كندا والسعوديّة: “بإمكان اوتاوا أن تلغي عقد بيع السلاح”

ترتفع أصوات في كندا تدعو الحكومة الليبراليّة برئاسة جوستان ترودو إلى فسخ العقد الموقّع مع السعوديّة لبيعها عربات مصفّحة يجري تصنيعها في مصانع "جنرال ديناميكس لاند سيستمز" في مقاطعة اونتاريو.

وقد وقّعت العقد عام 2014 حكومة المحافظين السابقة برئاسة ستيفن هاربر، وعاد الحديث عنه إلى الواجهة على خلفيّة تأزّم العلاقات بين البلدين، وأيضا بعد حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

فقد توتّرت العلاقات بين البلدين وطردت السعوديّة السفير الكندي لديها واستدعت سفيرها في اوتاوا بعد تغريدة نشرتها الخارجيّة الكنديّة على موقع تويتر تدعو فيها السعوديّة إلى الافراج فورا عن نشطاء حقوقيّين اعتقلتهم، من بينهم سمر بدوي شقيقة المدوّن المعتقل رائف بدوي الذي تقيم زوجته وأولاده في مدينة شربروك الكيبيكيّة بعد أن منحتهم كندا حقّ اللجوء، وقد منحتهم الجنسيّة الكنديّة الصيف الماضي.

وبالأمس، قال ترودو ردّا على أسئلة الصحافيّين إنّ كلفة فسخ العقد الموقّع مع السعوديّة لبيعها مدرّعات مصفّحة باهظة وتصل إلى مليار دولار يتحمّلها دافع الضرائب الكندي، وهو أمر لا يريده رئيس الحكومة كما قال.

واليوم، نشرت كندا بيانا مشتركا صدر عن وزراء خارجيّة مجموعة الدول الصناعيّة السبع الكبرى، توقّعوا فيه أن تُجري السعوديّة تحقيقا دقيقا وموثوقا وشفافا بالتعاون مع السلطات التركيّة.

وأعرب وزير النقل الكندي مارك غارنو عن أمله في أن  أن يراقب المجتمع الدولي  التحقيق عن كثب ليتمتّع بالمصداقيّة.

يتحدّث فيري دو كيرشكوف الدبلوماسي الكندي السابق وأستاذ العلوم الاجتماعيّة في جامعة اوتاوا عن موقف كندا والعديد من دول الغرب من قضيّة مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ويصف في مقابلة مع راديو كندا موقف العديد من الدول بما فيها كندا، المتردّدة في اتّخاذ عقوبات بحقّ السعوديّة بعد مقتل خاشقجي بأنّه "خبث دولي" كما يقول.

ويشير إلى أنّ العلاقات الاقتصاديّة الكنديّة السعوديّة ليست بأهميّة العلاقات السعوديّة مع الولايات المتّحدة أو الاتّحاد الأوروبي.

"لم تتردّد السعوديّة في معاقبة كندا لأنّ هذه الأخيرة تجرّأت وغرّدت للمطالبة بإطلاق سراح نشطاء، وعاملتنا بهذه الطريقة. ولدينا هذا العقد الذي يقال إنّه لبيع السعوديّة آليّات خفيفة. ولو توفّر مدفع من طراز أم 47 فوق هذه الآليّات في ستينات القرن الماضي، كانت ستشكّل قوّة كبيرة لصاحبها": الدبلوماسي الكندي المتقاعد فيري دو كيرشكوف.

وحول إمكانيّة فسخ العقد الذي وقّعته كندا مع السعوديّة يرى الدبلوماسي الكندي المتقاعد أنّ فسخه ممكن وغير ممكن في آن معا، و قد خفّضت  السعوديّة قيمة العقد بضع مليارات من الدولارات  وطلبت تأخير تنفيذه بسبب العجز في موازنتها كما يقول فيري دو كيرشكوف.

وفسخ العقد مرهون حسب قوله بالارادة السياسيّة، وكندا على أبواب انتخابات فدراليّة العام المقبل و العقد مهمّ لمقاطعة اونتاريو حيث يقع مقرّ شركة جنرال دايناميكس التي تصنّع العربات المصفّحة.

"لو أردنا التأكيد على أهميّة الحدث، لكنّا توقّفنا عن تنفيذ العقد حتّى ولو كان ذلك سيكلّفنا غاليا في محكمة تجاريّة دوليّة، إلاّ أنّنا نقدم على خطوة سياسيّة. ولكن، لماذا تقدم كندا، وهي أقلّ أهميّة بالنسبة للسعوديّة ،على هذه الخطوة، في وقت يكتفي الأوروبيّون بتعليق بيع السلاح مؤقّتا بانتظار أن تهدأ العاصفة": الدبلوماسي الكندي المتقاعد فيري دو كيرشكوف.

ويرى دو كيرشكوف أنّ  تعليق بيع السلاح مؤقتا يعني أنّ العقوبات التجاريّة ستوضع جانبا، وتعليقها يرضي الأوساط الصناعيّة التي ترى أنّ رئيس الحكومة جوستان ترودو يحرص على حمايتها.

ويتوقّع الدبلوماسي الكندي المتقاعد فيري دو كيرشكوف أن تعود العلاقات الدبلوماسيّة إلى طبيعتها بين كندا والسعوديّة بعد أن تتلاشى أزمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، شرط ألاّ تبالغ كندا في انتقاد شريكها التجاري السعودي.

(راديو كندا الدولي/ راديو كندا)

استمعوا