"عين على القطب الشمالي" Eye on the arctic برنامج تعدّه زميلتنا في راديو كندا الدولي ايليش كوين التي قامت منذ أسابيع بزيارة لإقليم نونافوت في الشمال الكندي الكبير في إطار الأخبار والتقارير التي تعدّها للبرنامج.
والاهتمام بالقطب الشمالي يزداد منذ فترة لا سيّما في ظلّ ما يُثار حول انكماش طبقة الجليد وتسارع ذوبانه بصورة مقلقة.
تقول الزميلة ايليش كوين في مستهلّ حديثي معها إنّ برنامج "عين على القطب الشمالي" برنامج ضخم أطلقه راديو كندا الدولي قبل ستّ سنوات للتعريف بما يجري في هذه المنطقة من العالم وتتتابع بالقول:
التغييرات المناخيّة تؤثّر على العالم كلّه ولكنّها أدّت إلى أمور أخرى. فهنالك صناعات تتّجه نحو الشمال القطبي و السكّان الأصليّون يتعرّضون إلى المزيد من الضغوط من الخارج.
ولهذا السبب أردنا أن نروي قصص الشمال الكندي بالتعاون مع هيئات إعلاميّة من دول المنطقة القطبيّة، من روسيا وفنلندا والنروج وألاسكا.
ويتمّ نشر كلّ الأخبار عبر موقع البرنامج على الانترنت الذي يوفّر للجميع في كلّ أنحاء العالم إمكانيّة الاطّلاع على ما يجري وكيف تتعاون دول الشمال في ما بينها لمواجهة المشاكل الكثيرة في المنطقة القطبيّة.
وتشير ايليش كوين على سبيل المثال إلى المشاكل الصحيّة التي يعانيها السكّان الأصليّون في كندا وفي روسيّا و كيفيّة مواجهتهم لها وتتابع قائلة:
نحن نخلق روابط وحوارات. والمثير في الأمر أنّه في كلّ مرّة ننشر فيها خبرا ما، تَردُنا أجوبة وتعليقات من خبراء وزعماء في مناطق أخرى حول العالم يتحدّثون عن مقاربتهم لهذه المشاكل الموجودة أيضا في مجتمعاتهم.
كما تكثر التعليقات حول هذه الأخبار على وسائط التواصل الاجتماعي، ونسعى من خلال البرنامج لإنشاء مجموعة من الأشخاص من أبناء القطب الشمالي ومن المهتمّين به على حدّ سواء.
وتتابع الصحافيّة في راديو كندا الدولي ايليش كوين فتقول إنّ القطب الشمالي فسيح للغاية والسفر إليه عالي الكلفة ووجدنا في برنامج "عين على القطب الشمالي" مساحة يمكن للجميع التواصل من خلالها وتبادل الخبرات والآراء والاستماع إلى آراء الاختصاصيّين في شؤون القطب بمختلف أبعادها وتضيف:
الأمر ليس محصورا بأناس من القطب الشمالي بل هنالك أيضا أشخاص من الشرق الأوسط يتبادلون الأخبار بشأن التغييرات المناخيّة في بلدانهم ومهتمّون بما يجري في القطب الشمالي وبالمضاعفات التي يتركها التغيير المناخي في منطقتهم.
وهنالك ايضا الهند التي تهتّم هي الأخرى بالتغييرات المناخيّة في القطب الشمالي ومضاعفاتها على شبه القارّة الهنديّة.
باختصار تقول ايليش كوين، الحوار شامل و الرحلة التي قمنا بها إلى إقليم نونافوت برفقة المصوّر لوك روبيدا كانت شيّقة ومفيدة في آن.
وأشارت إلى أنّها عملت على ملف التغييرات المناخيّة لناحية تأثيره على ثقافة الصيد لدى الاينويت من ابناء السكّان الأصليّين في الشمال الكندي الكبير وعن تعاونهم مع الخبراء على هذا الصعيد وأضافت قائلة:
غالبا ما نسمع من العلماء من جنوب القطب عن التغييرات المناخيّة وقلّما نسمع عن دور السكّان الأصليّين في تعريفنا بها وبالحلول الممكنة لها.
وقد بحثنا فضلا عن ذلك في العديد من المسائل الاجتماعيّة ومن بينها على سبيل المثال كلّ ما يتعلّق بالمدارس الداخليّة التي كانت إلزاميّة لأبناء السكّان الأصليّين بهدف إبعادهم عن ثقافة أهلهم وإدماجهم في مجتمع البيض حسب السياسة التي اتّبعتها الحكومات المتتالية خلال تلك الفترة.
وتركت هذه الحقبة مضاعفات نفسيّة وجسديّة عديدة على السكّان الأصليّين وعلى طريقة عيشهم.
وتضيف ايليش كوين أنّ معدّلات الانتحار في أوساط السكّان الأصليّين توازي عشرة أضعاف ما هي عليه لدى باقي الكنديّين.
و قد حاولت إلقاء الضوء على هذه المشاكل وأيضا على الحلول التي يسعى إليها السكّان الأصليّون والحكومة الفدراليّة على حدّ سواء.
وتابعت ايليش كوين تقول ردّا على سؤالي إنّ الحكومة الليبراليّة برئاسة جوستان ترودو وضعت قضايا السكّان الأصليّين في أولويّاتها.
والسكّان الأصليّون من قبيلة الاينويت مرتاحون لهذا التحوّل في سياسة الحكومة ولكنّ المسألة في رأيهم هي أبعد من برامج التمويل وتتعلّق بثقافتهم المختلفة عن ثقافة البيض.
وهم يعتقدون أنّ لديهم الحلول الخاصّة بهم لمشاكلهم وهم أدرى بها، ولديهم تسمية في لغتهم للبيض كما تقول ايليش كوين وتضيف:
كابلونات تعني بلغة الاينويت الانسان الأبيض ومن الممكن أن يكون من أيّ مكان، من الهند او سواها، وهو كلّ من لا ينتمي إلى قبيلة الاينويت وثقافة الاينويت.
والعاملون في مجال الصحّة العقليّة يتعاطفون مع الاينويت ولكنّهم يجهلون ثقافتهم وهم في نونافوت في إطار عقد عمل قصير الأمد.
وتتحدّث الصحافيّة في راديو كندا الدولي ايليش كوين عن الحياة اليوميّة في الشمال الكندي الكبير فتقول إنّ أعدادا قليلة جدّا من السكّان تعيش في مساحات شاسعة.
والقرى بعيدة عن بعضها البعض وليس من طرقات تربط في ما بينها ووسيلة التنقّل الوحيدة هي الطائرة.
وعندما تذوب الثلوج والجليد خلال فصلي الربيع والصيف تبدأ حركة البواخر التي تحمل الآليّات والسيّارات لقرى المنطقة.
والناس يعيشون في عزلة وفي ظروف مناخيّة صعبة و يعتاشون على الصيد ولدى كلّ عائلة صيّاد على الأٌقلّ يخرج لصيد الفقمة وحيوان الرنّة أي الكاريبو.
والخروج للصيد ليس نزهة بل طريقة عيش واستمراريّة. ورغم أنّ مدارس المنطقة تتبع النهج الدراسي الكندي إلاّ أنّ ثمّة حاجات مختلفة في الشمال القطبي.
ويرغب الاينويت في تغيير مواعيد العطلة المدرسيّة لتتناسب مع موسم الصيد.
وتتابع فتقول إنّ الصيّادين يحتفظون بغلّة الصيد من دببة وفقمات وأسماك وحيتان وكاريبو أمام منازلهم ويأكلون منها طوال فترات السنة الباقية بعد انتهاء موسم الصيد.
وتتابع ايليش كوين مشيرة إلى الأجواء التي كانت تسود القطب خلال وجودها في نيسان ابريل في نونافوت:
خلال الشتاء يسود الظلام طوال أربع وعشرين ساعة على عكس الصيف حيث يستمرّ النهار طوال أربع وعشرين ساعة.
وعندما كنّا هنالك بدأ النهار يطول اكثر وأكثر. وعندما وصلنا كانت الشمس تُشرق في ساعة متأخّرة وتغيب باكرا.
واصبحت الأيّام اطول لدى مغادرتنا المنطقة ما يعني أنّنا كنّا في مرحلة انتقاليّة على صعيد الليل والنهار تقول ايليش كوين.
ويحتفل الاينويت بعودة الشمس وعودة دورة أخرى من الحياة يخرجون خلالها من منازلهم.
وتشير إلى أنّ عودة فريق الاذاعة تأخّرت لأنّ حركة المطار توقّفت بصورة كليّة بسبب عاصفة ثلجيّة هوجاء مصحوبة برياح قويّة تسبّبت بانعدام الرؤية بصورة كليّة.
وأقفلت المدارس ابوابها طوال أسبوع وفرغت المتاجر من بعض محتوياتها بسبب توقّف حركة شحن البضائع والمأكولات نحو المنطقة.
وتقول الصحافيّة في راديو كندا الدولي ومعدّة برنامج "عين على القطب الشمالي" ايليش كوين في ختام حديثي معها إنّها تستمتع في كلّ مرّة تزور فيها الشمال الكندي لأنّها في كلّ مرّة تعيش تجربة غنيّة مختلفة عن سابقاتها.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.