الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً مناصريه في اسطنبول يوم السبت الفائت.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً مناصريه في اسطنبول يوم السبت الفائت.
Photo Credit: مراد سيزر / رويترز

من الصحافة الكندية: عجز في الديمقراطية من أنقرة إلى كليفلاند

أعلنت السلطات التركية الخامس عشر من تموز (يوليو) "يوم الديمقراطية"، وذلك في أعقاب المحاولة الانقلابية ليل الجمعة الفائت. لكن هذا الأمر ينطوي على سخرية كبيرة، وكثيرون من بين الأتراك يدركون ذلك. فالديمقراطية حسب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هي قبل أي شيء آخر تلك التي يسعى للتحكم بها من أجل تثبيت نظام رئاسي شبيه بنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقول غي تايفير في مقال له اليوم في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة بالفرنسية في مونتريال.

وإذا كان المواطنون الأتراك في غالبيتهم، وبكافة ميولهم، قد عارضوا بالفطرة محاولة الانقلاب العسكري، إذ رأوا فيها، وعن حق، تراجعاً غير معقول لتطور بلدهم، فإن الكثيرين منهم يدركون أن فشل المحاولة الانقلابية لن يؤدي إلى مزيد من الديمقراطية في تركيا، بل على العكس من ذلك، يضيف تايفير في مقال بعنوان "عجز في الديمقراطية من أنقرة إلى كليفلاند".

الرئيس التركي تعهد يوم الأحد بـ"مواصلة تطهير كل مؤسسات الدولة من الفيروس". وسُجلت حتى الآن عشرات آلاف حالات التوقيف والتسريح داخل المؤسسة العسكرية والنظاميْن القضائي والتربوي، لاسيما في أوساط أتباع الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية، يقول تايفير.

وعملية التطهير ستستمر حتماً، في امتداد لمنطق القمع الذي يستخدمه الرئيس التركي ضد الأكراد ووسائل الإعلام والمثقفين ومثليي الجنس، وضد كل من يجرؤ على معارضته علناً، يضيف كاتب العمود الكندي.

ونددت بالمحاولة الانقلابية كافة الأحزاب في البرلمان التركي، بما فيها تلك التي تعارض بشدة حزب العدالة والتنمية، حزب الرئيس أردوغان. وما من منظمة واحدة من المجتمع المدني قالت ما يمكن أن يشوب الإجماع المندد بالمحاولة الانقلابية. وهذا يدل على أنه لم يعد للجيش، الذي كان يُعتبر حتى الأمس القريب حارساً للوحدة الوطنية ولمبادئ العلمانية، المكانة نفسها في الوعي الجماعي التركي، يرى تايفير، مضيفاً أنه سرعان ما ظهر أن الانقلابيين لم يكونوا سوى أقلية ضئيلة داخل المؤسسة العسكرية.

الروائي التركي أورهان باموق الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2006 (أرشيف).
الروائي التركي أورهان باموق الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2006 (أرشيف). © GI/Ozan Kose

ويشير تايفير إلى أن الروائي التركي أورهان باموق، الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2006، أعرب عن أسفه الشديد، في مقابلة مع صحيفة "زمان" التركية في شباط (فبراير) الفائت، لما اعتبره اتباع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سياسة غض النظر عن انتهاكات حكومة أردوغان حرية التعبير، وذلك حرصاً منهما على المحافظة على علاقات مفيدة مع أنقرة، حسب رأيه.

وهذا غير مرشح للتغيير. صحيح أن العواصم الغربية طالبت أنقرة بعدم إطلاق عملية قمع شاملة، لكن وسائل الإقناع لديها محدودة، كما أنها تعتبر تعاون الحكومة التركية معها في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" المسلح وإيجاد حل لأزمة اللاجئين أمراً جوهرياً، يقول تايفير في "لو دوفوار".

من الصعب عدم الربط بين أنقرة وكليفلاند، بين تدهور آفاق الديمقراطية في تركيا وتنصيب الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة دونالد ترامب مرشحه الرسمي للانتخابات الرئاسية، يضيف تايفير.

فمجريات الأحداث تدفعنا بشدة لإجراء هذا الربط، لأن آمال التقدم الديمقراطي في الولايات المتحدة تواجه تحدي وصول شخص متعجرف وغير متقبل للآخرين إلى سدة الرئاسة، وأردوغان وترامب رجلان سياسيان لا يتركان فسحة للمعارضة والاختلاف بالرأي حولهما، كما أنهما، وهذا أمر مخيف، يتمتعان، وبما لا يقبل الجدل، بشعبية واسعة، يقول تايفير.

وينقل تايفير عن مجلة "لوريان ليتيرير" (L'Orient littéraire) الشهرية الصادرة بالفرنسية في بيروت قولها إن أردوغان وترامب يشكلان نموذجاً لما يصفه علماء الاجتماع بالحاجة لحاكم "مستبد" في مجتمعات حرة ولكن خائفة وبحاجة لنقاط استدلال في مواجهتها أزمات اقتصادية وأمنية وهوياتية.

وما ينطبق على أردوغان وترامب ينطبق أيضاً على رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي، وطبعاً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما نراه في صعود اليمين المتطرف في أوروبا، يختم غي تايفير في "لو دوفوار".

استمعوا
فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.