مجموعة مختارة من تعليقات الصحف الكنديّة من إعداد وتقديم مي أبو صعب وفادي الهاروني وبيار أحمراني.
" وجه الحرب في سوريا؟ "
تحت عنوان: " وجه الحرب في سوريا؟ " كتب المحرر في صحيفة لو صولاي الصادرة في كيبيك بيار أسلان يقول:
إن صورة الطفل الملطخ بالدماء والغبار والجالس بهدوء على كرسي ملون في سيارة الإسعاف كسرت عدم اكتراث عالم بات لا مباليا بصور المأساة السورية. وأعلن الناطق بلسان الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي أن الطفل عمران يجسد "الوجه الحقيقي" لهذا النزاع.
ويعلق أسلان قائلا: لا. فإذا كانت هذه الصورة، كما صورة جثة الطفل ألن كردي تجسد بلورة اهتمام العالم فليس لأنها لا تطاق إنما لكونها باتت مقبولة.
فـ"الوجه الحقيقي" للمجزرة التي تمزق سوريا لا يمكن اختصارها هكذا، والصورة الحقيقية ليس بمقدورنا تحملها وليس باستطاعتنا التحديق فيها.
ويستعرض بيار أسلان بعض الأحداث المماثلة التي شهدها النزاع السوري: عام 2011 كانت صورة طفل آخر جسدت لنا، نحن الغربيين، وحشية هذا الصراع. صورة الطفل حمزة الخطيب من درعا الذي سجن وعذب وتم المثيل بجثته على يد أجهزة الأمن التابعة للنظام والتي سلمت لذويه لتكون درسا، في محاولة القضاء على الثورة بالترهيب.
والشهر الماضي، صورة طفل آخر من حلب، عبد الله عيسى، مقطوعة الرأس وهذه المرة على يد إسلاميي حركة نور الدين الزنكي، ومقتله الذي صور على شريط فيديو ووزعه الإسلاميون لم يثر أية ردة فعل كالتي نشهدها منذ حوالي الأسبوع.

ويتابع بيار أسلان في لو صولاي: نشرت منظمة العفو الدولية الأسبوع الفائت تقريرا حول موت السجناء في السجون السورية انطلاقا من شهادات خمسة وستين سوريا عانوا السجن والتعذيب يؤكد أن سبعة عشر ألف سجين قتلوا في مراكز اعتقال النظام منذ العام 2011 .
وعام 2013، انشق مصور تابع للشرطة العسكرية السورية حاملا معه آلاف الصور لضحايا وحشية النظام لجثث مشوهة تحمل أرقاما كما الحيوانات في المسلخ، صور، مرة أخرى، لم تغير مسار النزاع في سوريا.
وأمس، كشف أمين عام الأمم المتحدة المساعد للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين أرقاما مذهلة : فقد وقع ثلاثمئة وثلاثة وسبعون هجوما، بينها ثلاثمئة وستة وثلاثون هجوما نفذته القوات النظامية وحلفاؤها الروس والإيرانيون على مئتين وخمسة وستين مشفى.
ويعتبر بيار أسلان أن النزاع وصل إلى مفترق طرق. فالفصائل الإسلامية المتقاتلة تتحدث حاليا عن تشكيل تحالف في ما بينها، والمقاتلون الأكراد الذين كانوا يواجهون "الدولة الإسلامية" بدعم من الولايات المتحدة، فتحوا جبهة جديدة ولكن هذه المرة في مواجهة الجيش السوري النظامي، ويجري الحديث حاليا عن إقامة مناطق أمنية محمية كما في شمال العراق، وهذا أمر ضروري ولكن من سيتخذ المبادرة؟ فالولايات المتحدة منهمكة في حملة الانتخابات الرئاسية، وبريطانيا منهوكة من مسألة انسحابها من الاتحاد الأوروبي. وعلى كندا ألا تلتزم بالصمت طويلا في مواجهة هذا النزاع، يختم بيار أسلان مقاله في صحيفة لو صولاي.
ذي ناشونال بوست: حظر لباس البحر البوركيني في فرنسا
تناولت صحيفة ذي ناشونال بوست في تعليق بقلم جون باغلو الجدل حول زيّ السباحة البوركيني.
تقول الصحيفة إن الهجوم الذي استهدف مجلّة شارلي ابدو الفرنسيّة ومتجرا يهوديّا هو جريمة بشعة بدون شكّ أعقبتها حملات على الانترنت ومسيرات للدفاع عن حريّة التعبير.
وتتساءل الصحيفة عن حريّة التعبير وتضيف أنّه يستحيل ارتداء قميص في فرنسا يحمل شعار "قاطعوا اسرائيل" دون التعرّض لغرامة.
وإذ يمكن فهم الغضب الذي اجتاح فرنسا بعد الاعتداءين، إلاّ أنّه يصعب ربطه بالحق في رسم صور كاريكاتوريّة مهينة.
وتتابع ذي ناشونال بوست فتشير إلى الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة نيس وأوقع 85 قتيلا وما يزيد على 300 جريح.
وأفيد بأنّ السائق التونسي الذي نفّذ الهجوم كان يشرب الكحول ولم يكن ملتزما دينيّا وكان على تواصل مع رجال ونساء عبر مواقع التعارف على الانترنت. ورغم ذلك كانت الغلبة للحديث عن الإرهاب.
وثمّة البعض في فرنسا، بمن فيهم مسؤولو البلديّات، ممّن اتّخذوا من المرأة هدفا لهم وهو ليس بالأمر الجديد حسب قول الصحيفة.

وتتحدّث ذي ناشونال بوست عن قرار عدد من رؤساء البلديّات في مدن فرنسيّة صغيرة بحظر لباس السباحة البوركيني .
وتشير إلى تعرّض سيّدة مسلمة للإهانة لارتدائها الحجاب على شاطئ مدينة كان، حيث أوقفتها الشرطة وقالت لها إنّ لباسها "غير مناسب".
وهدّدت برشّ سيّدة أخرى ترتدي الحجاب بغاز الفلفل أمام أعين المارّة الذين سخروا منها.
وتتساءل الصحيفة كيف يمكن أن تؤول الحال في بلد الحريّة والمساواة والأخوّة إلى هذا الوضع، فرنسا التي خرجت منها شرعة حقوق الانسان والمواطن إبّان الثورة عام 1789.
و تمضي فتقول إن جسد المرأة غالبا ما يكون موقع صراع خلال الحروب.
والاعتداءات الجديدة على المرأة المسلمة لا علاقة لها بالعلمانيّة تقول الصحيفة، ومفهوم العلمانيّة ينطبق على مؤسّسات الدولة وليس على الشواطئ.
وإذ تثني الصحيفة على قيام بعض الفرنسيّات من غير المسلمات بشراء البوركيني، تعتبر أنّ الأمر يزيد الوضع تعقيدا.
فلا أحد يبادر إلى شراء زيّ راهبة بعد تعرّض راهبات للاعتداء او القتل.
والتركيز المفرط على حشمة المرأة المسلمة جائر تقول الصحيفة.
وقد رأينا كلّنا سيّدات مسلمات غارقات تحت عباءتهنّ السوداء بجوار رجال يرتدون البنطال القصير "شورت".
ولكن قبل أن نتسرّع في استخلاص النتائج، فلنفكّر بلباس البحر البيكيني الذي كان محظورا على الشواطئ في وقت من الأوقات.
وفي الحالتين، كانت المرأة خاضعة للأوامر بشأن ما يمكنها او ما لا يمكنها ارتداؤه.
وينبغي احترام فسحتها الخاصّة التي تغزوها أحكام ذكوريّة.
وإن كان البرقع والبوركيني رمزا للخضوع، ينبغي مسامحة النساء اللواتي أرغمن على خلعهما في فرنسا لأنّهنّ لم يرحّبن بخلعهما تحت وطأة القوّة إن جاز التعبير.
فما من خيارات حرّة لدى المرأة بل هنالك فقط إملاءات تعسّفيّة تقول ذي ناشونال بوست.
والدولة تعمّق الانقسام في محاولتها للإدماج وكأنّها تعطي موافقة رسميّة للعنصريّة وكراهية النساء.
ومرّة أخرى، نجح الإرهابيّون على ما يبدو تقول الصحيفة في ختام تعليقها.

البادرة الضرورية للمحكمة الجنائية الدولية
تناول كاتب العمود في "لو دوفوار" الصادرة في مونتريال، غي تايفير، محاكمة أحمد الفقيه المهدي أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة تدمير المعالم التاريخية والدينية في مدينة تمبكتو في بلده، مالي.
ضمن إمكانياتها، وهي محدودة بما فيه الكفاية، تقوم المحكمة الجنائية الدولية ببادرة هامة وفاعلة من خلال درسها للمرة الأولى قضية اعتُبر فيها تدمير التراث الثقافي جريمة حرب، كتب غي تايفير في مقاله وهو بعنوان "البادرة الضرورية للمحكمة الجنائية الدولية".
ويرى غي تايفير أن محاكمة الجهادي المالي التي بدأت يوم الاثنين "حاسمة"، لاسيما وأنها تأتي في وقت يواصل فيه تنظيم "الدولة الإسلامية" المسلح تدمير التراث في سوريا والعراق.
صحيح أن العدالة الدولية منشغلة بأعمال عنف هي، بكل تأكيد، أكثر دموية، لكن لا يقل عن ذلك أهمية بناءُ اجتهاد قضائي حول واقع بأن الهجمات على تراث شعب يمكن أن تشكل أيضاً جرائم ضد الإنسانية، لأن، وكما قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بن سودة يوم الاثنين في لاهاي، هذا التراث الثقافي "يشكل مع الوقت النموذج المثالي للذاكرة الاجتماعية الذي يتيح للأفراد أن يبنوا أنفسهم وينموا".
اتُهم أحمد المهدي بتنظيم أعمال تدمير طالت تسعة أضرحة للأولياء وباب مسجد يعود للقرن الخامس عشر في تمبكتو، أحد صروح العلوم الإسلامية في أزمنة غابرة، خلال احتلال المدينة من قبل مقاتلي حركة "أنصار الدين" وتنظيم "القاعدة" السلفييْن الجهاديْن بين نيسان (أبريل) 2012 وكانون الثاني (يناير) 2013. ومن بين الأضرحة التي دُمرت ما هو مُدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
وما إن بدأت جلسة المحاكمة يوم الاثنين حتى أقر الرجل الأربعيني، الموقوف منذ عام 2014، بذنبه طالباً من سكان تمبكتو الصفح "عن ابن ضل طريقه".
ندم صادق، ربما، لكن مغرض دون شك، لأن اعترافات أحمد المهدي تفتح الباب على مفاوضات قد تخفض عقوبته من ثلاثين سنة سجن إلى عشر سنوات، يقول غي تايفير.
ويرى غي تايفير أن الانزعاج المُسجل لدى منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بسبب قرار المحكمة الجنائية الدولية ملاحقة أحمد المهدي لدوره فقط في تدمير التراث الثقافي هو في محله.
فالمحاكمة هي بالتأكيد غير كاملة لأنها أهملت كل الجرائم الأخرى التي يُعتقد أن أحمد المهدي ضالع فيها، لاسيما بصفته رئيساً لـ"شرطة الأخلاق" التي كانت مكلفة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في تمبكتو، حيث أنه كان مسؤولاً عن "قمع كل تصرف يُعتبر منافياً للفضيلة". ويشير غي تايفير إلى شكوى رُفعت أمام القضاء في باماكو، عاصمة مالي، في آذار (مارس) 2015 اتُّهم فيها أحمد المهدي و14 جهادياً آخرين بجرائم قتل وتعذيب واغتصاب.
معظم الأضرحة المدمرة أعيد بناؤها بمساعدة المانحين الدوليين، لكن الكثيرين من سكان تمبكتو الذين فروا منها بعد وقوعها بقبضة السلفيين الجهاديين لم يعودوا إليها بعد، ومعظم هؤلاء من النساء حسب منظمات غير حكومية مطلعة. وبالتالي لا يمكن إحقاق الحق في قضية وإغفاله في أخرى، يرى غي تايفير.
نظام العدالة الدولية يتقدم بخطى صغيرة جداً وبإمكانيات محدودة، لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن محاكمة أحمد المهدي تندرج في إطار تحقيق أوسع تجريه المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب المرتكبة في مالي منذ كانون الثاني (يناير) 2012، وهذا ما يبعث على الأمل بتحقيق تقدم مزدوج: أن تتحقق لسكان مالي عدالة أوسع ومُصْلِحة، وأن يمهد عمل المحكمة الجنائية الدولية في مجال حماية التراث الثقافي في مالي الطريق أمام عمل مماثل في سوريا والعراق، كي لا تتكرر أعمال التدمير التي حصلت في تدمر وسواها، يختم غي تايفير.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.