اهتمّت صحيفة ذي ناشونال بوست بمصير الأشوريّين في العراق وكتب تيري غلافن تعليقا يشير فيه إلى أنّ مصير الأشوريّين في خطر، وقد طغت عليه معاناة الايزيديّين.
تقول الصحيفة إنّ الأشوريّين هم سكّان بلاد ما بين النهرين مهد الحضارة وأبناء سومر وبابل الذين مضى على وجودهم في المنطقة نحو من خمسة آلاف سنة.
وقد مرّت امبراطوريّة الأشوريّين بمراحل مشرقة وأخرى أقلّ إشراقا في سهول نينوى وعلى ضفاف نهر دجلة في المنطقة العابرة للحدود التي تتشكّل اليوم من سوريّا وتركيّا وايران والعراق.
وتقلّبت أوضاعهم على مدى قرون من جبال القوقاز إلى قبرص ومصر إلى شبه الجزيرة العربيّة.
وتتابع ذي ناشونال بوست فتقول إنّ الأشوريّين كانوا من بين أوائل الشعوب التي اعتنقت المسيحيّة وما زال العديد منهم يتحدّثون بالآراميّة التي كانت لغة المسيح ورسله.
وعانوا من مراحل معادية للمسيحيّة في ظلّ الحكم العثماني وأيضا في ثلاثينات القرن الماضي.
ونجوا من الاضطهاد ومن التطهير العرقي على يد الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين والخمينيّين في ايران.
لكنّ بقاءهم اليوم كشعب متميّز يبدو قاتما تقول الصحيفة.
وتضيف أنّ عددهم تضاءل من نحو مليون ونصف مليون نسمة أواخر القرن العشرين إلى نحو 350 ألف شخص وفق ما أفادت به قبل سنتين مجموعة حقوق الأقليّات الدوليّة.
والعدد تضاءل ربّما اليوم مع استمرار النزاع في سوريّا والأرقام متضاربة بهذا الشأن تقول ذي ناشونال بوست.
ومع استمرار تدمير سوريّا وبصورة خاصّة على يد قوّات الرئيس بشّار الأسد كما تقول الصحيفة وحلفائه الروس والايرانيّين، ومع المعارك الضارية التي يشنّها مقاتلو الدولة الاسلاميّة في العراق وبلاد الشام المعروف إعلاميّا باسم داعش، في الفلوجة والموصل وضواحي بغداد، اضطرّ المزيد من الأشوريّين للنزوح عن ديارهم.
وهم يقيمون في مخيّمات مؤقّتة للنازحين او يهاجرون كلاجئين إلى مختلف أنحاء العالم.
ولكنّ الأشوريّين لم يفقدوا الأمل وقد اكتسبت قضيّة إقامة وطن لهم قدرا من الاهتمام في الآونة الأخيرة تقول ذي ناشونال بوست.
وتنقل الصحيفة عن جوليانا تيمورازي الرئيسة المؤسّسة لمجلس الاغاثة المسيحي العراقي ومقرّه في مدينة شيكاغو أنّ الأمر لا يتعلّق بوطن مستقلّ بل محافظة مستقلّة في ظلّ نظام فدراليّ لامركزيّ في العراق.
والأشوريّون يريدون منطقة مستقلّة وملاذا آمنا ويريدون أن يكونوا قادرين على حماية أنفسهم.
والفكرة ليست مستحيلة كما قد يبدو تقول الصحيفة. والمأزق الأشوري طغت عليه اخبار الأقليّة الايزيديّة غير المسلمة التي تعاني هي الأخرى في المنطقة.
وقد اضطر مئات الآلاف من الايزيديّين للنزوح هربا من جور تنظيم "الدولة الاسلاميّة".
وقد دفعت معاناتهم بدول الغرب إلى تشكيل تحالف لصدّ التنظيم.
وشاركت طائرات أف 18 الكنديّة في الضربات الجويّة ضدّ التنظيم كما يساهم عدد من المدرّبين العسكريّين الكنديّين في تأهيل قوّات البشمركة الكرديّة في شمال العراق.
وجاء دعم الغرب لحكومة إقليم كردستان ووحدات حماية الشعب كنعمة ونقمة للأشوريّين.
فحكومة الاقليم العلمانيّة تؤكّد أنّها تحتضن الأقليّة الأشوريّة لكنّ الأشوريّين يشعرون بالقلق وبانعدام الثقة تقول ذي ناشونال بوست.
فقد سبق أن تخلّى عنهم الأكراد كما حصل مؤخّرا عام 2011عندما اندلعت أعمال شغب ضدّ الأشوريّين في مدينة دهوك بتحريض من حزب كردي تابع لجماعة الاخوان المسلمين.
ووقع الغرب في حيرة من أمره بشأن ولاءات الأشوريّين ومن هو إلى جانبهم مع تنامي الجهاد واستفحال المعارك في سوريّا والعراق.
وتضيف الصحيفة نقلا عن تيمورازي أنّ الأشوريّين وقفوا إلى جانب الأكراد ضدّ الرئيس صدّام حسين منذ ثمانينات القرن الماضي حتّى العام 2003، وأملوا في أن تساعدهم الولايات المتّحدة على استعادة أرضهم وعندما لم يحصل ذلك تغيّرت مشاعرهم إزاءها.
وفي سوريّا، مال زعماء الدين الأشوريّون ورعاياهم إلى معارضة الانتفاضة ضدّ الرئيس الأسد خوفا ممّا قد تؤدّي إليه ومن احتمال تردّد دول حلف الناتو في مساعدتهم في وجه الجهاديّين.
لكنّ البعض منهم تحالف مع ميليشيات كرديّة وعربيّة لمقاتلة قوّات بشّار الأسد وتنظيم "الدولة الاسلاميّة".
وتنقل الصحيفة عن جوليانا تيمورازي قولها إنّ جوهر معضلة الأشوريّين في اضطرابات المنطقة واضح إلى حدّ بعيد. "نحن لا نثق بالعرب ولا نثق بالأكراد" قالت جوليانا تيمورازي.
وتختم ذي ناشونال بوست فتنقل عن جوليانا تيمورازي قولها إنّ الأشوريّين ليسوا مجموعة دينيّة فحسب بل هم أقليّة اثنيّة تفقد ثقافتها ولغتها.
ويتعيّن أن ينظر العالم إليهم ليس فقط كمسيحيّين بل كشعب مميّز يجري محوه من الوجود.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.