في أقل من سنتين في البيت الأبيض، توصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعيين قاضيين في المحكمة الأميركية العليا وهي أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة
فالأول هو القاضي نيل غورسوش الذي احتل مقعده منذ شهر إبريل نيسان العام الماضي والثاني بريت كافانو الذي أعلن ترامب عن تعيينه مطلع الأسبوع لكن تعيينه بحاجة لمصادقة مجلس الشيوخ ليدخل حيز التطبيق ويتسلم مقعده في أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة محل القاضي المتقاعد أنطوني كينيدي بعد بلوغه سن الواحدة والثمانين .
يشار إلى أن القاضي أنطوني كينيدي كان يعتبر من المحافظين المعتدلين بعد أن كان القضاة المحافظين يشكلون غالبية المحكمة الأميركية العليا منذ تعيين القاضي غورسوش عضوا فيها.

القاضي المتقاعد حديثا من المحكمة الأميركية العليا أنطوني كينيدي الذي كان يمثل بيضة القبان/راديو كندا
وكان القاضي كينيدي يقوم بدور بيضة القبان بين القضاة الثمانية الآخرين لأن غالبية القرارات الهامة التي عرضت على المحكمة العليا خلال السنوات القليلة الماضية لم تتم الموافقة عليها دون صوت القاضي أنطوني كينيدي إذ أن القضاة "الليبراليين" الذين عينهم الديمقراطيون والمحافظون الذين عينهم الجمهوريون كانوا يعجزون عن التصويت عليها دون الصوت المرجح للقاضي أنطوني كينيدي.
يشار إلى أن القاضي كينيدي الذي عينه الرئيس رونالد ريغان منذ أكثر من ثلاثين عاما صوت ولعدة مرات مع القوانين التي تسمح بالإجهاض كما صوت لقوانين لصالح المثليين جنسيا وخاصة بشرعية زواج المثليين في كافة أنحاء الولايات المتحدة.
الفرق في السن ما بين القاضي المتقاعد حديثا أنطوني كينيدي والقاضي المعين حديثا بريت كافانو (يحتاج لموافقة مجلس الشيوخ) ما يقرب من خمسين عاما ومع تعيينه في أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة بعد أن كان قاضيا في محكمة استئناف كولومبيا تتحول أعلى هيئة قضائية في أميركا فالتوازن بين القضاة الليبراليين وزملائهم المحافظين انتهى إلى غير رجعة أو حتى إشعار آخر.
ونادرا في تاريخها كمحكمة عليا مالت بهذا الشكل نحو اليمين واختيار ترامب لكافانو أحد الفاعلين في إدارة جورج دبليو بوش يظهر للعلن أهمية التسييس الكاملة لإجراءات الاختيار.
يشار إلى أن الرئيس الأميركي استلهم قراره من لائحة تضم 25 قاضيا قدمتها ووافقت عليها مجموعات محافظة من بينها Federalist Society et Heritage Foundation
وقامت هذه المجموعات بإفهام الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية بأن من مصلحته أن ينصاع لتوصياتها مقابل التصويت غير المشروط للإنجيليين الذين يشكلون ما نسبته 26% من مجموع "المؤمنين" في الولايات المتحدة.

القاضي الجديد وكبير قضاة المحكمة الكندية العليا ريشار فاغنر حظي بإجماع مختلف الاتجاهات/راديو كندا
وما يدهشنا ككنديين ما يحدث هنا في كندا على مستوى المحكمة الكندية العليا والمحكمة الأميركية العليا والتدخل السياسي في اختيار القضاة في الولايات المتحدة.
فهنا في كندا ومنذ عام 2016 تقوم لجنة استشارية مستقلة باقتراح أسماء مرشحين على رئيس الوزراء الكندي لتجنب أي نزاع مصالح.
أما في الولايات المتحدة فالعكس هو الصحيح إذ أن جماعات الضغط هي التي توعز للرئيس الطريق التي يتوجب عليه أن يسلكها وله وحده الكلمة الفصل في آخر المطاف وهذا ما دفع بعض المحللين للقول إن قضاة المحكمة العليا أضحوا سياسسيين في ثوب أسود (ثوب القضاة)
إن معركة سياسية تلوح في الأفق في واشنطن للمصادقة على تعيين بريت كافانو غير أن المعركة ليست محسومة سلفا لصالح التعيين فالجمهوريون يملكون غالبية ضعيفة في مجلس الشيوخ إذا على جميع الجمهوريين دون استثناء أن يصوتوا لصالح القاضي الجديد.
إن كافانو يجتاز حاليا فحص التثبيت من قبل مجلس الشيوخ وعليه أن يعلن موقفه من قضايا تقسم المجتمع الأميركي مثل قانون الإجهاض وحقوق المثليين والحريات الدينية بأجمعها.
وفي حال استمر هذا التوجه فإن المحكمة الأميركية العليا ستواصل التفافها نحو اليمين وفي ما إذا كان الماضي هو ضمان للحاضر فإن بعض القضاة قد يسببون لنا مفاجآت، وبريت كافانو تعهد مطلع الأسبوع بأن يحتفظ بذهن منفتح على كل قضية تعرض عليه.
استمعواراديو كندا/راديو كندا الدولي
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.