تناول رئيس حكومة أونتاريو الأسبق، بوب راي، الاستفتاء العام الذي يجري غداً الخميس في المملكة المتحدة حول بقائها في الاتحاد الأوروبي في مقالة خاصة بصحيفة "ذي غلوب آند ميل" الكندية أرسلها من لندن.
وإضافة إلى ترؤسه حكومة أونتاريو في النصف الأول من تسعينيات القرن الفائت كزعيم للحزب الديمقراطي الجديد، اليساري التوجه، في كبرى المقاطعات الكندية، انتُخب بوب راي خمس مرات عضواً في مجلس العموم، ثلاث منها تحت راية الحزب الديمقراطي الجديد الفدرالي، في أعوام 1978 و1979 و1980، واثنتان تحت راية الحزب الليبرالي الكندي في عاميْ 2008 و2011، كما تزعم الحزب المذكور لفترة انتقالية دامت سنتيْن وانتهت في نيسان (أبريل) 2013 بانتخاب جوستان ترودو، رئيس الحكومة الفدرالية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، زعيماً للحزب. وعُين راي ناقداً للشؤون الخارجية (وزير خارجية ظل) في الحزب الليبرالي مباشرة بعد فوزه بمقعد في مجلس العموم في انتخابات 2008، وهو يدرّس حالياً في جامعة تورونتو.
يقول راي إن الجدال الدائر في المملكة المتحدة حول بقائها في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه كان مريراً وسلبياً وخلافياً بحدة، وإن الاستفتاء غداً لن يزيل خطوط الانكسار التي اُبرزت بشكل بغيض.
ويضيف راي من العاصمة البريطانية أن الطرفيْن المتواجهيْن لجآ إلى حجج وادعاءات غير مألوفة وأن زعماء الأحزاب السياسية الرئيسية فقدوا ثقة الناخبين.
لا بد أن رئيس الحكومة ديفيد كاميرون اعتقد أن وعده بإجراء استفتاء عام حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي بعد التوصل إلى "عقد جديد" مع هذا الأخير كان سيوحد حزب المحافظين الذي يقوده قبل الانتخابات الأخيرة التي جرت قبل سنة ونيف ويعزز قيادته له. وظن كاميرون أن المعارضة ستكون محصورة برعاع من القوميين الإنكليز الضيّقي الأفق ومن المتطرفين والمعارضين من أقصى اليمين وأقصى اليسار، يقول راي.
لكن ما كان مناورة تكتيكية تحول إلى كابوس استراتيجي. وعندما بدأت الحملة الاستفتائية أعلن عمدة لندن السابق، الشعبوي بوريس جونسون، انضمامه لدعاة الانسحاب، وتبعه عدد مؤثر من الوزراء والنواب، يضيف السياسي الكندي المخضرم في مقالته التي تحمل عنوان "بغض النظر عن نتيجة استفتاء "بريكسيت" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، بريطانيا أصبحت أكثر مرارة".
أما حزب العمال، حزب المعارضة الرسمية في البرلمان البريطاني، وإن كان أقل انقساماً من حزب المحافظين فهو آثر عدم الإكثار من الظهور، واكتفى زعيمه جيريمي كوربين ببضع مقابلات "مبهمة" قال فيها إنه لا يحب الاتحاد الأوروبي كثيراً لكن الخروج منه هو خيار أقل حكمة من البقاء فيه والعمل على تغييره، يلفت راي.

ويرى راي أن "خطوط الصدع العميقة" في بريطانيا بين الذين تحسنت أوضاعهم والذين ساءت أوضاعهم بتأثير من العولمة والخلل الاقتصادي كانت في صلب الجدال، وأن مسألة الهجرة أصبحت للأخيرين المسألة الحاسمة.
الإنكليز الأكبر سناً والأكثر فقراً يشعرون أن حزبيْ العمال والمحافظين تخليا عنهم، فيقومون باستخدام الحملة الاستفتائية لـ"توجيه رسالة"، لكن المشكلة في هذا الاستفتاء هي أنه ينطوي على قرار مصيري ولا يعبر فقط عن مزاج أو حالة معينة، يضيف راي.
ويرى رئيس حكومة أونتاريو الأسبق أن "المشروع الأوروبي" شكل "إنجازاً رائعاً" منذ انطلاقته مطلع خمسينيات القرن الفائت كاتفاقية حول الفحم والصلب جاءت ثمرة تعاون فرنسي ألماني.
ويأخذ راي على دعاة بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي ما يعتبره عدم مواجهتهم "اللغة السلبية والمشاكسة" التي اعتمدها قادة حملة الانسحاب بحملة إيجابية عامة.
ويرى راي أن اغتيال النائبة عن حزب العمال جو كوكس يوم الخميس الفائت وإصدار حزب استقلال المملكة المتحدة (UKIP) المؤيد للانسحاب من الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه ملصقاً دعائياً مثيراً للجدل يصور طوابير من المهاجرين غير البيض في أوروبا تسببا بتراخ في القوة الدافعة لحملة الانسحاب وبتغيير غامض في المزاج العام، ويضيف أن البريطانيين أخذوا ينظرون إلى أنفسهم في المرآة ويتقبلون سوء الطباع والتطرف اللذيْن يغليان ببطء تحت سطح شعبوية السياسة الحديثة.
كما يرى بوب راي أن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون سيدفع ثمناً للسياسة التي اتبعها في ما يتعلق بالاستفتاء حتى وإن انتصر غداً مناصرو بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.