وجد الرئيس الصيني شي جينبينغ طريقة ليظهر نفسه على أنه الزعيم الجديد للعالم. وهذا ما يحدث عندما تنكفئ الولايات المتحدة الأميركية، تقول صحيفة "ذي غلوب أند ميل" في مقال افتتاحي بعنوان "إذا تراجعت الولايات المتحدة تتقدم الصين".
فالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أمضى الأيام القليلة الماضية يطلق النار على الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والعولمة والتجارة الحرة والمصداقية الأميركية. وهذا ما فتح أمام الرئيس الصيني ثغرة استغلها بالذهاب هذا الأسبوع إلى المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس في سويسرا للمطالبة بعباءة قيادة العالم، تقول الصحيفة الكندية الواسعة الانتشار والرصينة.
تصريحات ترامب تحدث فراغاً في السلطة يسعى الرئيس الصيني إلى مَلئه. ويجب ألّا يفاجئ هذا الأمر فريق الخبراء المحيط بالرئيس الأميركي المنتخب، ترى الصحيفة.
وفي الخطاب الذي ألقاه أمس في دافوس حاول شي جينبينغ الظهور كبطل الليبرالية الدولية والعولمة. هناك شيء من المبالغة في ذلك، لكنه لم يعد غير قابل للتصديق بشكل كامل، تضيف الصحيفة.
بالطبع لم يعطِ الرئيس الصيني تعهدات محددة لدعم الليبرالية الاقتصادية باستثناء قوله إن بلاده ستقاوم أي إغراء بتخفيض سعر صرف عملتها، اليوان، لتعزيز تنافسية منتجاتها، وإنها "ستبقي بابها مفتوحاً على مصراعيْه"، تقول "ذي غلوب أند ميل"، لكنه قال كلاماً منوِّراً من نوع "أولئك الذين يدفعون باتجاه الحمائية يحبسون أنفسهم في غرفة مظلمة. هم نجوا من المطر والغيوم في الخارج لكنهم في الوقت نفسه حرموا أنفسهم من النور والهواء".

وبعد أن كان ترامب قد صرح بأنه ليس "شديد الاقتناع بتغيرات مناخية من صنع الإنسان"، شدد شي جينبينغ في خطابه أمس في دافوس على الأهمية الحيوية لمواجهة التغيرات المناخية، وذلك بعد عدة عقود من نمو الصناعة المتسببة بالتلوث الدخاني. فالمدن الصينية الرئيسية لا تزال تعاني من شدة الضبخان، وهو خليط من الضباب والدخان، الذي يفوق بكثير ما يسود أجواء مثيلاتها في الولايات المتحدة. وهنا أيضاً يكون الرئيس الصيني قد أقر، على الأقل خطابياً، بوجود المشكلة، تقول "ذي غلوب أند ميل".
ليس الرئيس الصيني من ورثة آدم سميث، مؤسس علم الاقتصاد الحديث، ولا من ورثة دعاة التجارة الحرة في القرن التاسع عشر. ونظام حكمه ليس ليبرالياً ولا ديمقراطياً، ولا يرتاح مع حكم القانون، لا داخلياً ولا دولياً. لكن تصريحات ترامب تدفع دولاً، من بينها كندا، على التفكير بالبحث عما يتخطى واشنطن، ومن ضمن ذلك فتح أذنيْها وذراعيْها لشي جينبينغ، زعيم ثاني أكبر قوة في العالم، تضيف "ذي غلوب أند ميل".
اللحظة التي تسببت فيها الولايات المتحدة بأزمة لنفسها قد تكون فرصة نهوض للصين، تختم "ذي غلوب أند ميل".
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.