رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو (أرشيف).

رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو (أرشيف).
Photo Credit: CP / Sean Kilpatrick

من الصحافة الكندية: ضرورة احترام ترودو لروحية وعده بتعاطي العمل السياسي بشكل مختلف

كان جوستان ترودو قد وعد بتعاطي العمل السياسي بشكل مختلف، بشفافية وبروح التعاون وبالاستماع للكنديين. لكن الأشهر الأخيرة من عام 2016 أتاحت رؤية حدود هذا التعهد الذي سيخضع حتى لاختبار أقسى خلال عام 2017، كتبت الصحافية البرلمانية مانون كورنولييه في مقال افتتاحي في "لو دوفوار" الصادرة بالفرنسية في مونتريال.

تغير الأسلوب وطريقة التفكير في العاصمة الفدرالية أوتاوا منذ فوز الليبراليين بقيادة ترودو في الانتخابات العامة الأخيرة في تشرين الأول (أكتوبر) 2015. وبات للحوار والتشاور منزلة خاصة. وهذا أمر محمود في النظام الديمقراطي طالما أنه لا يؤدي إلى التراخي. لكن، من باب الإنصاف، يمكن القول إن حكومة ترودو غالباً ما تجنبت هذا الفخ، تضيف كورنولييه في مقالها وهو بعنوان "تحت الطلاء البرّاق".

وتعطي الصحافية البرلمانية أمثلة على ذلك، فتقول إنه تم إقرار قانون المساعدة الطبية على الموت، وإن حكومة ترودو باشرت تطبيق أهم الإجراءات الضريبية التي وعد بها الليبراليون الطبقة المتوسطة، وإن كندا استقبلت أكثر من 25 ألف لاجئ سوري في الأشهر الأربعة الأولى من عمر الحكومة، وإن لجنة التحقيق حول حالات القتل والاختفاء التي طالت نساءً من سكان كندا الأصليين ستبدأ جلسات الاستماع قريباً، وإنه كما كان يشتهيه الكثير من الكنديين توافقت كافة المقاطعات تقريباً مع أوتاوا على وضع إطار كندي شامل لمكافحة التغيرات المناخية.

هذه الصورة لحكومة تصغي لمواطنيها خدمت كثيراً رئيس الحكومة ترودو الذي لا يزال أولاً من حيث الشعبية التي يتمتع بها زعماء الأحزاب وفق استطلاعات الرأي. لكن ساعده أيضاً وجود زعماء انتقاليين على رأس كافة أحزاب المعارضة باستثناء الحزب الأخضر الذي لا يملك سوى مقعد واحد في مجلس العموم، وكذلك تأجيل عدة قرارات صعبة، تضيف كورنولييه.

وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في واشنطن قد يشكل أحد أكبر تحديات حكومة جوستان ترودو في أوتاوا برأي الصحافية البرلمانية مانون كورنولييه
وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في واشنطن قد يشكل أحد أكبر تحديات حكومة جوستان ترودو في أوتاوا برأي الصحافية البرلمانية مانون كورنولييه © AP/Evan Vucci

لكن الرياح بدأت تغير اتجاهها في الخريف، تتابع الكاتبة، فالإعلان عن شراء طائرات حربية من طراز "سوبر هورنيت" دون إجراء مناقصات، والوصول إلى طريق مسدود في ملف التحويلات المالية الفدرالية لقطاع الصحة في المقاطعات ورفض ترودو دعوة رؤساء حكوماتها إلى مؤتمر حول الموضوع، وردود الفعل الفظة على تقرير اللجنة البرلمانية حول إصلاح القانون الانتخابي أكدت كلها ما كان يخشاه الكثيرون. فحكومة ترودو تريد الإصغاء، لكنها عندما تسمع ما لا يرضيها تعمل على هواها، كالحكومات السابقة، تقول كورنولييه.

لأسباب سياسية اتخذت الحكومة قراراتها، لكنها تحاول أن تظهر للرأي العام خلاف ذلك. ورئيس الحكومة وفريقه لا ينفكان عن التكرار بأن المآدب الخاصة التي تتيح لحفنة من المانحين الأثرياء الاجتماع به إنما تندرج في إطار سعي الحكومة للإصغاء للمواطنين، تقول كورنولييه.

وهذه وصفة ممتازة لتعزيز الشكوك بالحكومة في وقت هي بأمس الحاجة لدعم المواطنين. بداية لأنها على وشك تنفيذ – أو يُفترض بها ذلك – وعود أساسية لكن مثيرة للجدل من برنامجها، من بينها الإصلاح الانتخابي وإعادة الانخراط في مهمات حفظ السلام الدولية في إفريقيا وتشريع الماريجوانا وإعادة النظر بسياستها في مجال الأمن القومي. كما أن الحكومة تواجه تحديات اقتصادية، فالاقتصاد الوطني لم ينهض بقوة بالرغم من الانفاق الكثيف على البنى التحتية، ما زاد من حجم العجز في الميزانية، تضيف كورنولييه.

وعلى الحكومة أن تعالج كل هذه الملفات فيما هي بصدد مواجهة ما قد يكون أحد أكبر تحدياتها، وهو وصول دونالد ترامب الذي لا يمكن توقع تصرفاته إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، الشريك التجاري الأول لكندا، ترى الصحافية البرلمانية.

ولكي ينجح في مواجهة كل هذه التحديات، يحتاج جوستان ترودو للتعاون مع المقاطعات ومع البرلمانيين ومع المواطنين، ولذلك عليه احترام روحية وعده بتعاطي العمل السياسي بشكل مختلف، تختم مانون كورنولييه.

استمعوا
فئة:سياسة
كلمات مفتاحية:، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.