ليستر بيرسون يقترح تشكيل قوات حفظ السلام أمام مجلس الأمن الدولي

ليستر بيرسون يقترح تشكيل قوات حفظ السلام أمام مجلس الأمن الدولي
Photo Credit: United Nations/Library and Archives Canada/C-018532.

سياسة كندا الخارجية بين الأمس واليوم

مجموعة عوامل تؤثر على سياسة الدول الخارجية: قوة الدولة العسكرية، ثقلها الديموغرافي، أهميتها الاقتصادية، تاريخها الاستعماري، ولكن أيضا، وربما خاصة، موقعها الجغرافي كما هي حال كندا المضطرة إلى التعايش مع جارتها الجنوبية، الولايات المتحدة، أقوى دولة في العالم.

وهذه الجيرة المفروضة، أثرت، سلبا حينا وإيجابا حينا آخر، على دور كندا على  الساحة الدولية

أول إطلالة على الساحة الدولية كانت مشاركة كندا في الحرب العالمية الأولى وكانت يومها تابعة كليا للتاج البريطاني.

يقول المؤرخ بيار أنكتيل:

"عند اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، بين ألمانيا وبريطانيا العظمى، لم تضطر كندا لإعلان الحرب لأنها كانت ضمن إعلان الحرب البريطاني " وبالرغم من أن قرار دخول الحرب لم يكن من مسؤولية الحكومة الكندية، فقد اختارت كندا المشاركة فيها وأرسلت مئات آلاف الجنود المتطوعين للقتال إلى جانب بريطانيا، فاستحقت المشاركة في التوقيع على اتفاقية فرساي ما شكل خطوة أولى على طريق استقلالية قرارها الدولي.

المحطة الثانية كانت اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، وقد انتظرت الحكومة الكندية مدة أسبوع قبل الموافقة على خوضها:

الحرب العالمية الأولى
الحرب العالمية الأولى © Musée national de la Force aérienne du Canada

"شكلت تلك الحرب فرصة لكندا لتؤكد دورها الدولي الجديد" كما يقول بيار أنكتيل.

لكن المحطة الدولية الأهم التي أظهرت دور كندا الدولي، كان موقفها من حرب السويس، أو ما سمي بالاعتداء الثلاثي عام 1956 والحل الذي اقترحه وزير الخارجية الكندي ليستر بيرسون . يقول المؤرخ دافيد مورين:

"اقترح ليستر بيرسون تشكيل قوة فصل سلمية تحت لواء الأمم المتحدة، القبعات الزرقاء، للفصل بين القوات  الإسرائيلية والمصرية والفرنسية والبرطانية حول قناق السويس ما سمح لكندا بإلظهور مظهر دولة ذات رؤيا فريدة حول مستقبل العالم ومستقبل السلام فيه"

المحطة الرابعة كانت زيارة الجنرال ديغول إلى كيبيك حيث أطلق نداءه الشهير" فلتحيا كيبيك الحرة" ما ساهم في تنامي الاهتمام الدولي بالوضع الكندي ومسألة الانفصال.

المحطة الخامسة، وصول بيار إليوت ترودو إلى الحكم وموقفه السلبي من الولايات المتحدة ، فكان أول سياسي كندي يجرؤ على الخروج من بيت الطاعة الأميركي عبر رفضه المشاركة في الحظر الفروض على كوبا وقيامه بزيارة رسمية إلى الصين الشيوعية. يقول المؤرخ دافيد مورين:

بيار ترودو في الصين
بيار ترودو في الصين © Agence Xinhua

" لقد سعى بيار ترودو إلى تعزيز الاستقلالية الكندية إلى أقصى حد  ، لكنه سرعان ما سيكتشف أن هامش استقلالية التحرك لدولة صغيرة مثل كندا ، في عالم خاضع للحرب الباردة، محدود جدا".

وجاء انتخاب المحافظ براين مالروني رئيسا للحكومة ليعيد دفء العلاقات مع الأميركيين ويستعيد دورا متجددا على الساحة الدولية عبر التوقيع على اتفاقية التبادل التجاري الحر، وحربه المعلنة على التفرقة العنصرية في افريقيا الجنوبية.

رئاسة جان كريتيان للحكومة الكندية لم يكن لها دور بارز على الساحة الدولية باستثناء رفض المشاركة في غزو العراق، ما لم يرضِ الأميركيين بدون شك.

أما وصول المحافظ ستيفن هاربر إلى السلطة عام 2006 فقد شكل انعطافا جديدا في سياسة كندا الخارجية كما يقول المؤرخ دافيد ميرين ويضيف:

رئيس الحكومة الكندية إلى جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية
رئيس الحكومة الكندية إلى جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية © راديو كندا

"للمرة الأولى تصبح كندا بلدا محاربا ما انعكس سلبا على سعي كندا للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي لاعتبار أنها جزء لا يتجزأ من المصالح الأميركية.

لاشك أن سياسة كندا الخارجية أثرت فيها شخصيات رؤساء الحكومة المتعاقبين وقيمهم ومبادئهم وتجاربهم وخبراتهم وإذا كان شعار رئيس الحكومة الحالي جوستان ترودو هو استعادة دور كندا السلمي في العالم عبر سحبه المقاتلات الكندية من العراق وفتحه أبواب كندا لعشرات آلاف اللاجئين السوريين، ولعبه دور الوسيط في النزاعات الدولية، فإن حالة اللا استقرار العالمي قد تعيد النظر في الدور الذي تسعى كندا للعبه على الساحة الدولية .

راديو كندا الدولي – هيئة الإذاعة الكنديةاستمعوا

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.