ما كاد رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو يعود من زيارة رسمية إلى الصين حتى استقبل أمس نظيره الصيني لي كيكيانغ بحفاوة كبيرة في أوتاوا. والعلاقة مع العملاق الصيني التي كانت باردة عندما كان المحافظون بقيادة ستيفن هاربر في السلطة في أوتاوا تدب فيها الحرارة فجأة، يقول الصحافي لويس بلوان في تقرير على موقع راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية).
عمّا يبحث جوستان ترودو؟ ومن في كندا يستفيد من هذا التقارب مع الصين؟ يتساءل لويس بلوان في تقريره وهو بعنوان " لماذا يريد ترودو مراقصة العملاق الصيني؟".
"من المؤكد أنه (جوستان ترودو) يتعرض لضغوط من بعض أوساط المال والأعمال كي تكون العلاقات بين كندا والصين أقوى بكثير"، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال لويك تاسّيه، المتخصص في الشؤون الصينية، مضيفاً أن لمؤسسات كندية تعمل في قطاعات المناجم والصناعات الغذائية والمال مصلحة كبيرة في تقوية العلاقات بين البلديْن.
والشركات الكندية العملاقة كـ"بومباردييه" (Bombardier) و"أس أن سي - لافالان" (SNC-Lavalin) و"باور كوربورايشن" (Power Corporation) تتلقى بالتأكيد "إشارات من نظيراتها الصينية بأن المزيد من الاحترام والصداقة (المتبادَليْن) يكون مفيداً"، يقول الدبلوماسي الكندي السابق تشارلز بورتن، البروفيسور في العلوم السياسية في جامعة بروك في أونتاريو.
ويرى تشارلز بورتن أن لهذه الشركات ميلاً لثني الحكومة الكندية عن تناول مواضيع مثل حقوق الإنسان والتجسس الإلكتروني بشكل واضح ومباشر مع السلطات الصينية، وذلك من أجل تحسين العلاقات بين الدولتيْن.
وهناك أيضاً الوزن الهام لجالية الأعمال داخل جالية صينية في كندا تعد 1,3 مليون نسمة. "كل الجمعيات الكندية الصينية، أو كلها تقريباً، تدعم اتفاق تبادل حر" بين البلديْن، يقول لويك تاسّيه.

ولا يزال رئيس الحكومة الكندية متردداً في المباشرة بمفاوضات رسمية مع الصين للوصول إلى اتفاق تبادل حر، بالرغم من توصيات قوية من داخل أوساط الأعمال تحثه على القيام بذلك، كما يقول رئيس الحكومة الليبرالية السابق في مقاطعة كيبيك، جان شاريه، الذي يشغل اليوم منصب الرئيس الفخري للمجلس التجاري لكندا ورابطة دول جنوب شرق آسيا إضافة إلى كونه عضواً في مجلس إدارة "مؤسسة آسيا والهادي في كندا" (Asia Pacific Foundation of Canada).
ويقول جان شاريه إن وصول جوستان ترودو إلى السلطة في أوتاوا يشكل فرصة في هذا المجال يجب الاستفادة منها.
ومع بلوغ حجم التبادل التجاري بين الصين وكندا نحواً من 86 مليار دولار سنوياً، أصبحت الصين الشريك التجاري الثاني لكندا من حيث الأهمية، بعيداً خلف الولايات المتحدة ولكن قبل اليابان والمملكة المتحدة وأي دولة أوروبية أخرى. ولأوتاوا مصلحة استراتيجية في تعزيز العلاقات معها في وقت يلف الغموض مصير اتفاق التبادل الحر بين كندا والاتحاد الأوروبي واتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي.
لكن الخبراء الثلاثة المذكورين في التقرير متفقون على أن على كندا أن تقوم بهيكلة علاقاتها مع الصين على مهل وبحذر يقول لويس بلوان في تقريره، وينقل عن جان شاريه قوله إن أكبر تحد لكندا سيكون تحقيق معاملة بالمثل فعلية في التبادل التجاري مع "بلد قاعدة القانون فيه ليست دوماً محترمة".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.