الهروب من حلب

الهروب من حلب

الكارثة الإنسانية في حلب

"هذه المأساة هي نتيجة وحشية البعض، وتواطؤ البعض الآخر ولكن أيضا جراء جبن كبير واللامبالاة ويجب أن تكون لنا الشجاعة على الاعتراف بعجز المجتمع الدولي والأمم المتحدة "حلب هي اليوم مركز أسوأ مأساة إنسانية منذ بدء القرن الحادي والعشرين".

بهذه الكلمات، اختصر السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرانسوا دو لاتر، الوضع الانساني الكارثي في حلب التي استفاقت فجر اليوم على أمل إجلاء المسلحين والمدنيين والذي يبدو أنه فشل كما تقول مراسلة هيئة الإذاعة الكندية في الشرق الأوسط ماري إيف بيدار، الموجودة حاليا في تركيا:

"ما يمكن أن نقوله وما هو واضح هو أن الهدنة لم تدم حتى لبدء فسح المجال بإجلاء الجرحى والمسنين في مرحلة أولى كما كان مقررا، ابتداء من الخامسة من فجر اليوم فالمعارك استؤنفت باكرا بإطلاق قذائف مدفعية ومشاركة الطيران، بحسب شهود عيان التقيتهم، وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط حوالي أربعين جريحا منذ استئناف القصف".

لماذا فشل اتفاق وقف النار؟ تجيب ماري إيف بيدار:

"ما حصل على ما يبدو هو أن ميليشيات إيرانية تابعة لنظام بشار الأسد، كما قيل هناك، بدأت بالقصف المدفعي وقد تغيرت شروط الاتفاق فلم يعد النظام يتحدث عن إجلاء المقاتلين والمدنيين الذين ما زالوا يتواجدون على بضع كلمترات مربعة  إنما عن تبادل مع محاصرين في مدن أخرى يطوقهم مسلحو المعارضة ، ما يعقد الأمور كثيرا.

وعن الوضع الإنساني الكارثي، يقول المحلل في راديو كندا فرانسوا بروسو إن ما يجري هو انهيار كامل لكل الشعور الإنساني: عنف وقتل بدم بارد وصور نساء ينقلن جثث أطفال،  وما نشاهده هو بالواقع ازدراء كامل بحياة المدنيين ويضيف:

لقد قررت دمشق سحق المعارضة بالكامل وبدون شروط، وهو تكتيك الأرض المحروقة حيث يتم الهدم وتقع المذابح وتسفك الدماء حتى الاستسلام غير المشروط، وهي الاستراتيجية التي اتبعها النظام: قصف بالبراميل المتفجرة  وغاز الكلور وانتشار جثث أطفال وتصفيات جماعية يقوم بها الموالون الذين يدخلون إلى آخر مواقع المسلحين، والموالون ليسوا  فقط الجيش النظامي إنما أيضا لبنانيون وإيرانيون وأفغان إلى جانب الحكومة السورية وروسيا وهم شديدو الوحشية والسادية بينما يبث التلفزيون الرسمي مشاهد الاحتفال في أحياء حلب الغربية"

لكن للبروفسور سمير صول، أستاذ التاريخ في جامعة مونتريال، موقفا مخالفا فهو يدعو إلى التروي قبل إصدار الأحكام ويضيف:

"يجب عدم المبالغة لأننا أمام ميدان معارك والتقارير التي تصلنا صادرة عن طرف واحد أي الجهاديين الذين خسروا. صحيح أن هناك مدنيين مطوقين، لكنهم مطوقون منذ العام 2012 أي منذ احتلال الجهاديين شرق حلب وهم من يومها أسرى المسلحين".

وثمة سؤال يطرح نفسه: هل استعادة حلب مقدمة لاسترجاع كافة الأراضي السورية التي تحتلها المعارضة؟ يجيب فرانسوا بروسو:

"بالنسبة إلى بشار الأسد فهو يعتبر أن استرجاع حلب هو خطوة أولى باتجاه النصر النهائي. لا شك أن ما حصل في حلب يشكل فصلا محوريا من الحرب في سوريا ولو أنه ليس الأخير  إذ ما زال المسلحون متواجدين في عدة مناطق من البلاد و"الدولة الإسلامية" عادت واحتلت تدمر وفي إدلب شمالا ومنطقة درعا جنوبا ما زال المسلحون يحتلون عدة مناطق لكن سقوط حلب أمر مهم جدا بسبب حجم المدينة حتى لو أنها تحولت اليوم إلى أنقاض وركام،  لأن استعادتها من قبل النظام وحلفائه تعني أن الجزء الأكبر مما يسمى بـ"سوريا المفيدة" عاد تحت سيطرة النظام "

يبقى أن ما جرى في حلب، أقله على الصعيد البشري، أسقط كل الخطوط الحمر ولم يبق في سوريا من اللون الأحمر إلا دماء أبنائها.

راديو كندا الدولي – هيئة الإذاعة الكنديةاستمعوا

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.