الارتفاع الهائل في عدد الأشخاص الذين يدخلون كندا بصورة غير شرعية من الولايات المتحدة بهدف طلب اللجوء مثير للقلق على أكثر من صعيد تقول صحيفة "ذي غلوب أند ميل" الواسعة الانتشار في كندا في مقال بعنوان "هل كندا مستعدة لأزمة لاجئين؟".
ردود فعل أحزاب المعارضة على هذه الظاهرة جاءت قوية، تضيف الصحيفة، وتمثلت إما بالمطالبة بإعادة الوافدين غير الشرعيين بصورة فورية إلى الولايات المتحدة، كما يطالب عدد من نواب حزب المحافظين في مجلس العموم، وهو حزب المعارضة الرسمية، أو بالتشديد على السماح لهم بالدخول "بالجُملة" كما يرغب الحزب الديمقراطي الجديد، اليساري التوجه.
وترى "ذي غلوب أند ميل" أن حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا وجدت الوسطية، إجمالاً، في الوضع القائم (الـ"ستاتيكو")، وتضيف أن وزير الهجرة أحمد حسين لم يستجب لدعوات لتعديل اتفاق البلد الثالث الآمن بين كندا والولايات المتحدة.
وبموجب هذا الاتفاق الموقع بين أوتاوا وواشنطن عام 2002، في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة، على طالبي اللجوء طلبُ الحماية في البلد الآمن الأول الذي يصلون إليه، إلّا في حالات استثنائية محددة.
لكن هناك ثغرة غريبة في هذا الاتفاق، تقول "ذي غلوب أند ميل": فقط طالبو اللجوء الذين يدخلون كندا بصورة شرعية عند أحد المعابر الحدودية معرضون لأن يعودوا أدراجهم، فيما بإمكان أي إنسان قادم من الولايات المتحدة عبر حقل غير محروس جيداً أن يطلب حق اللجوء في كندا فور توقيفه.

وإذا ما أضفنا وجود دونالد ترامب في سدة الرئاسة في واشنطن إلى هذه "الخلطة" تتعقد الأمور بشكل كبير. فأوامر ترامب الجديدة بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وتعليقه المؤقت لبرنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة تفسر هذا الارتفاع المفاجئ في عدد طالبي اللجوء في كندا القادمين من جارتها الجنوبية.
وعلى أوتاوا أن تطرح على نفسها الآن أسئلة قاسية، من بينها ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال ملاذاً آمناً للاجئين، فهنا يكمن المبدأ الرئيسي في اتفاق البلد الثالث الآمن، تقول "ذي غلوب أند ميل".
في الوقت الراهن لا تزال كندا محقة بالالتزام بهذا الاتفاق، لكن السؤال الحقيقي هو "هل نحن مستعدون لأزمة لاجئين؟"، تتساءل الصحيفة الكندية لافتة إلى أن عدد طالبي اللجوء القادمين من الولايات المتحدة بلغ في مقاطعة كيبيك لوحدها 425 في كانون الثاني (يناير) الفائت، مقارنة بـ42 في الشهر نفسه من العام الفائت.

وفي مجال آخر تناول كاتب العمود في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة في مونتريال دنيس فيرلان خطاب رئيس الحكومة الكندية أمام الساسة وأصحاب الأعمال الألمان مساء الجمعة الفائت في هامبورغ في إطار زيارته الأخيرة إلى ألمانيا في مقال بعنوان "العمل بما يُنصح به".
يذكّر فيرلان في مقاله بمقتطفات من خطاب ترودو، لاسيما ما يتعلق منه بـ"الفوارق المتسعة" بين العمال وأصحاب الأعمال الذين "يحققون أرباحاً قياسية على ظهر العمال الذين يُحرَمون على الدوام من عمل بدوام كامل، ومن الأمن الوظيفي الذي يرافقه".
ويرى فيرلان، الذي عمل مراسلاً في البرلمان الكندي طيلة 16 عاماً لصالح القناة الإخبارية في تلفزيون راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) قبل أن يتقاعد، أن على ترودو أن يكون المثل الصالح في الأفعال وليس فقط في المواعظ والأقوال.
ويقول فيرلان في هذا المجال إن حكومة ترودو لا تختلف كثيراً عن سواها، ويرى أن عدداً من الإجراءات الضريبية الفدرالية تذهب في الاتجاه المعاكس لما يوصي به رئيس الحكومة، وإن كان معمولاً بها منذ ما قبل وصوله إلى السلطة، إذ يستفيد منها الأشد ثراءً في المجتمع، لا أصحاب المداخيل المتواضعة، ويعطي مثالاً على ذلك الأرباح الرأسمالية التي تخضع للضريبة بنسبة 50% فقط.
ويرى فيرلان في النهاية أن الميزانية الفدرالية المقبلة ستشكل فرصة للحكومة لإعطاء معنى لخطاب رئيسها في هامبورغ.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.