرادات الحكومة مع تراجع عديد القوى العاملة.
ومن الوهم القول إنّ سياسات بيئيّة أكثر صرامة تكون كلفتها أقلّ. فالفحم والنفط يسيئان للبيئة، ولكنّهما أقلّ مصادر الطاقة تكلفة.
واستبدالهما مكلف على الأرجح، إلاّ إذا استعادت الحكومة الأموال من خلال فرض أعباء إضافيّة على دافعي الضرائب وهو أمر لا يرغب فيه الحزب الليبرالي في اوتاوا ولا الحزب الليبرالي المحلّي في اونتاريو او الحزب الديمقراطي الجديد في البرتا.
وتتابع ذي غلوب اند ميل فتقول إنّ الاقتصاد العالميّ غير مستقرّ إطلاقا واوروبا غارقة في الركود والصين وروسيا تديرهما حكومة استبداديّة.
والعالم العربي غارق في الفوضى السياسيّة والخمول الاقتصادي ، وفي اليابان تتسارع الشيخوخة، والولايات المتّحدة عالقة في قبضة مؤسّسات سياسيّة مهلهلة بسبب انقسامات ايديولوجيّة حادّة ومبالغ خياليّة من المال مستخدمة للتأثير في القرارات.
وتشير الصحيفة إلى أنّ موجات المهاجرين الأخيرة كانت أقلّ نجاحا في الوصول إلى متوسّط الدخل القومي، وأنّ المزيد من المهاجرين يبقون في حالة من الفقر.
والانتاجيّة بطيئة وأبحاث القطاع الخاص والتنمية هي دون المعايير الدوليّة.
وفقدت البلاد القدرة تقريبا على اتّخاذ القرارات حول مشاريع الموارد في الوقت المناسب، وتزيد من تعقيدها قرارات المحاكم ومطالب السكّان الأصليّين واعتراضات دعاة البيئة وتجاهل الخبرات العلميّة والتنظيميّة تقول ذي غلوب اند ميل.
ومن السهل في ظلّ ظروف النمو البطيء تبرير الوقوع في العجز مهما كان ضخما ولكنّ تغيير العادات صعب للغاية تقول الصحيفة في ختام تعليقها.
" أسرار عائلية "
تحت عنوان: " أسرار عائلية " علق المحرر في صحيفة لا بريس إيف بوافير على قضية المخرج السينمائي الشهير في كيبيك كلود جوترا الذي كُشف مؤخرا أنه كان يعتدي جنسيا على الأطفال. قال:
لسنين قليلة خلت لم يكن لسفاح القربى والاعتداءات الجنسية على الأطفال من وجود في كيبيك.. فتلك الأمور كانت ربما تحصل في أماكن بعيدة أو في قصص تخويف الأطفال ولكن ليس هنا.
فلو أن فتاة ما تجرأت وأخبرت والدتها أن جدها أو عمها أو رجل دين اغتصبها كانت توصف في معظم الأحيان بالكذابة وكان يقال لها دائما أن تلزم الصمت. فمجتمعنا لم يكن يريد أن يصدق وقوع مثل تلك الأعمال ، ومن غير المعقول تصديق أن يكون رجل لطيف مهذب قد ارتكب هذه الأعمال.

ويتابع أيف بوافير: إن ما يشهده الوسط الفني في كيبيك منذ حوالي الأسبوع يشبه تلك المواقف. هو مزيج من الكآبة والرعب والحيرة والارتباك . كآبة إزاء تشويه سمعة رجل يكن له عدد كبير من الكيبيكيين الكثير من الاحترام والتقدير . ورعب إزاء ضخامة ما تم كشفه : فالمسألة ليست بين شابين متحابين موافقين على العلاقة الجنسية إنما عن اعتداءات جنسية على اطفال. أما الارتباك فلأن "الكل كانوا يعرفون ذلك" ويعرفون ميل المخرج كلود جوترا إلى الصبيان ولم يكشفوه والكل يحس الآن بأنه ضالع ومتهم. من هنا ما نشهده حاليا من إيماءات وإيحاءات وتنميق كلمات وحتى تشوش فكري من مثل عدم التفريق بين المثلية الجنسية والاعتداء على الأطفال، بهدف طمر هذه الحقيقة ، هذه الأسرار العائلية.
وحتى دار بوريال للنشر التي أطلقت هذه القنبلة في الكتاب الذي نشرته للكاتب إيف لوفي (وتضمن أربع صفحات فقط) للحديث عن هذه الناحية من حياة جوترا، ولكن بدون تفصيل ما يؤكد الارتباك السائد في الأوساط الإعلامية والفنية والفكرية.
ويتساءل إيف بوافير في لا بريس: هل الوسط الفني أكثر تسامحا مع الاعتداءات الجنسية على الأطفال ؟ ربما، لكن ما يهمني في الموضوع هو الميل الشامل للإنكار وعدم التصديق بالرغم من كل الاثباتات والوقائع كمن تعميه قوة النور فيحول نظره عنه حتى يخفف الوجع.
ويتابع بوافير: أنا لا أسعى إلى انتقاد من دافعوا عن جوترا وكانت لهم شجاعة إعلان صداقتهم له ولا أسعى إلى حرق أعماله الفنية إنما إلى تبيان أن قضية جوترا ليست استثنائية إنما مألوفة في عدة أوساط رياضية أو دينية والخطر يكمن في محاولة إقناع الناس أو محاولة إقناع أنفسنا أن هذا المعتدي الجنسي هو أقل ذنبا لكونه رجلا استثنائيا كما لو أن اعتداءه على الأطفال يمكن تخفيفه إزاء صفاته الحميدة الأخرى. وكان الأمر مريحا لو كان المعتدي وحشا يسهل تحديد هويته بالعين المجردة لكن المعتدي الجنسي على الأطفال يمكن أن يكون رجلا لامعا خلاقا من مثل كلود جوترا، يختم إيف بوافير مقاله في صحيفة لا بريس.
الاعتذار من الفرنكوفونيين في أونتاريو "بادرة مرحب بها، لكنها غير كافية"
تناولت كاتبة العمود في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة في مونتريال مانون كورنولييه الاعتذارات الرسمية التي قدمتها يوم الاثنين رئيسة حكومة مقاطعة أونتاريو، كاثلين وين، أمام الجمعية التشريعية للمقاطعة عن قانون صدر عام 1912 مُنع بموجبه تدريس اللغة الفرنسية واستخدامها في كافة المدارس الابتدائية في المقاطعة طيلة 15 عاماً.
هذه الاعتذارات الرسمية عن القانون "السافل" الذي حمل الرقم 17 هي تاريخية وصادقة، لكنها غير كافية، تقول كورنولييه في مقالها بعنوان " بادرة مرحب بها، لكنها غير كافية".
وتضيف كورنولييه أن أمام مقاعد نواب حزب المحافظين المعارض التي كانت فارغة جزئياً وحيث "لمع" زعيم الحزب، باتريك براون، بغيابه، كانت رئيسة حكومة أونتاريو الليبرالية تشير إلى تشبث الناطقين بالفرنسية في مقاطعتها بحقهم في تعلم لغتهم واستخدامها ومقاومتهم للقانون الذي منعهم من ذلك والذي توقف تطبيقه عام 1927 ولم يُلغَ سوى في عام 1944.
أشارت وين إلى مفاعيل القانون قبل أن تنتقل "بسرعة زائدة" للتعبير عن فرحها بما أنجزته أونتاريو منذ إلغائه، تقول كورنولييه.
نعم، حصل تقدم كبير للناطقين بالفرنسية في كبرى المقاطعات الكندية من حيث عدد السكان منذ ذلك الحين، لكن مفاعيل القانون 17 لا تزال ملموسة حتى يومنا هذا، تقول كاتبة العمود في "لو دوفوار".
فالفرنسية لم تعد اللغة الأم سوى لـ 4,4% من سكان أونتاريو وفق الإحصاء السكاني الكندي لعام 2011، فيما كان الناطقون بالفرنسية يشكلون ما بين 8% و10% من سكان المقاطعة في عام 1910.
ولم تقترح رئيسة حكومة أونتاريو شيئاً لوقف تراجع الفرنسية في مقاطعتها، وهو ما أسف له حزب المحافظين والحزب الديمقراطي الجديد، اليساري التوجه، في المقاطعة، تقول كورنولييه.

لا أحد يطلب تعويضات مالية من حكومة أونتاريو، لكن ألم يحن الوقت لإجراء تقييم لصحة الفرنكوفونية في هذه المقاطعة بهدف الكشف عن احتياجاتها وبالتالي توفير الدينامية لها ومستلزمات النمو كي لا تظل سائرة على طريق الذوبان؟ فالفرنكوفونية في أونتاريو لم تزل بحاجة لكثير من العمل، حتى في مجال التعليم، تقول كورنولييه.
صحيح أن قوانين المقاطعة تعترف بالمدارس التي تدرّس بالفرنسية في المرحلتيْن الابتدائية والثانوية منذ عام 1969، وأن الناطقين بالفرنسية هم من يقوم الآن بإدارة هذه المدارس بفضل حكم صادر عام 1990 عن محكمة كندا العليا، أعلى سلطة قضائية في البلاد. وصحيح أيضاً أن بإمكان الناطقين بالفرنسية متابعة دروسهم في معهديْن يدرّسان بهذه اللغة، وأن ثمانٍ من جامعات أونتاريو هي إما ثنائية اللغة، على حد ما تقوله هذه الجامعات، أو أنها تقدم برامج بالفرنسية، تضيف كورنولييه.
لكن هناك ثغرات، ترى كاتبة العمود في "لو دوفوار". وأحد الأمثلة على ذلك هو جامعة أوتاوا التي "تتباهى" بأنها حاصلة على تسمية مؤسسة "ثنائية اللغة" بموجب قانون الخدمات باللغة الفرنسية. لكن هذه التسمية "محدودة" النطاق لأنها لا تنطبق على الدراسات في مرحلتيْ الماجستير والدكتوراه ولا على كليتيْ العلوم والهندسة في الجامعة المذكورة، تشير كورنولييه.
ولهذا السبب، تضيف كورنولييه، يطالب كل من "التجمع الطالبي الفرنكو أونتاري" (Regroupement étudiant franco-ontarien) و"جمعية الفرنكوفونية في أونتاريو" (L'Assemblée de la francophonie de l'Ontario) و"اتحاد الشبيبة الفرنكو أونتارية" (Fédération de la jeunesse franco-ontarienne) بإنشاء جامعة تدرّس بالفرنسية وبإدارة ناطقين بالفرنسية في منطقة تورونتو.
قبل 30 سنة أقرت حكومة أونتاريو قانوناً حول الخدمات باللغة الفرنسية. هل لا يزال هذا القانون ملائماً للواقع الحالي؟ إضافة إلى ذلك، لا تشمل إلزامية توفير الخدمات بلغتي كندا الرسميتيْن، الإنكليزية والفرنسية، البلديات ولا خدمات الصحة ورعاية الطفولة. وكيف يمكن تبرير رفض بلدية أوتاوا، العاصمة الفدرالية التي يشكل فيها الناطقون بالفرنسية 15% من السكان، بأن تعلن أنها ثنائية اللغة بصورة رسمية؟ تتساءل كورنولييه.
وتختم كورنولييه بالقول إنه لولا القانون 17 وتبعاته لكان الوزن السياسي للناطقين بالفرنسية في أونتاريو أهم مما هو عليه اليوم، وإن على نواب المقاطعة تصحيح هذا "الظلم التاريخي" من خلال توفير الدعم اللازم لإنجاز تنمية المؤسسات الفرنكوفونية وتأمين خدمات فعالة باللغة الفرنسية.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.