نشرت صحيفة لو دوفوار مقالا لمحلل السياسة الدولية في راديو كندا، فرانسوا بروسو، تحت عنوان: " هدية لبشار " يقول فيه:
استعادة مدينة تدمر الأثرية في وسط سورية تشكل هدية رائعة لبشار الأسد، هدية قدمها حزب الله وكادرات حراس الثورة الإيرانية وبخاصة الجيش الروسي الذي ما زال موجودا في سوريا على الأرض كما في الجو، بالرغم من إعلان انسحاب الروس الكاذب منذ أسبوعين. فالقصف الكثيف الذي قامت به مقاتلات الميغ والسوخوي والمروحيات الروسية قلب ميزان القوى ضد بضعة آلاف من مقاتلي الشر المسمين بتنظيم "الدولة الإسلامية" .
ويتابع فرانسوا بروسو: كل تلك القوى وضعت ثقلها لدعم الجيش السوري المنهار، ليس فقط لأهمية المدينة الإستراتيجية إنما أيضا، وربما خاصة، لكون ذلك يشكل فرصة بروباغندا وعلاقات عامة لإعادة تأهيل النظام على الصعيد الدولي. إن استعادة تدمر هي نزع مركز تاريخي من أيدي الإسلاميين البرابرة الذين أثاروا رعب مثقفي دول الشمال جراء حقدهم على الثقافة وتدميرهم آثارا مهمة أكثر من التصفيات الجسدية التي نفذوها أو اضطهاداتهم المريضة.
ويستدرك فرانسوا بروسو في لو دوفوار: لكن يجب ألا ننسى أيضا أن تدمر كانت موقعا لأحد أشهر سجون نطام الأسد ( الأب والإبن) ، وأحد أهم مراكز التعذيب تمتلكها ديكتاتورية يقارب عمر استمرارها الخمسين عاما.
وتدمر كانت أيضا مسرحا للتمرد منذ العام 2011 ضد تعسف النظام وسقطت يومها بيد المعارضة الديموقراطية قبل أن يسترجعها النظام الذي اضطر بعد ثلاث سنوات إلى الانسحاب منها وتسليمها إلى "الدولة الإسلامية" بدون مقاومة تذكر.
ويتابع فرانسوا بروسو:
في هذه الحرب الوحشية الدائرة بين "الأشرار والأشرار" تسبب المنتصرون بسقوط ضحايا توازي خمسة أضعاف أو عشرة أضعاف أو خمسة عشر ضعفا عدد الضحايا التي تسبب بها كل جهاديي سوريا والعراق مجتمعين. لكن ذلك يبدو ليس مهما فالعدو العالمي والخطر الكوني اليوم هم المسلمون المتطرفون وليس الديكتاتورية مهما كانت دموية، التي هيمنت على اثنين وعشرين مليون نسمة . فحافظ وبشار الأسد لم يهددا الغرب بصورة مباشرة عبر دعمهم لإرهابيين إنما "الدولة الإسلامية" فعلت ذلك. وهذا المنطق، الذي قد ينقذ الأسد قريبا، ينسينا أن تصلب النظام وتعنته وقوات أمنه وأجهزة مخابراته في مواجهة الربيع العربي تسببت بنزوح ملايين السوريين إلى لبنان والأردن وتركيا وعلى دروب أوروبا التي تقفل شيئا فشيئا.
وماذا الآن؟ الأوروبيون والأميركيون الذين لم يكونوا أكثر من كومبارس أو مشاهدين أمام المأساة، يشهدون اليوم ربما بداية مخرج، بدونهم، للنزاع في سوريا. وهم، جراء العمليات الإرهابية التي تعرضوا لها والتي يخافون من تكرارها، مستعدون لدعم أي حل من شأنه إضعاف الجهاديين.
ويستدرك فرانسوا بروسو: لكن استرجاع مدينة تدمر على ايدي القوات الموالية للنظام، يترك للجهاديين المريضين "عاصمتهم" الرقة، وعلى الطرف الآخر من الحدود، الموصل التي ما زالت بيدهم ولا أحد يمكنه التنبؤ بسقوطها.
ويبقى أن العلاقة بين انهزام التنظيم على أرضه والهجمات الإرهابية في أوروبا وغيرها ربما، هي غير واضحة فتراجع هناك قد يؤدي إلى هروب دام للأمام في أماكن أخرى، وبالرغم من سخرية الأسد، فالحرب لم تنتهِ، يخلص فرانسوا بروسو مقالته المنشورة في صحيفة لو دوفوار.
راديو كندا الدولي – صحيفة لو دوفوار.استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.