مع السيدة فيروز خلال زيارتها مونتريال عام 1981

مع السيدة فيروز خلال زيارتها مونتريال عام 1981
Photo Credit: بيار أحمراني

سفيرة السماء إلينا

عندما يتجَسّدُ الخيرُ في صوت والحنينُ في لحن والمحبة في كلمة ...عندما تُتَمتِمُ أغنياتِها في لحظاتِ الحزنِ والفرح والألمِ والأمل والفراقِ والعشق والشوقِ والانتظار ...وعندما تغمرك نشوةٌ لا متناهية وأنت تُصغي ، ويسكنُك صوتُها وتصبح أغانيها وطناً تسكنه في غربتِك ، تتحول الأغنية إلى أنشودةِ فرحٍ لا محدود يمسح دمعةَ حبٍ ضائع ووطنٍ ضائع وشوقٍ لا يموت ...

فيروز... مَن مثلُ فيروز غنّى الحبَّ بنقائه وبراءته وجموحه ؟!...

مَن مثلُ فيروز غنّى الوطنَ بعنفوانِ حجرِه وبشرِه ؟!...

مَن مثلُ فيروز غنى الإنسانَ بضعفِه وجَبَروتِه ، بظلمِه وطيابتِه ورهافةِ إنسانيته ؟!...

مَن مثلُ فيروز حوّلَ الكلمة إلى قصيدة ؟!

عندما ينتشِلُك صوتُها من الخوف "من عَتم الليل"، ويُشعِلُ فيك " رحلةً في مدى النسيان موجعةً " ، ويَعِدُكَ أن " لبنان الحقيقي جايي " ، والمنتظرين على أبواب النسيان أن " سنرجِعُ يوماً إلى حَيّنا " ، ويُصلّي حتى " لا يحزن ولا بيت ولا يتسكَّر باب " ، ويتضرّع لـ "ساكن العالي " و "نبع الينابيع " ...تتحول الأغنية إلى صلاةٍ تَنعَتِقُ من أغلالِ الأديان...إلى فُسحةِ أمل ومساحةِ حرية ...

فيروز ـ "غربة" ، فيروز ـ "عطر الليل"، فيروز ـ " زاد الخير " ، من مثلُها حَمَلَ اسمَه كما حملته في مسرحياتها وقصائدها صارخاً في وجهِ "طغاة الأرض " ، مدوّياً في أعماقِ " وحش الحضارة اللي ما بيشبع " ، مُتَحوّلا إلى سيفٍ " قاطع متل العدل محني متل التواضع" ، مُبَشِّراً    بـ " كتار قلال بنكمل بللي بقيوا " ...

فيروز قيمة وطنية لبنانية أبقَتِ الوطنَ ، كلَّ الوطن ، ماثلاً في الضمير يومَ ألغاهُ الآخرون...

فيروز قيمة ثقافية عربية أحيت قصائدَ رائعة كادَ يمحوها النسيان...

فيروز قيمة حضارية رَسَّختِ الخيرَ والعدلَ والحقَ والجمال قِيَماً إنسانية...

فيروز سفيرتُنا إلى النجوم ؟؟ لا بل الأصحُ القول إنّها سفيرةُ النجومِ والسماءِ إلينا .

استمعوا
فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.