الفنان التشكيلي السوري يتوسط عددا من رسوماته حقوق الصورة: صفحة الفيسبوك الرسمية للفنان حمد الحنّاوي

حمد الحنّاوي:الفن رفاهية إذا ما قيس بكمية الدماء التي سُفكت في وطني

وصل الفنان التشكيلي السوري حمد الحنّاوي إلى مونتريال في شهر شباط/فبراير الماضي مع زوجته وطفليه ليبدأ الخطوة الأولى في الاندماج بالمشهد الفني التشكليلي الكندي-العربي عبر المشاركة في معرض تجمع الفنانين المشرقيين Le Levant الأخير في متحف الاساتذة والحرفيين في مدينة سان-لوران المتاخمة لمدينة مونتريال.

الإنعكاس والإنكسار وهو عنوان المعرض الجماعي، جسدّتهما لوحتان وقّعهما الرسام السوري وقد شكلّتا لحجمهما الكبير وللون الأسود الطاغي فيهما ولتعابير الوجوه الحزينة الصارخة استثنائية مميّزة وركنا منفردا في باحة المعرض وكيانا مستقلا لفت أنظار زوّار المعرض. وكأنّ وجع الفنان الجديد القادم من سوريا كان نديا وطازجا وكأنّه في أول الألم والشهقة الأولى.

يؤكد الفنان حمد الحنّاوي بأن عطاء الفنان قد يكون أقلّ ما يمكن أن يهبه أي مواطن آخر لوطنه الجريح خصوصا لمن يفدي الأوطان بدمائه ويزود عن حماها بساعده.

حمد الحنّاوي في لقاء تلفزيوني على إحدى القنوات الفضائية العربية/الصور تقدمة الضيف الفنان

المعاناة اليومية في بلدي سوريا لا يمكن لي أن أصفها مهما بلغت من الرقي في فني... الفن يبقى رفاهية أمام الدم المسكوب في سوريا أو في أي مكان آخر في عالمنا العربي... إنني أشعر بذاتي صغيرة جدا أمام المعاناة وحبذا لو تقدر اللغة البصرية على التغيير...

بحسرة ووجع وغُصة لفظ محدّثي هذا الكلام الذي كان يختنق في حنجرته من شدّة الأسى والحزن والألم الذي يعتصر بداخله. حمد الحنّاوي فنان مرهف رافق بريشته فصول الحرب الأهلية السورية منذ العام 2011 ليعكسها في لوحاته على غرار الرسام العالمي بابلو بيكاسو في لوحة "غارنيكا" حيث الإبداع في نقل وجع الإسبانيين خلال الحرب الأهلية الاسبانية في الثلاثينيات من القرن الماضي.

ولا يفاخر ضيفي حمد الحنّاوي من جهته بإبداع الفنان في نقل المعاناة، فقدر الفنان أن يكون إنسانا بالدرجة الأولى يتفاعل مع كل حوله. الفنان الصادق لا يستطيع أن يتجرّد أو يصّم أذنيه ويغمض عينيه.  وعلى الرغم من ذلك يؤكد ابن سوريا بأن الواقع يبقى في مكان والفن في مكان آخر كليا.

الفنان التشكيلي السوري حمد الحناوي أمام لوحتيه في متحف الاساتذة والحرفيين في شهر أيار/مايو 2018

أمّا اللون الأسود عند ضيفي الرسام المبدع فهو حكاية في حد ذاتها ولم أصادف في حياتي قط فنانا يؤله اللون الأسود بهذا الشكل وإذا قلت له لون الحزن والتراجيديا أجابني بل الفرح والحياة.

الأسود ليس لونا ميتا من دون حياة بل هو يستفّز المشاهد لأفق من القراءات المتعددة...فيه من الغموض ما يكفي لألف حكاية وحكاية...أرى الأسود ملّونا وإني قادر على صنع ألوان منه أكثر مما يمكنني أن أصنع أو أرى في ألوان قوس القزح كلّها...

نعم ضيفي حمد الحنّاوي فيلسوف وشاعر من الطراز الأول، يسترعي انتباهك ليس في رسوماته التي تقع بغرامها من النظرة الأولى فحسب بل إنما أيضا بطريقة تعبيره وإفراغه للكَم الهائل من الغضب والإنكسار والعتب واللوم على "بلاد عربية أضاعت أبناءها بحصارها لحلمهم ورأيهم وفكرهم".

وكلا على الإطلاق لا يعتبر حمد الحنّاوي أن الحزن والشجن يشكلان ضرورة للإبداع وهو لا شك كان سيحلّق أيضا في رسم الفرح والحرية والعوالم الرحبة الجميلة التي يسودها الخير والسؤدد والوئام والسلام والتناغم والتعايش...

أدعوكم إلى الاستماع إلى الحوار الشيق الذي أجريته مع الفنان التشكليلي السوري بعد زيارتي للمعرض الذي شارك فيه مؤخرا.

استمعوا
فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.