لم يكن مرور السينمائية التونسية مفيدة فضيلة عابرا في مهرجان السينما الافريقية في مونتريال في نسخته الحالية، فهي مثّلت تونس، ضيفة المهرجان لهذه السنة، بفيلمها الروائي القصير "آية" الذي توّج في أكثر من مهرجان وتظاهرة سينمائية حول العالم. ومثلّت السينمائية الشابة أيضا السينمائية الأنثى إذ خصص المهرجان مساحة كبرى لأفلام بتوقيع سينمائيات افريقيات تضامنا مع حركة "Me Too"، أنا أيضا االمناهضة للتحرّش الجنسي لذي شهدها الوسط السينمائي حول العالم. كذلك اختار المهرجان المونتريالي أن يكّرم في الليلة الأولى لإنطلاق فعالياته مفيدة فضيلة ويقدم لها جائزة المهرجان التكريمية لآية، فيلمها السينمائي البديع.
كانت مفيدة فضيلة مبهورة ومسرورة عندما التقيتها في ليلة افتتاح مهرجان Vues d'Afrique بنسخته الرابعة والثلاثين يوم الجمعة الماضي 13 نيسان/أبريل في صالة سينما امبريال العريقة في وسط مونتريال وقد اعتلت المسرح في مستهل الحفل الافتتاحي لتسلم جائزتها لافتة الحضور بإطلالتها الأنيقة وتعابيرها العفوية وابتسامتها الصادقة الخجولة.
في حواري معها تؤكد السينمائية التونسية أنها ليست مسؤولية السينمائي أن يوجد "إجابة حاضرة مستهلكة" لجمهور فيلمه بل دور السينمائي يقتصر على طرح الأسئلة وعلى المتلقي أن يجد الإجابات علىيها.
ويسرد الفيلم حكاية الطفلة آية التي تعيش في وسط سلفي، وتقول المخرجة أن هذه الأوساط سادت في بعض المدن في تونس بعد ثورة الياسمين، وتنسج السينمائية بإبداع كل العلاقات في هذا المجتمع الذي يسيطر عليه المتشددون الإسلاميون الذي ينخرط معهم يوسف والد آية وزوج مريم، على جدران أحد أحياء هذه البلدة نقرأ:"أقم صلاتك قبل مماتك" ويتدخل شيخ البلدة في الشؤون الداخلية لعائلة يوسف ويهدده بقطع رزق دكانه...إلى ما هنالك من تأثير لهذا المجتمع على الطفلة آية ابنة الست سنوات. ولعّل ما تتمّيز به السينمائية الشابة التي تزور لأول مرة كندا هو القدرة على تخصيص مساحة هامة لتعابير الوجه والإحساس أكثر من تعابير الكلمة والحوار وكم وصلت إلى المشاهد معاناة الطفلة آية التي أجادت تجسيدها ابنة الست سنوات الموهوبة مي بالرحومة التي اختارتها السينمائية بين عدة أطفال تقدّموا للعب هذا الدور.

بأدب وذوق كانت تتحدث مفيدة فضيلة إلى جمهورها على هامش المهرجان السينمائي الافريقي/بعدسة كوليت ضرغام
ونسمع آية في أحد أكثر المشاهد إبداعا في الفيلم تقول: ربّي أرني وجهك، أعدك الا أتحدث إلى الصبيان وأن أحفظ القرآن...أحبّك ربي وأحبّ أن أراك، لم أجدك لا في الشارع ولا الساحة ولا المدرسة، أجبني ربي، تعبت من التفتيش عنك ولا أجدك!
وينتهي الأمر بآية الطفلة بأن ترتدي غطاء الوجه والجسد بالكامل مما يعرّضها لسخرية رفاقها في المدرسة لتكتمل رموز القصة كلها هنا وتنتهي بإدراك الأم ووعيها بأنها تعيد مع ابنتها حكايتها هي في القهر والخضوع والتبعية للرجل وتحكم رجال الدين المتعصبين بحياتها وحياة ابنتها. وآخر صورة في الفيلم تظهر لنا طريق سكك حديدة تتعدد وجهاتها ومريم وآية تمشيان في هذه الطريق في وجهة ليست واضحة على الأقل للمشاهد.
السينمائية التونسية مفيدة فضيلة تشرح لنا خاتمة فيلمها وتؤكد بأنه تجربة انسانية تلتقي فيها أحلام الطفولة بضوابط المجتمع الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية...المزيد في هذا الريبورتاج الذي يتضمن مقابلة مع مفيدة فضيلة ومقتطفات من فيلم آية.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.