نظام فينيكس لدفع الرواتب: إلى متى الحلّ ؟

عاد نظام فينيكس الالكتروني لدفع الرواتب إلى دائرة الضوء من جديد في كندا، بعد سنة على الاجراءات التي أتّخذتها الحكومة لإصلاحه، ووضع حدّ للمشاكل التي يعانيها منذ سنوات والتي تركت مضاعفاتها على نحو 150 ألفا من موظّفي القطاع العام.

وكانت حكومة المحافظين السابقة برئاسة ستيفن هاربر قد قرّرت عام 2009 تغيير نظام دفع الرواتب الذي مضى عليه 40 عاما، وألغت العديد من وظائف مستشاري الدفع، وكانت تهدف لخفض نفقاتها بنحو 80 مليون دولار في السنة.

وعمدت إلى إنشاء نظام دفع مركزي بدل إبقاء الموظّفين المولجين بدفع الرواتب موزّعين على الوزارات والوكالات الحكوميّة، وأعلن هاربر أنّ مركز الدفع سيكون في مدينة ميراميشي في مقاطعة نيوبرنزويك في الشرق الكندي.

لكنّ تركيز المعاملات وإطلاق برنامج الدفع الالكتروني فينيكس تسبّ بمشاكل كثيرة، وانفقت الحكومة  الليبراليّة برئاسة جوستان ترودو ما يزيد على مليار دولار لإصلاحه.

واليوم ، وبعد سنة على اطلاق الحكومة برنامجا نموذجيّا لمواجهة مشاكل فينيكس، بدأ البرنامج يؤتي ثماره وبدأت نتائجه تظهر حسبما أفادت به وزارة الخدمات العامّة والتموين.

وكانت وزيرة الخدمات العامّة والتموين كارلا كوالترو قد أعلنت قبل سنة عن نشر مجموعة من الفرق المتخصّصة في مختلف المراكز الخاصّة بدفع رواتب موظّفي القطاع العام.

وساهم الاجراء في تحسين الأوضاع والتخفيف من المعاملات المتراكمة ولكنّ الحكومة لم تستطع الكشف عن موعد محدّد تنتهي معه مشاكل نظام فينيكس، ما يسمح للموظّفين بتلقّي رواتبهم دون أخطاء.

وكانت لدى كلّ وزارة  ووكالة حكوميّة قبل إطلاق نظام فينيكس، فرقها الخاصّة من مستشاري الدفع الذين يشرفون على معاملات دفع رواتب موظّفي القطاع العام.

ويوم تمّ تركيز المعاملات، أصبح الموظّفون في مركز ميراميشي يعالجون معاملات دفع رواتب موظّفي القطاع العام في مختلف أنحاء البلاد.

ورأى العديد من الخبراء يومها أنّ العبء ثقيل على كاهل الموظّفين، و بالفعل، تراكمت المشاكل والأخطاء، وتكرّرت، وتركت مضاعفاتها على آلاف الموظّفين.

فقد تلقّى البعض منهم مبالغ أقلّ من رواتبهم الحقيقيّة، وآخرون مبالغ تفوق ما يتوجّب أن يتلقّوه.

وانتقدت أحزاب المعارضة في مجلس العموم الكندي اداء الحكومة على هذا الصعيد ودعتها للاعتذار عن كلّ التبعات التي نجمت عن اعتماد نظام فينيكس الالكتروني.

وانتقد اتّحاد موظّفي القطاع العام نظام فينيكس وقالت نائبة رئيس الاتّحاد ماغالي بيكار إنّه يستحيل أن يتعلّم الموظّف معالجة عشرات آلاف المعاملات المختلفة.

ذلك أنّ أنظمة التقاعد وأنظمة تعويضات البطالة وسواها تختلف من مقاطعة إلى أخرى، كما قالت ماغالي بيكار.

وكان الاتّحاد قد أعرب عن قلقه مطلع العام الفائت 2018، لدى اطّلاعه على ما ورد في تقرير صادر عن مدير الموارد البشريّة في الحكومة الفدراليّة.

ويفيد التقرير الذي حصلت سي بي سي هيئة الاذاعة الكنديّة على نسخة منه، أنّه جرى تصميم نظام الدفع ليقوم بعدد من المهمّات المختلفة التي أدّت إلى وقوع سلسلة من الأخطاء.

وتأثّر بالمضاعفات الناجمة عن ذلك موظّفون موسميّون وعاملون بدوام مؤقّت وطلاّب وموظّفون منقولون إلى إدارة جديدة.

وإزاء تراكم المشاكل، وسعيا منها لحلّها، أطلقت الحكومة عام 2017 برنامجا نموذجيّا يقضي بتعيين فرق متخصّصة في ثلاث وزارات.

وتمّ تعيين 25 خبيرا بصورة حصريّة لمعالجة ملفّات 10 آلاف موظّف من وزارة قدامى المحاربين، و وزارة الابتكار والعلوم، و الوكالة الفدراليّة للتنمية الاقتصاديّة في جنوب اونتاريو.

وأتاح البرنامج النموذجي خفض المعاملات المتراكمة بنسبة 29 بالمئة في أيلول سبتمبر الفائت 2018  حسب الحكومة.

وأعربت اوتاوا عن ارتياحها للنتائج التي أدّى إليها البرنامج حسبما  قال ستيف ماكينون  النائب الفدرالي والسكرتير البرلماني لوزيرة الخدمات العامّة والتموين كارلا كوالترو:

"يمكن أن نستنتج أنّه في الوزارات والوكالات التي شملها البرنامج النموذجي، نجح الخبراء في خفض عدد العاملات المتراكمة بسرعة تفوق المعدّل، ويمكننا الحديث منذ الآن عن نجاح كبير " ستيف ماكينون النائب الفدرالي والسكرتير البرلماني لوزيرة الخدمات العامّة والتموين كارلا كوالترو.

ورأت ماغالي بيكار نائبة رئيس اتّحاد موظّفي القطاع العام أنّ حصر معاملات الدفع في نظام مركزي لم يكن أفضل حلّ، والحكومة أدركت ذلك حسب قولها.

"أخيرا، أدركت الحكومة ووزارة الخدمات العامّة أنّه لا يمكن أن يعمل 20 شخصا مختلفا على ملفّ دفع واحد. وهذا ما كان يجري في إطار نظام فينيكس منذ العام 2016": ماغالي بيكار نائبة رئيس اتّحاد موظّفي القطاع العام.

هذا وأكّدت الحكومة الكنديّة أنّ الفرق المتخصّصة والمسمّاة "الفرق المختلطة" أصبحت متوفّرة في نحو خمسين بالمئة من الوزارات والوكالات الحكوميّة.

وتقول وزارة الخدمات العامّة والتموين إنه ستكون للاثنين والعشرين وزارة ووكالة المتبقّية فرقها المتخصّصة اعتبارا من منتصف العام الجاري 2019، ولكن دون أن توضح تاريخ نشر هذه الفرق بالتحديد.

وأشار ستيف ماكينون إلى أنّ الحكومة تتردّد في إعطاء تاريخ محدّد لانتهاء مشاكل فينيكس نظرا لما يمكن أن يستجدّ من عراقيل غير متوقّعة، ولكنّه أكّد أنّ النتائج الايجابيّة التي أدّى إليها البرنامج النموذجي ستتسارع في عام 2019.

(راديو كندا الدولي/ سي بي سي/ راديو كندا)