ظاهرة التشرّد ملفتة في تورونتو و يمضي أكثر من خمسة آلاف شخص ليلتهم في العراء يوميّا في كبرى المدن الكنديّة حسب تقرير أعدّه تلفزيون سي بي سي هيئة الاذاعة الكنديّة.
نهيد دوساني طبيب يعمل على معالجة المشرّدين الذين لا مأوى لهم والذين يفترشون الطرقات في تورنتو، ويعمل على معالجتهم أنّى كانوا، في اطار فريق طبّي متنقّل يقدّم الرعاية التلطيفيّة للمشرّدين Palliative Education and Care for the Homeless
ويعاني المشرّدون الكثير من المشاكل الصحيّة ويحلم العديد منهم مع اقتراب أجلهم، بالموت داخل منزل وليس في الشارع الذي عاشوا فيه طيلة حياتهم.
"يأتي المرضى إلينا من طرق مختلفة وقبل ان تدخل في محيط أحدهم، حتّى ولو كان الشارع أو الملجأ، فإنّه محيطه، وينبغي التعرّف إلى الصدمة التي يعيشها هؤلاء الأشخاص الذين نساعدهم، والتجربة التي عاشوها في الشارع": الدكتور نهيد دوساني من الفريق الطبّي لمساعدة المشرّدين في تورونتو.

الطبيب نهيد دوساني والشابّة المشرّدة باندورا/CBC/هيئة الاذاعة الكنديّة
ويقول الدكتور دوساني إنّه يستلهم من المشرّدين ومن شجاعتهم في التعامل مع التشخيص الطبّي النهائي وهم يشارفون الموت.
وأضاف بأنّ المشرّدين يرغبون باغلبيّتهم الساحقة، أن يموتوا في المنزل، على غرار تسعين بالمئة من الكنديّين.
وتقول نانسي لوفيفر من مركز سانت اليزابيث الصحّي في تورونتو إنّها استلهمت من عمل الدكتور دوساني عندما استمعت إليه وهو يحاضر عن موضوع مساعدة المشرّدين وعرضت ان تتعاون معه لفتح مركز رعاية يوفّر لهم تمضية أيّام حياتهم المتبقّية في منزل.
ومن المحزن كما تقول، أن يموت المشرّدون على قارعة الطريق أو تحت الجسور، ومركز الرعاية الأوّل الذي تمّ افتتاحه في تورونتو سيوفّر أربعة اماكن لاستقبال مشرّدين في المرحلة الأخيرة من حياتهم.
ومركز الايواء والرعاية سيكون منزلهم وسيكون لهم سرير وحمّام كما في المستشفيات، ويوفّر لهم محيطا يتميّز بدفء المشاعر ويمكنهم أن يستقبلوا فيه رفاقهم المشرّدين وأفراد عائلاتهم إن شاؤوا وهو مركز يموتون فيه بكرامة قالت نانسي لوفيفر.

الدكتور نهيد دوساني واحدى العاملات في فريقه الطبّي يعالجان أحد المشرّدين/CBC/هيئة الاذاعة الكنديّة
وتحدّث الدكتور نهيد دوساني عن شابّة مشرّدة تدعى باندورا التقاها وقدّم لها المساعدة، في وقت كان وضعها الصحّي متردّيا وتعاني صعوبة في التنفّس.
وقد تعرّضت الفتاة للاغتصاب عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها وقرّرت على اثر ذلك مغادرة المنزل لأنّها كانت تخجل من مواجهة والدها في حال علم بما جرى لها، ولم تستمع الى صديقها الذي نصحها بالعودة الى المنزل.
وعانت في الشارع من مشاكل الادمان والصحّة العقليّة ومن وضع صحّي يقتلها ببطء وكانت تعاني مشاكل في التنفّس عندما التقاها الدكتور نهيد دوساني الذي ساعدها على الانتقال إلى مركز الرعاية والاقامة في غرفة خاصّة بها.
"نحن نركّز على الرعاية التلطيفيّة ومن المحتمل أن يتحسّن وضع شبيه بوضع باندورا وأن يعيش الشخص مدّة أطول بفضل العلاج": الدكتور نهيد دوساني.
لكنّ وضع باندورا الصحّي لم يتحسّن وأعرب الطبيب عن حزنه الشديد لوفاة الشابّة، مع تأكيده أنّها ماتت بسلام وشعرت أنّها ماتت في المنزل كما كانت تلك رغبتها.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.