مع سقوط "الدولة الإسلامية" وتفككها في العراق وسوريا وتشرذم مقاتليها وسعيهم للهرب والإفلات من يد العدالة، عادت إشكالية عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، الغربية منها بصورة خاصة، تتصدر أهتمام سلطات تلك الدول التي تخشى من عودة محتملة لمقاتلين مدربين على مختلف تقنيات الحروب وقد تشربوا العقيدة الجهادية.
من تلك الدول كندا التي اعتبر وزير الأمن العام فيها رالف غوديل أمس أن عددهم يقارب المئة والتسعين مقاتلا. هل العدد هذا قريب من الواقع؟
يجيب أستاذ علم السياسة التطبيقية في جامعة شيربروك دافيد موران في حديث إلى هيئة الإذاعة الكندية:
" خلافا للدول الأوروبية، تتابع الحكومة الكندية تتبع مواطنيها الذين ذهبوا للقتال بصورة أفضل من سواها وتعرف أمورا أكثر عنهم وتدل الإحصاءات أن حوالي ثمانين مقاتلا منهم عادوا إلى كندا وقد يكون العدد أكثر بقليل لكون كندا لا تفرض على المسافر ختم جواز سفره عند الخروج لذلك نعمل على إحصاءات تقريبية"
ما هي أوضاع هؤلاء العائدين وإلى أي مدى يشكلون خطرا على الأمن الداخلي؟ يجيب البروفسور دافيد موران:
ثمة دراسات أوروبية تشير إلى أن كل العائدين أو معظمهم لا يعودون لمواصلة القتال ونسبة الساعين للقتال ضئيلة لكن ذلك لا يعني عدم القلق لأن من يعودون لمواصلة القتال تعلموا مختلف أنواع تقنيات القتال " ويضيف:
" لن يتخلى بعضهم عن الإيديولوجية الجهادية لكنهم ليسوا مستعدين لارتكاب أعمال عنف وما يقلق السلطات هم العائدون الذين يبقون ملتزمين بمواصلة القتال إما مباشرة عبر القيام باعتداءات وإن عبر تجنيد مقاتلين جدد".

وعن مصير المقاتلين يشير البروفسور دافيد موران إلى أن مقاربة مصيرهم تختلف بين دولة وأخرى. يقول:
" هناك دول مثل فرنسا وبريطانيا وأستراليا تفعل كل وسعها كي لا يعودوا إلى بلدانهم الأصلية وهذا ما يسمى بتحييد المقاتلين الأجانب أي، بتعبير أوضح، إعطاء أوامر للقوات الخاصة التابعة لتلك الدول بتصفيتهم جسديا". وهناك مقاربة أخرى يقول موران:
"ثمة مقاربة أخرى تقضي بالعمل على دفع سلطات الدول في مناطق الحروب على محاكمتهم على أراضيها فالحكومة الفرنسية مثلا تطالب السلطات العراقية بإبقاء هؤلاء المقاتلين في سجونها ومحاكمتهم وعدم استرجاعهم ما يعني إلى سجنهم حيث هم في ظروف معروفة".
ولكن ماذا عن الذين تمكنوا من العودة؟ يجيب دافيد موران:
"أما الذين يعودون فثمة مقاربتان: مقاربة قمعية وأكثر عقابية ومقاربة يمكن وصفها بالليبيرالية" فالمقاربة القمعية ترسلهم إلى السجن لبضع سنوات يخرجون بعدها أحيانا أكثر تصميما على الانتقام لذلك فالمقاربة الليبيرالية أفضل لأنها تعيد تأهيلهم ليتحولوا إلى مواطنين صالحين"
وماذا عن الموقف الكندي من محاكمة العائدين وهل تكون على أساس محاكمة مواطنين ارتكبوا جرائم في الخارج أم على أساس قوانين مكافحة الإرهاب؟
يجيب البروفسور دافيد موران في ختام حديثه إلى هيئة الإذاعة الكندية:
" التحدي في كندا هو أنه لدينا الوسائل القانونية لملاحقة هؤلاء بحسب قوانين مكافحة الإرهاب لكن الصعوبة تكمن في إثبات أنهم ارتكبوا أعمالا إرهابية لأن تواجد كندا في العراق وسوريا ضعيف وبالتالي من الصعب جمع المعلومات والأدلة لإدانتهم بالإرهاب"
راديو كندا الدولي – هيئة الإذاعة الكندية
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.