أسفرت نتيجة استفتاء جرى أمس في مدينة سان أبولينار (Saint-Apollinaire) القريبة من مدينة كيبيك عن رفض إنشاء مقبرة إسلامية في هذه المنطقة، على الأقل في الوقت الراهن.
وجرى الاستفتاء حول تغيير التصنيف العقاري في منطقة من سان أبولينار مصنفة صناعية بهدف إفساح المجال أمام إقامة مقبرة مخصصة للمسلمين فقط على أرض مساحتها 60 ألف قدم مربع (أي نحواً من 5575 متراً مربعاً). فاقترع 19 شخصاً ضد تغيير التصنيف العقاري، فيما اقترع 16 آخرون لصالح المشروع، وأُلغيت ورقة واحدة. وبالتالي اقترع 36 شخصاً فقط من أصل 49 تسجلوا للمشاركة في الاستفتاء من أصل 70 كان يحق لهم أن يتسجلوا للمشاركة فيه بحكم قرب سكنهم من قطعة الأرض المشار إليها.
وتقع سان أبولينار على الضفة الجنوبية لنهر سان لوران على مسافة نحو من 35 كيلومتراً جنوب غرب مدينة كيبيك، عاصمة المقاطعة التي تحمل الاسم نفسه، ويبلغ عدد سكانها نحواً من 6100 نسمة.

وكان عمدة سان أبولينار، بيرنار ويليت، قد وعد القيمين على المركز الثقافي الإسلامي في مدينة كيبيك (CCIQ) بالسماح بإقامة مقبرة مخصصة للمسلمين على أرض تابعة لمدينته عندما طلبوا منه ذلك في أعقاب المجزرة التي قُتل فيها ستة من المصلين في مسجد كيبيك الكبير التابع للمركز في أواخر كانون الثاني (يناير) الفائت. وعلق ويليت على نتيجة استفتاء أمس بالقول إنه وسائر أعضاء المجلس البلدي يشعرون ببعض الخيبة، لكنهم في المقابل "يسلّمون بالديمقراطية".
المسؤول عن ملف المقبرة في المركز الثقافي الإسلامي، محمد قسري، أعرب عن مرارة شديدة جراء نتيجة الاستفتاء، مستغرباً كيف أن 19 شخصاً يقفون ضد مشروع يستفيد منه آلاف المسلمين في مدينة كيبيك ومحيطها. وعزا المركز نتيجة الاستفتاء إلى "الخوف والجهل الحاضريْن بشكل أقوى من السابق".

لكن قسري رفَض تحميل سكان سان أبولينار مسؤولية رفْض مشروع المقبرة الإسلامية، مشيراً إلى أن 80% منهم كانوا داعمين له حسب استطلاع أُجري خلال الربيع. ولم يستبعد قسري اللجوء إلى لجنة حقوق الإنسان في مقاطعة كيبيك لتنظر في الموضوع، مؤكداً أن المركز الثقافي الإسلامي سيواصل المسيرة من أجل إنشاء مقبرة إسلامية في منطقة كيبيك، ومعتبراً أن ذلك ليس "عناداً (من المركز) بل جلَد وتصبّر".
من جهتها رأت الناطقة باسم المعارضين لمشروع المقبرة الإسلامية، ساني ليتورنو، أن "الجميع خرجوا خاسرين من استفتاء أمس"، مضيفة أن نتيجة الاستفتاء "لا تشكل نصراً لا للمسجد ولا لبلدتي ولا لي شخصياً أو لكيبيك بأكملها"، وأن الحملة الاستفتائية "مزقت بشكل كامل" مجتمع بلدتها وأن "هناك عائلات لم تعد تتحدث مع بعضها".

وكانت ليتورنو تدعو لإنشاء مقبرة غير مخصصة لأتباع ديانة واحدة، إنما لأتباع كافة المعتقدات مثل التي دشنتها أوائل الشهر الجاري دار "ليبين كلوتييه / أتوس" للجنائز في مدينة سان أوغوستان دو ديمور (Saint-Augustin-de-Desmaures) الواقعة شمال سان أبولينار، على الضفة الشمالية للسان لوران. وأكدت أن التعبئة التي قامت بها ضد المقبرة الإسلامية كانت لتكون مماثلة لو أن طائفة دينية أخرى كانت تنوي إنشاء مقبرة خاصة بها في بلدتها.
ومن جهته رأى عمدة مدينة كيبيك، ريجيس لابوم، أنه "أمر لا يُصدّق" و"مؤسف" أن يكون لـ49 شخصاً "حق الحياة أو الموت على مشروع له وقع اجتماعي هام في كل (مقاطعة) كيبيك"، إلّا أنه رفض "إلقاء اللوم على أي شخص اقترع" في استفتاء أمس. وأضاف لابوم "أذكّر أن بإمكان المسلمين الراغبين بأن يُدفنوا في (منطقة) كيبيك تحقيق ذلك"، في إشارة منه إلى تخصيص دار "ليبين كلوتييه / أتوس" للجنائز في سان أوغوستان دو ديمور 500 مدفن للمسلمين.
تناولتُ هذا الملف في حديث أجريته اليوم مع الإمام حسن غيّة، إمام مسجد مدينة سان جان سور ريشوليو في مقاطعة كيبيك وعضو مجلس أئمة المقاطعة، قبل تعليق عمدة كيبيك على نتيجة استفتاء أمس.
(راديو كندا / سي بي سي / لا بريس / لو جورنال دو كيبيك / تي في آ)
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.