القبّعات الزرقاء في العصر الجديد عنوان تعليق بقلم جان كلود لوكليرك أستاذ الصحافة في جامعة مونتريال في صحيفة لودوفوار، يتناول موقف الحكومة الكنديّة من جنود السلام الدوليّين.
تقول الصحيفة إنّه بعد خمس عشرة سنة على الحرب الوقائيّة، لم يتحقّق السلام في الشرق الأوسط بل ازدادت حالة الفوضى، من مجازر وتهجير وإرهاب وصلت حتّى إلى اوروبا واميركا.
ثمّة فظائع في العديد من الدول الإفريقيّة تزيد من تزعزع استقرارها ومن انتهاكات حقوق الانسان فيها.
وتتساءل الصحيفة عمّا إذا كان سيتمّ وقف تهريب السلاح وتجيب بأنّ اوتاوا تريد بيع آليّات مصفّحة وتريد العودة إلى القبّعات الزرقاء.
وتتابع لودوفوار فتشير إلى جولة افريقيّة لوزير الدفاع الكندي هارجيت سجّان اكّد خلالها أنّ القبّعات الزرقاء لن تقوم "بمهمّات حفظ السلام" كما في السابق بل بمهمّات "دعم السلام".
ونفهم من ذلك أنّ هذه القوّات تقدّم النصح للقوّات المحليّة وتحمي نفسها في الوقت عينه من المتمرّدين.
باختصار، فإنّ ذلك لا يعني حماية سلام غير موجود بل التدخّل في حروب داخليّة.
والأمر مختلف تماما عن طبيعة مهمّات المراقبة الدوليّة على غرار تلك التي ما زالت موجودة في سيناء تقول لودوفوار.
وما زالت الأمم المتّحدة تدعم قوّات من دول أجنبيّة ومجاورة تساند قوّات محليّة في دول غارقة في صراعاتها الداخليّة.

والأمثلة على ذلك موجودة في جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة ومالي وجمهوريّة افريقيا الوسطى.
وقد نشر انطوني بانبوري في صحيفة نيويورك تايمز تقارير مقلقة حول الوضع في الدول الثلاث.
والأمم المتّحدة غارقة في اوحال مالي وقد أضافت 2300 جندي إلى قوّاتها وارتفعت خسائرها من الجنود إلى مئة وجندي.
وتنقل لودوفوار عن والتر دورن الخبير في المعهد الملكي العسكري في كندا قوله إنّ بإمكان كندا أن تنشر ما بين سبعمئة إلى ثمانمئة جندي في مالي.
والجنود الكنديّون اكتسبوا الخبرة من خلال مشاركتهم في المهمّة الدوليّة في أفعانستان.
ولكنّه لا يمكن أن نتوقّع إن كانت المهمّة ستكون "لمكافحة الارهاب" او "لمكافحة التمرّد".
ولم تكن مالي ولا جمهوريّة الكونغو مدرجتين على قائمة الدول التي يزورها وزير الدفاع الكندي، ولكنّ الوزارة هي بصدد تقييم الانضمام إلى القوّات الدوليّة حسبما أفادت مراجع لصحيفة ذي غلوب اند ميل.
وسوف يقوم وزير الدفاع بزيارة لجمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة، وهي دولة شارك جنودها في قوّات الاتّحاد الإفريقي لحفظ السلام في جمهوريّة الكونغو.
وحلّت القوّات الدوليّة مكان هذه القوّات عام 2014، ولكنّ الصحافي انطوني بانبوري من صحيفة ذي نيويورك تايمز يأخذ عليها أنّها أبقت القوّات الإفريقيّة وجنود جمهوريّة الكونغو رغم تقارير تحدّثت عن انتهاكات لحقوق الانسان ارتكبتها هذه القوّات.
وتتابع لودوفوار فتقول إنّ اوتاوا لم تحصل بعد على تقرير حول الجولة الإفريقيّة.
ولكنّ الانتقادات بدأت تظهر ليس من قبل أحزاب المعارضة في البرلمان فحسب وإنّما أيضا من قبل خبراء في حفظ السلام.
فالبعض منهم يرى أنّ فكرة قوّة من هذا القبيل أصبحت بالية لأنّه لم يعد هنالك سلام لنحفظه.
والبعض الآخر يرى أنّ الصراعات داخليّة ولا يمكن بالتالي نشر مراقبين محايدين او مسالمين.
وثمّة من يرى أخيرا أنّ على اوتاوا أن تهتمّ بمصالح البلاد وليس بالحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي.

وترى لودوفوار أنّ قوّات دوليّة يطالب بها نظام قمعي لن ترفع من سمعة كندا لدى ضحايا هذا النظام.
والكنديّون لا يعجبهم رؤية جنودهم يُقتلون او يُحتجزون كرهائن. وسوف يغضبون إن عمل إرهابيّون على الانتقام في الداخل الكندي.
وترى الصحيفة أنّ أمام الحكومات الكثير من الوسائل لمساعدة الشعوب المقهورة.
وبدل الحروب الوقائيّة التي تزيد من بؤس المدنيّين، وبدل التدخّل الإنساني الخطير والمضلّل، بإمكان كندا أن تساهم في إنشاء قوّة دوليّة قادرة على إحالة مسبّبي الأزمات ومنتهكي حقوق الإنسان أمام القضاء.
وعلى غرار ما جرى بعد فضيحة أوراق بنما، يمكن الكشف عن المزيد من اللصوص والمحتالين وتجريد المصارف والمؤسّسات المتورّطة، ما قد يدفع بالطغاة إلى التوقّف عن سلب الناس الشرفاء.
وكما اقترح المايجور جنرال الكندي المتقاعد لويس ماكنزي، القائد السابق للقوّات الدوليّة في ساراييفو، يمكن أن تستفيد كافّة وكالات الأمم المتحدّة التي أظهرت القدرة على إنقاذ حياة الناس حول العالم من المبادرة الكنديّة يقول جان كلود لوكليرك في ختام تعليقه في صحيفة لودوفوار.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.