تناول المؤرّخ الكندي جاك لورانس غراناتشتاين في تعليق في صحيفة ذي غلوب اند ميل مسألة مشاركة جنود كنديّين في مهمّات دوليّة حول العالم.
تقول الصحيفة إنّ بعض الدول، ومن بينها بنغلادش على سبيل المثال، توفّر قوّات لعمليّات الأمم المتّحدة بهدف الحصول على المال الذي تدفعه المنظّمة الدوليّة لخدمات كلّ جندي.
ويشكّل هذا المال دفعة قويّة لاحتياطيّها الشحيح من العملات الأجنبيّة.
لكنّ الأمر مختلف تماما بالنسبة لكندا التي لا تحتاج للعملة الأجنبيّة.
وعلى العكس من ذلك، فهي توفّر نحوا من 600 جندي و150 شرطيّا لقوّات الأمم المتّحدة.
وهي تأمل بالمزيد من الأصوات من أجل الفوز بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي.
و استخدام رجال القوّات الكنديّة ونسائها كطعم لاجتذاب الأصوات أمر لا يليق بكندا يقول جاك لورانس غراناتشتاين في تعليقه في صحيفة ذي غلوب اند ميل.
وما يزيد الأمر سوءاً هو أنّنا لا نعرف بعد طبيعة هذه المهمّات الدوليّة التي تريد كندا دعمها.
ولكن، وكما قال رئيس أركان الدفاع الجنرال جوناتان فانس، فالدافع الكندي ليس سياسيّا.
"ارفض الفكرة القائلة بأنّ ذلك يتمّ لدوافع سياسيّة وأنّنا نعرّض قوّاتنا للأذى لأيّ شيء غير المزايا الحقيقيّة لقيمة استخدام القوّة العسكريّة" قال الجنرال فانس أمام لجنة برلمانيّة.
وانتهت المسألة عند هذا الحدّ تقول الصحيفة وتتابع متسائلة إلى اين ستذهب القوّات الكنديّة.

وتجيب بأنّ خيار الحكومة الأفضل هو أن تذهب إلى مكان ما في افريقيا، إلى مالي او جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة او جمهوريّة افريقيا الوسطى او جنوب السودان وهي كلّها مهمّات غير تقليديّة.
فهنالك حروب تترافق مع قتل جماعي للمدنييّن وخسائر فادحة بين قوّات المعارضة "وقوّات حفظ السلام".
وصحيح أنّ بإمكان كندا أن تلعب دورا مفيدا في هذه الصراعات، ولكنّنا نحتاج لفهم المطلوب قبل إرسال نسائنا ورجالنا إلى الخارج يقول كاتب المقال.
وينبغي أوّلا أن تحظى المهمّة بدعم قويّ من كافّة أعضاء مجلس الأمن.
وينبغي بالدرجة الثانية أن تقبل الأطراف المتنازعة بانتشار القوّات الدوليّة وإلاّ فهذا يعني أنّنا سنكون في مواجهة أكثر من طرفِ من أطراف الصراع.
وينبغي بعد ذلك أن تتأكّد كندا من أنّ وحداتها تمتلك التأهيل الجيّد والتجهيزات اللازمة للقيام بالمهمّة المحدّدة، وهي أمور تتطلّب الوقت والمال.
وينبغي وجود حلفاء موثوق بهم في القوّة الدوليّة فضلا عن قاعدة لوجستيّة آمنة ووسيلة للدخول في العمليّة ووسيلة للخروج منها في حال انهارت واعقبتها حالة من الفوضى.
كما أنّ ثمّة حاجة لتحديد موعد الانسحاب من أيّ مهمّة، وإلى التزام لا يتعدّى 30 عاما ، كما حدث مع قوّات السلام الدوليّة في قبرص التي انتشر فيها الجنود الكنديّون منذ العام 1964.
ويتابع جاك لورانس غراناتشتاين في تعليقه في صحيفة ذي غلوب اند ميل فيشير إلى عوامل أخرى ينبغي البحث بها بتأنٍّ.
فقد لا تكون هنالك فائدة من وضع الجنود الكنديّين في مجاهل الكونغو على سبيل المثال، وليس أقلّ الأسباب هو أنّ القوّات البيضاء غيرُ مرحّب بها من قبل الفصائل المتحاربة هنالك.

والبنى التحتيّة متخلّفة في هذا البلد الضخم ممّا يطرح تحدّيات على الصعيد اللوجستي.
بكلام آخر، ينبغي التفكير مليّا قبل اتّخاذ قرار نشر الجنود يقول كاتب المقال.
ويتعيّن أن تفكّر الحكومة الكنديّة في كيفيّة الحفاظ على الجنود لفترة.
فهنالك قوّات خاصّة تعمل على مواجهة تنظيم "الدولة الاسلاميّة" في العراق.
وهنالك مدرّبون يعملون على تأهيل جنود في اوروبا الشرقيّة، وكندا تعهّدت بنشر 450 جنديّا في لاتفيا تحسّبا لأيّ عدوان من قبل روسيّا.
وكلّ واحدة من هذه المهمّات تتطلّب دعما لوجستيّا يزداد حدّة مع نشر 600 جندي في افريقيا، اذ يرتفع الطلب على التموين وعلى النقل الجوّي.
اضف إلى ذلك الحاجة إلى استبدال القوّات مرّة ما بين كلّ ستّة أشهر إلى سنة، والحاجة إلى تدريب القوّات البديلة وإعطاء الإجازات للجنود بين انتشار وآخر.
وهذه كلّها تزيد من صعوبة استمرار القوّات الكنديّة في الخارج يقول المؤرّخ الكندي الخبير في التاريخ العسكري جاك لورانس غراناتشتاين في تعليقه في صحيفة ذي غلوب اند ميل.
ويتساءل ماذا بوسع كندا أن تفعل. ويجيب مؤكّدا أنّ من المهمّ أن يصوّت البرلمان على دعم أيّ انتشار كبير في الخارج.
وبدون ذلك، تفقد المهمّات دعم الرأي العام الكندي على المدى البعيد ومن المهمّ أن يتحمّل النوّاب عبء حماية أرواح الجنود.
ويختم جاك لورانس غراناتشتاين مشيرا إلى أنّ على الحكومة أن تحصل على تفويض برلماني حتّى لو لم تكن بحاجة له.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.