قرار الإدارة الأميركية بالامتناع عن استعمال حق الفيتو ضد قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي يدين سياسة الاستيطان الإسرائيلية شكل سابقة في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية وأثار غضب اليمين الإسرائيلي بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي سارعت حكومته إلى رفض " هذا القرار المعيب ضد إسرائيل" وأكدت أنها لن تحترمه.
من جهتها أكدت السلطة الوطنية الفلسطينية أن القرار يشكل " إدانة دولية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية ودعما قويا لحل قيام الدولتين".
لتحليل هذه السابقة، استضافت هيئة الإذاعة الكندية البروفسور إيلان كلسامير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان في تل أبيب الذي يعلق على غضب نتانياهو من الأميركيين قائلا:
"صحيح أن نتانياهو كان يأمل ألا يجري أو ألا يطرأ شيء في هذا الملف حتى تسلم دونالد ترامب مقاليد السلطة، على أساس أنه من المفترض أن ترامب أقرب من المواقف الإسرائيلية من باراك أوباما. ولا أبالغ ربما إن قلت إنه كان يعد الأيام المتبقية لتسلم ترامب مهامه رسميا مخافة أن يقدم الرئيس أوباما المنزعج جدا من تصرفات نتانياهو في الأشهر والسنوات الأخيرة، على إسداء ضربة ما أي ألا يستعمل حق الفيتو ضد قرار معاد لإسرائيل في الأمم المتحدة. وأعتقد أن الرئيس أوباما وجد الفرصة السانحة قبل رحيله لإعطاء هدية وداع لنتانياهو. والمشكلة لا تكمن في إدانة إسرائيل بشأن سياسة الاستيطان بقدر ما هي مشكلة سيكولوجية تتمثل بامتناع الولايات المتحدة عن فرض الفيتو ما يشكل بالفعل صفعة لنتانياهو قبل رحيل أوباما".
وقد بررت سفيرة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي هذا الامتناع بالقول" علينا أن نفهم أنه ليس بوسعنا أن نريد أمرين متناقضين في وقت واحد أي مواصلة بناء المستوطنات والسعي إلى قيام دولتين . أليست فكرة إقامة الدولتين منتشرة في إسرائيل؟ يجيب البروفسور كلسامير:
"بداية الجواب لا، ففكرة الدولتين ليست منتشرة في إسرائيل فأنا أنتمي إلى ما يمكن تسميته باليسار الإسرائيلي ونحن أقلية صغيرة إذ أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون نتانياهو ويقفون إلى جانبه حاليا وأعتقد أن قرار الولايات المتحدة بالامتناع عن الفيتو ناتج عن عاملين: الأول مبالغة نتانياهو في التشدد وبخاصة في القانون الذي ينظم المستعمرات المقامة على أراض خاصة تابعة للفلسطينيين والجميع يعتبر اليوم أنه كان على نتانياهو أن ينتظر انتهاء ولاية أوباما فقد ظهر القانون وكأنه يهدف إغضاب أوباما بتبني قرار يتناقض كليا مع كل ما تطلبه الولايات المتحدة من إسرائيل. والعامل الثاني العلاقات الشخصية بين الرجلين إذ ثمة هوة اتسعت بينهما خاصة في ملف الاتفاق النووي مع إيران عندما توجه نتانياهو إلى واشنطن وتحدث أمام الكونغرس، ضد هذا القرار، في ما اعتبر تحديا لأوباما .
ولكن لماذا هذه الضجة سيما وأنه لن يكون لهذا القرار مفعول خاصة وأن ترامب سيتسلم قريبا مقاليد السلطة في الولايات المتحدة؟
يجيب البروفسور إيلان كلسامير:
"لا لن يكون له مفعول لكن في السياسة ما يسمى بالسابقة ففي وقت كانت فيه السياسة الأميركية وبصورة مستمرة وثابتة، حتى عندما كان يوجد خلاف، تستعمل الفيتو ضد أي قرار يدين إسرائيل فللمرة الأولى وقعت سابقة تغير الوضع. طبعا لن تكون له انعكاسات آنية إنما هو بنظر اليمين الإسرائيلي والمستوطنين بمثابة قرار حرب ضد إسرائيل".
يبقى أن هذه السابقة قد تكون الأولى والأخيرة مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
راديو كندا الدولي – هيئة الإذاعة الكنديةاستمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.