خروج المملكة البريطانية من الاتحاد الأوروبي في أعقاب الاستفتاء، طرح عدة تساؤلات مقلقة حول انعكاساته السلبية على الاقتصاد الأوروبي والعالمي، ومصير الاتحاد الأوروبي، حيث يخشىالمراقبون أن تنتقل العدوى إلى دول أخرى. لكنه أيضا سلط الضوء على فكرة إنشاء كيانات اتحادية وصعوبة استمرارها.
إذ ليس سهلا قيام اتحادات بين دول لا تجمعها سوى الجغرافيا والمصالح الاقتصادية والمبادئ الانسانية بينما تفرق بينها مجموعة من العوامل: فلا لغة مشتركة، ولا مساواة إقتصادية بين الغنية منها والفقيرة، ولا تاريخ مشتركا إلا تاريخ الحروب ولا أنظمة متجانسة بين يمين ويسار ووسط، ناهيك عن أوزان ديموغرافية متباعدة ووجود دولي غير متكافئ.
لكن الحاجة أم الاختراع . فبعد حربين عالميتين في أقل من نصف قرن، دمرتا أوروبا، كان لا بد من إيجاد وسيلة تحول دون وقوع حروب أخرى وتعمل على توحيد القارة العجوز، وهو هدف طالما سعى إلى تحقيقه كبار المفكرين والسياسيين والقادة عبر التاريخ ، بالحرب تارة، كما هتلر وموسوليني، وبالسلم طورا كما كونراد أديناور وروبرت شومان ووينستون تشرشل وجان مونيه.
البداية كانت متواضعة: تأسيس الجماعة الأوروبية للفحم والصلب عام 1951 ( إتفاقية باريس) على يد ست دول: ألمانيا الغربية، فرنسا، بلجيكا إيطاليا، اللوكسمبورغ وهولندا، التي شكلت نواة الاتحاد الأوروبي لاحقا وأسست عام 1957 السوق الأوروبية المشتركة والجماعة الأوروبية للطاقة النووية. ( اتفاقيتا روما)
والدول الست، التي باتت اليوم ثمان وعشرين، قبل خروج بريطانيا، بدأت بالانفتاح على الآخرين وشهدت سبع موجات انضمام دول أخرى، كانت بريطانيا أولها بالرغم من كونها ظلت، حتى انضمامها عام 73 إلى الاتحاد الأوروبي، تستبعد كل فكرة دمج أوروبي يفقدها سيادتها وعلاقاتها مع الدول التي كانت خاضعة لإمبراطوريتها وعلاقاتها المميزة مع الولايات المتحدة، وبالرغم من معارضة فرنسا ديغول مرتين على دخولها الاتحاد.
وكرت سبحة الانضمام والاتفاقات:
1962: أول تفاهم حول السياسة الزراعية
1968: تحقيق الوحدة الجمركية بين الدول الست
1973: من ست دول إلى تسع بعد انضمام بريطانيا وإيرلندا والدانمارك
1985 : الدول المؤسسة توقع على اتفاقية في شنغين ( وتحمل الاتفاقية الاسم نفسه) لإلغاء الحدود تدريجيا في ما بينها لم تدخل حيز التنفيذ قبل العام 1995
1992 : التوقيع على اتفاقية ماستريخت التي أسست الاتحاد الأوروبي
الأول من كانون الثاني – يناير 1999: الأورو يصبح العملة الموحدة لإحدى عشرة دولة أوروبية سرعان ما انضمت إليه عدة دول أخرى بينما حافظت بريطانيا على عملتها الأصلية: السترلينغ.
2013 : دخول كرواتيا الاتحاد ليصبح عدد أعضائه ثمانية وعشرين بلدا وخمس دول لها صفة المرشح للدخول بينها تركيا، ويتعدى عدد سكانه الخمسمئة مليون نسمة، فيصبح ثالث أكبر مجموعة ديموغرافية بعد الصين والهند.
فهل يكون الموعد التالي عودة بريطانيا إلى الاتحاد، أو خروج دولة أخرى منه؟
راديو كندا الدولياستمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.