تناول كاتب العمود في "لو جورنال دو مونتريال" ريجان باران قرار رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو بعدم المشاركة في جنازة فيديل كاسترو الذي توفي ليل الجمعة الفائت عن 90 عاماً.
يُذكر أن ترودو اتخذ هذا القرار بعد تعرضه لانتقادات لاذعة، لاسيما من خصومه السياسيين ومن إعلاميين ومدونين، بسبب بيان التعزية الذي أصدره والذي كان مفعماً بالتقدير للزعيم الكوبي التاريخي. فقد اتهمه منتقدوه بأنه أغفل انتهاكات كاسترو لحقوق الإنسان، ما دفعه للتأكيد أنه لم يحاول التقليل من تلك الانتهاكات.
"رئيس حكومتنا سيمتنع عن المشاركة في جنازة فيديل كاسترو بعد تعرضه لانتقادات شديدة وإقراره بأن هذا الأخير كان ديكتاتوراً"، يقول باران. وبعد عدم تمالكه عن إخفاء حماسه للثائر الذي كان صديقاً لوالده، رئيس الحكومة الكندية الراحل بيار إليوت ترودو، يتلطى الآن جوستان ترودو وراء حجج زائفة كي لا يذهب إلى جنازة كاسترو، يضيف باران في مقاله وهو بعنوان "رئيس حكومة جبان فجأة".
هذا الانزعاج المفاجئ ذو إحراج مزدوج، فهو يكشف عن رئيس حكومة قصير النظر وينبئ بسياسة انبطاحية تجاه الولايات المتحدة، يقول باران الذي يذكّر بأنه سبق له أن أشار إلى أن سجل كاسترو لم يتضمن فقط نقاطاً إيجابية ولكن أنه يرى أن الزعيم الكوبي الراحل حقق تقدماً هاماً لشعبه، فـ"كوبا تأتي قبل دول عديدة في أميركا اللاتينية من حيث جودة الحياة فيها".
ويضيف الكاتب أن لديه صعوبة في فهم حدة الهجمات على الرئيس الكوبي السابق والنبرة الواعظة للعديد من كتاب الأعمدة في مخاطبتهم من لا يشاطرون أحكامهم.
فإذا لم تكن الفضائل وحدها من سمات كاسترو، فالأمر ينطبق أيضاً على العديد من زعماء العالم، يقول باران، ورغم ذلك لم تُحدث وفاة هؤلاء كل هذا الاضطراب المتصل برحيل الثائر الكوبي الذي نشاهده الآن.

لم أقرأ كثيراً من النصوص التي نددت بمشاركة رئيس الحكومة السابق ستيفن هاربر وأسلافه في جنازة رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق آرييل شارون "المسؤول عن مجازر صبرا وشاتيلا" بحق الفلسطينيين في لبنان وعن "الاستيطان الوحشي في فلسطين"، يقول كاتب العمود في "لو جورنال دو مونتريال".
ومن السخيف رؤية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يطلب من السلطات الكوبية أن تفعل المزيد من أجل شعبها تحت طائلة إلغاء التفاهمات المبرمة مع إدارة سلفه الديمقراطي باراك أوباما، بينما ظلت الإدارات الأميركية المتعاقبة ساكنة تجاه أنظمة بيرون في الأرجنتين وبينوشيه في تشيلي وسوموزا في نيكاراغوا وأنظمة ديكتاتورية أخرى في أميركا اللاتينية تركت شعوبها في حالات أكثر رداءة من التي ترك فيها كاسترو شعبه، يضيف باران الذي كان رئيساً لـ"مركزية نقابات كيبيك" (Centrale des syndicats du Québec) بين عاميْ 2003 و2012.
كُتاب الأعمدة والسياسيون عندنا كانوا أقل هيجاناً للتعبير عن سخطهم من العاهل السعودي الملك عبدالله عند وفاته في وقت كانت فيه شهادات التقدير له تصدر من كافة أنحاء العالم، بما في ذلك من هنا على لسان رئيس الحكومة الكندية آنذاك ستيفن هاربر، يقول باران.
وكم من البلوتوقراطيين (الحكام الأثرياء) الآخرين المتظاهرين بالديمقراطية رحلوا عن هذه الدنيا على مر السنين دون أن يثور أحد ضد كلمات التقدير التي قيلت فيهم عند وفاتهم أو ضد مشاركة رؤساء حكوماتنا في جنازاتهم، يضيف الكاتب.
"احتراماً للكوبيين وحرصاً على استقلالية السياسة الخارجية لكندا، على جوستان ترودو أن يشارك في جنازة الرئيس الكوبي الراحل فيديل كاسترو"، يختم ريجان باران في "لو جورنال دو مونتريال".
رئيس الحكومة الليبرالية جوستان ترودو يرد في مجلس العموم الكندي على انتقاد زعيمة حزب المحافظين (المعارضة الرسمية) للمرحلة الانتقالية رونا أمبروز لبيان تعزيته بوفاة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو (الشريط لـ"سي بي سي").
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.