تشهد الساحة الليبية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 فوضى سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية عارمة مع غياب سلطة واحدة قادرة على الحسم وإعادة ترتيب البيت الداخلي. ودخول تنظيم "الدولة الإسلامية" على خط المواجهة زاد الأمور تعقيدا ومأساوية.
وقد شهدت نهاية الأسبوع الفائت تطورا إيجابيا عزز الآمال بتمكن حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها منذ حوالي ثلاثة أشهر فقط، من قلب المعادلة لمصلحة حل النزاع الدامي.
فقد تمكنت الميليشيات الموالية للنظام، وتحديدا "كتائب مصراتة" الشديدة التسلح والتي تمتلك طائرات مقاتلة ومروحيات، من دخول مدينة سرت الساحلية، أو ما كان يعرف بـ"خليج التحدي" خلال الحرب الباردة بين ليبيا والولايات المتحدة، واحتلال منطقة المرفأ الإستراتيجية بالرغم من مقاومة الجهاديين. وأهمية المدينة الإستراتيجية كونها على شاطئ البحر المتوسط قبالة إيطاليا واليونان غير البعيدتين، ما يهدد أمن أوروبا من احتمال توسع الميليشيات الإسلامية المتطرفة.
يقول الممثل الخاص وقائد قوات الأمم المتحدة في ليبيا مارتان كوبلير في حديث إلى هيئة الإذاعة الكندية إن ليبيا مهمة جدا في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية"، كما في العراق وسوريا، لكونها دولة إفريقية، عربية ومتوسطية تهدد أمن أوروبا. من هنا أهمية إقامة دولة منظمة وفاعلة ويضيف:
"إن ديكتاتورية معمر القذافي خلال اثنين وأربعين عاما خلفت دولة بدون مؤسسات قوية، ودور المجتمع الدولي حاليا والشعب الليبي خاصة، إعادة تشكيل مؤسسات قوية والحصول على دعم المجتمع الدولي لفرض سلطة الدولة على كامل الأراضي الليبية".
وعن معاناة الشعب الليبي اليومية، تقول الباحثة والصحافية هدى مزيوديه في حديث إلى هيئة الإذاعة الكندية:
"المعاناة اليومية للأسف تزداد صعوبة وبعض الميليشيات في شرق ليبيا قررت إقفال آبار النفط ما تسبب بتراجع الإنتاج بنسبة خمسين بالمئة إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وبعض ميليشيات الجنوب هددت منذ بضعة أيام بقطع المياه، لكن الشعب يعيش حياة طبيعية بالرغم من الوضع الاقتصادي المأساوي ما يدفعهم إلى التشاؤم بالنسبة لمستقبل بلادهم وتضيف:
"المشكلة الكبيرة التي تعيق المصالحة الوطنية هي مسألة النازحين في الداخل والبالغ عددهم نصف مليون نازح أو اللاجئين إلى الخارج وبخاصة إلى تونس ومصر وغالبيتهم كانوا من الموالين للقذافي، ما يعمق الانقسام في المجتمع الليبي".
وهذا الانقسام، بحسب المحللين السياسيين، كما يقول الصحافي في راديو كندا ليو كاليندا، سيؤدي، في حال استمراره إلى زوال ليبيا كدولة واحدة موحدة.
يبقى أن الأمل يكمن في توافق مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية على الحل، وفي قدرة الشعب الليبي على تخطي الماضي والحاضر، والتطلع إلى المستقبل.
راديو كندا الدولي – هيئة الإذاعة الكنديةاستمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.