الزعيم الكوبي فيديل كاسترو عام 2001

الزعيم الكوبي فيديل كاسترو عام 2001
Photo Credit: Getty images/Adalberto Roque

من الصحافة الكنديّة: رحيل الزعيم الكوبي فيديل كاسترو

احتلّ خبر وفاة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو صدارة الاهتمامات في وسائل الاعلام الكنديّة على اختلافها.

صحيفة ذي غلوب اند ميل تتساءل في تعليقها لماذا يدلّل رئيس الحكومة الكنديّة  جوستان ترودو عائلة كاسترو.

وتشير إلى أنّ امتداح ترودو الارتجالي لفيديل كاسترو أثار الكثير من ردود الفعل  المنتقدة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقد أشار ترودو إلى أنّ كاسترو هو الرئيس الذي أمضى أطول فترة على رأس السلطة.

وتعود هذه الميزة  لكونه لم يجر أيّة انتخابات حرّة في كوبا تقول الصحيفة.

وصحيح أنّه "خدم الشعب الكوبي لنحو نصف قرن"، إن اعتبرنا أنّ فرض القمع السياسي الشيوعي والاقتصاد الشيوعي الخانق بمثابة خدمة.

وعن "إخلاصه في العمل ومحبّته للشعب الكوبي" فإنّ ثروته الشخصيّة التي قدّرتها فوربس ب 900 مليون دولار أميركي هي أقلّ من ثروة الرئيس فلاديمير بوتين تقول ذي غلوب اند ميل.

ولا جدل في أنّ نظام الرئيس كاسترو كان قمعيّا ويكفي أن نطّلع على تقارير منظّمة العفو الدوليّة بشأن كوبا لندرك ذلك.

فيعد أن حرّر بلاده من نطاق "الامبرياليّة الأميركيّة" أصبح كاسترو الزبون الوفيّ للاتّحاد السوفياتي وأرسل شباب كوبا ليموتوا في حروب روسيّا في إفريقيا.

الرئيس الكوبي فيديل كاسترو ورئيس الحكومة الكنديّة الراحل بيار اليوت ترودو
الرئيس الكوبي فيديل كاسترو ورئيس الحكومة الكنديّة الراحل بيار اليوت ترودو © PC/FRED CHARTRAND

واعتمد على المساعدات السوفياتيّة التي لم تكن فعّالة لدعم صناعة السكّر في كوبا ولم يلجأ إلى تنويع الاقتصاد.

وصحيح أن جوستان ترودو اعترف بأنّ كاسترو شخصيّة مثيرة للجدل.

ولكنّه اعترف بفضله الكبير في مجال الرعاية الصحيّة والتربية في بلاده وهي نقاط مضيئة لكاسترو تقول الصحيفة.

وتتساءل لماذا أثنى ترودو بعد ذلك على  الرئيس راوول كاسترو وعلى حكم المسنّين والأباراتشيك من الموالين له.

وتتساءل ذي غلوب اند ميل لماذا أصدر ترودو بيانا يوحي كما وأنّ كندا لا تبالي بالحريّات الأساسيّة، السياسيّة والدينيّة والاقتصاديّة على حدّ سواء.

في صحيفة لودوفوار، كتب الصحافي غي تايفير يقول إنّ فيديل كاسترو سيبقى أسطورة وفق ما تقرّره قراءة التاريخ.

ووفاته لن تلغي النظام الشمولي الذي بناه ولن تعيد حريّة التعبير.

وتتحدّث لودوفوار عن التعليقات التي حفلت بها وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المعارضين لكاسترو وموقفهم إزاء التأليه الذي يبديه حياله جزء من الرأي العام  الدولي.

اميركيّون من أصل كوبي يحتفلون بموت فيديل كاسترو في ميامي في 26-11-2016
اميركيّون من أصل كوبي يحتفلون بموت فيديل كاسترو في ميامي في 26-11-2016 © Reuters / Gaston De Cardenas

وتنقل لودوفوار عن موقع كوبانيت أنّ التاريخ لن يبرّئ كاسترو، وذلك في ردّ على مقولة الزعيم الكوبي :" اعدموني، لا همّ، سوف يبرّؤني التاريخ " وكان ذلك عام 1953 خلال محاكته في الاعتداء على ثكنة مونكادا في سانتياغو في كوبا.

وتنقل الصحيفة عن إحدى المدوّنات، يواني سانشيز قولها إنّ البعض استقبل خبر موت كاسترو بألم، والبعض الآخر بارتياح، و استقبله كثيرون بشيء من اللامبالاة.

وتضيف أنّ الرجل الذي قرّر أدقّ التفاصيل في كوبا التي وُلدت وكبُرت فيها لم يعد موجودا وأنّ جوّا من الخفّة الغريبة امتدّ في الجزيرة.

خفّة غريبة، بانتظار أن تتحرّر الكلمة وتصبح أكثر ديمقراطيّة، خصوصا أنّ الشعب الكوبيّ تعلّم طوال تلك العقود أن يكبت معارضته.

وترى لودوفوار أنّه دون التقليل من أهميّة الحصار الأميركي المفروض على كوبا، فتفسير المنحى الشموليّ لكاسترو من خلاله فقط هو من باب العمى الايديولوجي.

وهذا ربّما أكبر خطأ ارتكبه فيديل كاسترو ، الذي أصبحت كوبا في ظلّ عهده رمزا للمعارضة المرنة لقوانين الإمبرياليّة الأميركيّة، وأن يكون قد طوّر بصورة مميّزة قطاعي الرعاية الصحيّة والتربية في بلاده، ولكنّه رفض باستمرار أن يفتح باب الحقوق السياسيّة أمام معارضيه في المجتمع الكوبي والكنيسة الكاثوليكيّة.

وهذا أدّى إلى تحجّر المجتمع الكوبي في وقت تطوّرت فيه المجتمعات المدنيّة والحقوق الديمقراطيّة في دول أميركا اللاتينيّة تقول لودوفوار.

رئيس الحكومة الكنديّة الأسبق جان كريتيان (إلى اليمين) والرئيس الكوبي فيديل كاسترو
رئيس الحكومة الكنديّة الأسبق جان كريتيان (إلى اليمين) والرئيس الكوبي فيديل كاسترو © FRED CHARTRAND/PC

وكان ذلك ممكنا خصوصا وأنّ كوبا لم تعد أسيرة الحرب الباردة منذ انهيار الاتّحاد السوفياتي قبل نحو 20 سنة.وكتب فانسان ماريسال تعليقا في صحيفة لابريس يقول فيه إنّ ما يزيد على 50 عاما من العلاقات الوثيقة بين كوبا وكندا اغضبت الولايات المتّحدة.

وتصريح رئيس الحكومة الكنديّة جوستان ترودو لن يحسّن الأمور ، لا سيّما مع اقتراب موعد تسلّم دونالد ترامب السلطة.

وتأتي وفاة كاسترو في ظلّ مرحلة حسّاسة، وقد أثار تصريح ترودو بشأن وفاة "الصديق كاسترو" ردود فعل مندّدة في كندا والولايات المتّحدة على حدّ سواء.

واضطرّ ترودو للتصحيح خصوصا بعد أن سأله الصحافيّون عن كاسترو الدكتاتور.

وكان ترودو قد تحدّث في بيانه عن فيديل كاسترو كرجل مثير للجدل.

ويصعب على جوستان ترودو أن ينتقد فيديل كاسترو الذي كان صديقا حميما لرئيس الحكومة الكنديّة الراحل بيار اليوت ترودو والد رئيس الحكومة الحالي .

الرئيس الكوبي فيديل كاسترو إلى اليمين) يعزّي جوستان ترودو بوفاة والده رئيس الحكومة الكنديّة الراحل بيار اليوت ترودو في مونتريال عام 2000
الرئيس الكوبي فيديل كاسترو إلى اليمين) يعزّي جوستان ترودو بوفاة والده رئيس الحكومة الكنديّة الراحل بيار اليوت ترودو في مونتريال عام 2000 © (Fred Chartrand / Canadian Press)

وموقف ترودو يفتقر إلى البعد ولكنّ نظرة الكنديّين إلى فيديل كاسترو هي أفضل من نظرة الأميركيّين الذين يكرهونه لأسباب تاريخيّة واضحة تقول لابريس.

وتنقل الصحيفة عن رئيس الحكومة الكنديّة الأسبق جان كريتيان أنّه كان معجبا في صباه بفيديل كاسترو الذي أصبح شعبيّا بسبب مقاومته لنظام فولغينسيو باتيستا الديكتاتوري، في وقت كان كريتيان يناضل كطالب،   ضدّ حكومة  موريس دوبليسي في مقاطعة كيبيك

وتضيف الصحيفة أنّ علاقة ترودو وكريتيان بالزعيم الكوبي كانت فريدة من نوعها في حين تعايش باقي رؤساء الحكومات الكنديّة مع علاقة مزعجة لواشنطن.

وتشير إلى الدور الذي لعبته حكومة المحافظين السابقة برئاسة ستيفن هاربر التي استضافت لقاءات بين مسؤولين كوبيّين وأميركيّين في عامي 2013 و 2014 للتقريب بينهما.

وبات هذا التقارب مهدّدا مع فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركيّة.

وتنقل لابريس عن جوستان ترودو  قوله خلال زيارته لكوبا بأنّ كندا لن تسير في محاذاة سياسة الانسحاب والحمائيّة الأميركيّة.

استمعوا
فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.