أعلنت الحكومة الفرنسيّة الحداد ثلاثة أيّام إثر الهجوم الانتحاري الذي وقع في مدينة نيس جنوب فرنسا ليلة الاحتفال بالعيد الوطني.
فقد دهس سائق شاحنة حشدا من الناس، من فرنسيّين وأجانب وسيّاح تجمّعوا على جادّة "برومناد ديزانغلي" لمشاهدة الالعاب الناريّة.
وأوقع الهجوم 84 قتيلا على الأقلّ، من بينهم عدد من الأطفال ونحوا من 200 جريح، بعضهم في حالة الخطر.
والهجوم الانتحاري هو الثالث الذي يستهدف فرنسا بعد هجوم استهدف مجلّة شارلي ابدو في كانون الثاني يناير 2015 وهجمات باريس التي استهدفت مقاه ومسرح باتاكلان في نوفمبر تشرين الثاني الفائت.
يقول ستيفان برتوميه الاختصاصي في شؤون الارهاب في حديث لتلفزيون راديو كندا إنّ الحكومة الفرنسيّة اتّخذت اجراءات مكثّفة منذ هجمات باريس ولكنّ الظروف تتخطّى أحيانا الوسائل المتوفّرة لمواجهة ما يجري ويضيف:
هنالك موجة من الاعمال يقوم بها أشخاص هم مواطنون في يوم من الأيّام وإرهابيّون في اليوم التالي، في إطار تلقين ايديولوجي مستمرّ منذ عشرات السنين.
وظروف القيام بالعمليّات الإرهابيّة تطوّرت عمّا كانت عليه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حيث كانت هنالك شبكات منظّمة في هيكليّة هرميّة ولها قياداتها كما يقول برتوميه ويتابع قائلا:
تطوّرت الأمور باتّجاه نوع آخر من الشبكات، وبتنا نشهد حتّى عمليّات يقوم بها أشخاص يتّخذون قرار التنفيذ بين ليلة وضحاها.
ويتابع الخبير في شؤون الارهاب ستيفان برتومي فيشير إلى أنّ تساهل الحكومات المتتالية أدّى إلى الوضع السياسي الراهن الذي أصبح يتخطّى الوسائل الممكن توفيرها لمواجهته.
وكان المدّعي العام الفرنسي فرانسوا مولانس قد كشف بأنّ منفّذ الهجوم هو محمّد لحويج بوهلال من مواليد تونس ويحمل الجنسيّة التونسيّة ويقيم في مدينة نيس وتحقّق الشرطة في احتمال ارتباطه بتنظيمات إرهابيّة.
وهو متزوّج وله ثلاثة أولاد ومعروف من الشرطة الفرنسيّة في جرائم جنائيّة.
يقول ستيفان برتومي إنّه من غير المعروف بعد ما إذا كان بوهلال مرتبطا بتنظيم ارهابي ام لا ويضيف:
يسهل على الأشخاص الذين لديهم ماض إجرامي الانتقال إلى مرحلة تنفيذ هجوم إرهابي، ويصبح تصوّر الأمر اقلّ صعوبة بالنسبة لهم.
وثمّة سؤال بالغ الأهميّة ينبغي طرحه على السلطات الفرنسيّة يقول ستيفان برتوميه.
فمنفّذ الهجوم محكوم بالسجن لستّة أشهر مع وقف التنفيذ منذ شهر آذار مارس الماضي ، وأمكنه بالأمس الوصول بشاحنة إلى مدينة نيس لتنفيذ العمليّة الارهابيّة يقول برتوميه ويضيف:
خلال العشرين سنة الماضية، لم يكن القضاء الفرنسي الذي يصفه البعض بالمتساهل والسهل، على قدر التحدّيات الأمنيّة ولم يضع نظاما متماسكا رغم الاصلاحات العديدة التي جرت.
ويؤكّد برتومي على أهميّة اعادة تأهيل السجناء وسجنهم في ظروف جيّدة وإعادة انخراطهم في المجتمع للتخفيف من فرص انجرافهم نحو الجريمة والعنف والارهاب.
وعن توقيف زوجة بوهلال السابقة يقول ستيفان برتومي إنّه امر طبيعي في إطار التحقيق الذي يجري بشأن الهجوم الارهابي .
ففي هذه الحالات، يتمّ توقيف معظم المقرّبين من منفّذ الهجوم وكلّ الذين هم على علاقة مباشرة به بصورة مؤقّتة وهو إجراء ينصّ عليه القانون ويهدف لحماية المواطنين ويضيف:
التوقيف المؤقّت يضمن للموقوف حقوقه والحقّ في الحصول على طبيب ومحام وسواه، والاجراء يتمّ بصورة تلقائيّة وليست الشرطة من يقرّر توقيف الشخص واستجوابه.
ويشير الاختصاصي في شؤون الارهاب ستيفان برتومي في حديثه لتلفزيون راديو كندا إلى أنّ التحقيق ما زال في بدايته ولكنّه أمكن لبوهلال أن ينفّذ هجومه ويضيف:
المفارقة اليوم بالنسبة للإرهاب أنّ بإمكان شخص بمفرده و بأقلّ قدر من الامكانيّات وأكبر قدر من المضاعفات. أن يقوم بعمل إرهابي.
وتمكّن ابوهلال بأقلّ قدر ممكن من الامكانيّات أن ينفّذ عمله بصورة فعّالة للغاية.
وهذا ما يزيد من الصعوبة التي تجدها أجهزة الشرطة في مواجهة هذا النوع من الهجمات يقول ستيفان برتومي في ختام حديثه لتلفزيون راديو كندا.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.