كندا: مجتمع يشيخ

عارضة الأزياء الكنديّة ماي ماسك (70 عاما) تحضر حفل جي كيو لرجال العام 2018 في بنديكت استيت في 06-12-2018 في بيفرلي هيلز في ولاية كاليفورنيا. وقد بدأت ماسك تعمل في عرض الأزياء منذ أن تركت شعرها بلون فضّي، وهي اليوم آخر وجه لمستحضرات كوفر غيرل/Phillip Faraone/Getty Images

ما هو معدّل الأعمار؟

كندا، على غرار دول مجموعة السبع، مجتمع يشيخ. ففي بلد يناهز عدد سكّانه 38 مليون نسمة، يبلغ متوسّط العمر 40 عاما.

ولكنّ كندا ما زالت رغم ذلك، واحدة من الأكثر شبابا من بين مجموعة الدول السبع.

ولكنّنا سنجد أنفسنا في العام 2031، في الوضع الذي تعيشه اليابان حاليّا، حيث ربع السكّان تجاوزوا الخامسة والستّين من العمر.

وقد فاجأت عناوين كهذه، وردت في الاحصاء السكّاني الذي جرى عام 2016، الكثير من الناس، وشكّلت تحدّيا وفرصا سوف نتحدّث عنها في تقريرنا.

* إن أردتم الاطّلاع على بعض هذه القوائم والمخطّطات، تجدوها في أسفل التقرير.

من فرحة الدخول في سنّ الشيخوخة بصحّة جيّدة كما تفعل ماي ماسك، إلى التقدّم المذهل في العمر الذي اختبرته الكاتبة شارون بوتالا، إلى مطالب "مجموعة الـ100 مليون بحلول عام 2100"، إلى زياده عدد المهاجرين بشكل كبير لدعم المسنّين، سوف نلقي نظرة على كيفيّة تطوّر الكنديّين.

المسنّون الذين تجاوزوا 100 عام من العمر، هم الفئة السكّانيّة الأسرع نموّا في كندا حاليّا/CBC/Trevor Wilson/ هيئة الاذاعة الكنديّة

الاحصاء السكّاني وفئة الـ100عام وما فوق

أظهر الاحصاء السكّاني أنّ فئة الكنديّين الذين تجاوزوا الخامسة والستّين تفوق فئة الذين هم دون الرابعة عشرة من العمر، وجاء هذا الواقع بمثابة صرخة توعية.

وتحوّلت الاهرامات الديموغرافيّة الماضية إلى أعمدة ديموغرافيّة، وبالفعل، أصبحت هذه الأعمدة ثقيلة للغاية اليوم.

ديفيد ك فوت، من أصل استرالي، هو عالم اقتصاد وعالم في الاحصاء السكّاني، متقاعد حديثا من جامعة تورونتو.

وكان فوت أوّل من حذّر الكنديّين قبل نحو 20 عاما، من هذه التغيّرات من خلال مجموعة من الكتب بعنوان "Boom,Bust and Echoe" وقّعها بالاشتراك مع الصحفي دانيال ستوفمان.

دافيد فوت، مؤلّف "بوم، باست أند ايكو"، في منزله في تورونتو في 29-05-2012/Aaron Vincent Alkaim/CP

ويبدو واضحا أنّ هذا التطوّر أصبح اتّجاها واضحا في هذه الألفيّة الجديدة.

والواضح أنّ دول ما يسمّى العالم المتقدّم ليست وحدها التي تعاني هذا التراجع في الخصوبة، لا بل أنّ هذا الواقع يتنامى أيضا في دول ما نسمّيه العالم النامي.

جوناتان شانيون عالم في الاحصاءات لدى هيئة الاحصاء الكنديّة، الهيئة التي تتعقّب الوقائع والأرقام في كندا.

ويرى شانيون أنّ الأخبار ليست كلّها سيّئة وينبغي أن نكون مستعدّين لهذا التطوّر.

"ما زالت كندا واحدة من بين الدول التي يُعتبر سكّانها الأصغر سنّا من بين مجموعة الدول الصناعيّة السبع. ووحدها الولايات المتّحدة تضمّ نسبة أقلّ من كندا من فئة السكّان ما فوق الـ65 من العمر": جوناتان شانيون.

وثمّة تغييرات في العمق تحدث في مجتمعنا، من الموازنات التي ترصدها الحكومة للخدمات الصحيّة، إلى المباني والمساكن المصمّمة لاستيعاب المزيد من كراسي المقعدين والمزيد من خيارات العيش المجتمعي.

وخلال العقود القليلة الماضية، أعيد تصميم العديد من مراكز التسوّق الداخليّة التي نرتادها، خصوصا خلال أشهر فصل الشتاء الباردة، لتوفير المزيد من المقاعد المريحة ممّا يتيح للمسنّين أخذ قسط من الراحة خلال تنقّلهم بين محلاّت التجزئة وليكونوا موضع ترحيب لقضاء الوقت فيها وفي المساحات المخصّصة للمطاعم، ممّا يتيح لهم كسر عزلتهم التي تبيّن أنّها مسيئة لنوعيّة عيش المسنّين.

حتّى أنّ الموت يخضع لعمليّة مراجعة. وثمّة تحوّل اجتماعي يحدث منذ أن بات الكنديّون يتمتّعون بحقّ "المساعدة الطبيّة على الموت".

وتتغيّر أيضا تقاليد الجنازات وطرق الدفن عمّا كانت عليه. ففي أوائل تشرين الثاني نوفمبر 2018، تمّ افتتاح أوّل صالون للموت في قصر المؤتمرات في مونتريال، الذي ضمّ شريحة واسعة من الخيارات لنهاية الحياة.

المسنّون ما فوق الـ100عام من العمر هم الفئة الديمغرافيّة الأكثر نموّا في كندا

Photo: iStock

في غضون ذلك، يعيش الناس لمدّة أطول. يعيش عدد أكبر لمدّة أطول. فهل الحياة جيّدة هنا؟

"كان هنالك تحوّل حقيقي في الأجيال" قال جوناتان شانيون.

عدد المسنّين الذين تجاوزوا الـ100 عام هو الأسرع نموّا من الناحية الديمغرافيّة في البلاد.

وثمّة حاليّا ما يزيد على 8000 شخص تجاوزوا المئة عام من العمر. (8230 شخصا بالتحديد عام 2016)

"بلغت نسبة النموّ 41 بالمئة لهذه الفئة العمريّة (منذ الاحصاء السكّاني الذي جرى عام 2011) وهي أعلى نسبة نموّ من بين كلّ الفئات العمريّة" حسب قول عالم الاحصاء جوناتان شانيون.

"العامل الآخر الملفت حاليّا هو أنّ الفئة العمريّة من 15 إلى 64 عاما هي الأعلى في كندا من بين مجموعة الدول الصناعيّة السبع" كما قال شانيون.

"معنى ذلك أنّ لدينا أعلى نسبة من الناس في الفئة العمريّة التي تساهم في التمويل الذي يدعم مجتمعنا" حسب عالم الاحصاء السكّاني جوناتان شانيون.

هذا هو الواقع الحاليّ، وأمّا بالنسبة للذين ينظرون إلى المستقبل، فثمّة تحدّيات في أماكن العمل وفي المجتمع، ينبغي الاعتراف بها ومواجهتها.

"ما تظهره التوقّعات السكّانيّة هو أنّ الفئة العمريّة للخمسة والستين عاما وما فوق ستكون أكبر نسبيّا في وقت تحافظ فئة الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر على استقرارها" دوما حسب جوناتان شانيون.

"يمكن أن نرى ذلك كمجتمع يتطوّر" كما قال.

رائد الأعمال موزس زنايمر كان يصغي إلى ديفيد فوت عندما أطلق عام 2017 زومر ميديا التي تضمّ مجلّة تتغنّى ببهجة الحياة بعد الخمسين من العمر. ويظهر على غلاف هذه النسخة ممثّل الفكاهة الكندي هاوي ماندل /Zoomer Media

تأخّر ظهور جيل البيبي بومرز، أي مواليد ما بعد الحرب العالميّة الثانية في كندا عن سواها من الدول الصناعيّة الباقية.

فقد عاد الجنود الكنديّون إلى البلاد بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية، بعد عودة الجنود الاميركيّين والبريطانيّين.

وجيل البيبي بومرز هنا هو الجيل المولود بين عامي 1947 و1966.

وكانت تلك السنوات التي وصل فيها معدّل الولادات إلى 400 ألف ولادة سنويّا في كندا، وكان عدد السكّان يومها أقلّ بكثير.

وحاليّا، يقارب جيل البيبي بومرز السبعين من عمرهم، وقد تقاعد الكثيرون منهم وأصبحوا خارج سوق العمل.

ومنذ أن تمّ في العام 2006 الغاء التقاعد الالزامي في الخامسة والستّين من العمر، يواصل عدد من أبناء هذا الجيل العمل. ومن المتوقّع أن يتنامى منحى العمل لمدّة أطول في الحياة.

في عام 2010 ، كان 6 بالمئة فقط يواصلون العمل بعد الخامسة والستّين من العمر، وكان معدّل سنّ التقاعد 62 عاما حسب تقرير لسي بي سي هيئة الاذاعة الكنديّة.

في غضون ذلك، من المتوقّع أن يتراجع عدد العاملين من 5 عمّال عن كلّ عامل  متقاعد عام  1980،  إلى عاملين اثنين عن كلّ عامل متقاعد في العام 2031، مع تقاعد المزيد من أبناء جيل البيبي بومرز.

فيلومينا تاسي، أوّل وزيرة للمسنّين

لدى معظم المقاطعات الكنديّة العشر والأقاليم حاليّا، وزارة مخصّصة للمسنّين ولشؤون الشيخوخة.

فيلومينا تاسي تقسم اليمين كوزيرة للمسنّين خلال حفل في ريدو هول في اوتاوا في 18-07-2018 /Justin Tang/CP

لدى معظم المقاطعات الكنديّة العشر والأقاليم حاليّا، وزارة مخصّصة للمسنّين ولشؤون الشيخوخة.

أقرّ رئيس الحكومة جوستان ترودو بالحاجة إلى وزارة أو موقع وطني عندما عيّن فيلومينا تاسي أوّل وزيرة فدراليّة للمسنّين.

وأعدّت الوزيرة قائمة بالاحتياجات الملحّة.

"ضمان الدخل، المساكن بأسعار معقولة، إساءة معاملة المسنّين والاحتيال عليهم، عزلة المسنّين، الرعاية الصحيّة والوصول إلى الخدمات الصحيّة، هذه مجموعة من الأمور التي تمّ نقلها إليّ... واللائحة غير مكتملة. ولكن، هذه هي الأشياء التي يستمرّ ذكرها في أغلب الأحيان" قالت وزيرة المسنّين فيلومينا تاسي.

التفرقة العمريّة، أحد اشكال الاجحاف الأكثر قبولا في المجتمع

التعاون، كما يحصل في أفضل العائلات، هو المفتاح لرعاية كبار السنّ.

قالت الوزيرة تاسي عندما سُئلت عن القدرة في احداث التغيير، إنّ الأمر ليس محصورا فحسب بالتنسيق بين الحكومات على المستويين الفدراليّ في اوتاوا والمحلّي في المقاطعات، بل في التداخل الفدرالي الذي ينبغي التغلّب عليه.

وينبغي تطوير العمل كفريق مع وزارات أخرى كوزارة الصحّة ووزارتي العائلات و العمل.

ومن حسن الحظّ أنّ لدى الوزيرة تاسي مجالا للتعاون  والتشاور مع عدد كبير من الخبراء.

وعلى سبيل المثال،  قسم الصحّة والشيخوخة والمجتمع التابع لجامعة ماكماستر في هاميلتون في مقاطعة اونتاريو، ومعهد شيريدان المجاور الذي يضمّ منذ العام 2003 مركزا للأبحاث حول المسنّين، حيث تتوفّر خبرات لم تكن موجودة في السابق.

ويمكن للوزيرة تاسي أن تعوّل أيضا على مساعدة المجلس الوطني للمسنّين، وهو مجموعة مستقلّة تعمل حاليّا على استراتيجيّة وطنيّة للمسنّين.

كما أنّ هنالك برنامج الآفاق الجديدة للمسنّين، New Horizons for Seniors Program الذي يعمل على التقريب بين المسنّين والشباب لخلق علاقات خارج روابط الأسرة.

""ولكن مع هذا التحوّل الديمغرافي، ينبغي حصول تغيّر في المواقف" : وزيرة المسنّين فيلومينا تاسي.

"الأمر الذي يتخطّى كلّ ذلك في اعتقادي هو التفرقة العمريّة وهو أمر ينبغي أن نتعامل معه" قالت الوزيرة تاسي لتعكس بقولها صدى وعي يتنامى في المجتمع الكندي.

فلورانس ستورش (101سنة) ترمي الرمح خلال دورة الألعاب الكنديّة 2014 للفئة الـعمريّة 55 عاما وما فوق، في شيروود بارك في ألبرتا، في 28-08-2014 /Jason Franson/CP

كتبت ساندرا ماكغريغور عام 2016في مجلّة ماكلينز تقول إنّ التفرقة العمريّة هي أحد أشكال الاجحاف الأكثر قبولا في كندا، كما ورد في تقرير صادر عن مركز  شيريدان للأبحاث حول المسنّين، وهي شركة توفّر الرعاية والخدمات للمسنّين.

وتبلغ نسبة قبول التفرقة العمريّة 42 بالمئة، مقارنة بالتمييز العرقي الذي تبلغ نسبة قبوله 20 بالمئة، والتمييز على أساس الجنس 1، ونسبته7 بالمئة حسب التقرير المذكور.

وأفاد ربع الذين شملتهم الدراسة أنّهم يعاملون شخصا ما بطريقة مختلفة بسبب عمره.

"نريد التأكّد من أنّ الكلّ على دراية بالمساهمات الرائعة التي قدّمها ويستمرّ في تقديمها المسنّون لمجتمعاتنا وفي أماكن العمل وفي أسَرنا ودور العبادة" قالت وزيرة المسنّين فيلومينا تاسي.

ومن الأمثلة الممتازة ، هازيل ماكاليون وفلورانس ستورش.

فقد فازت ستورش بميداليّة فضيّة في دورة الألعاب الكنديّة 2014 في ألبرتا ورمت الرمح على مسافة 3،18 أمتار لتحقّق أفضل نتيجة في الفئة العمريّة للّذين تجاوزا الخامسة والثمانين.

وقد أمضت هازيل ماكاليون، عمدة ميسيساغا السابقة، القسط الأكبر من حياتها في الخدمة العامّة.

وعند انتخابها للمرّة الأولى عام 1978، كانت ميسيساغا مدينة صغيرة في ضواحي تورونتو، لا يتجاوز عدد سكّانها 280 ألف نسمة.

وترشّحت للانتخابات البلديّة اثنتا عشرة مرّة، وقد فازت مرّتين بالتزكية واعيد انتخابها 10 مرّات.

واليوم، أصبحت ميسيساغا مدينة مزدهرة تعدّ 700 ألف نسمة، وتتميّز بتعدّديتها العرقيّة، حيث اللغة الأم لنحو نصف سكّانها ليست الانكليزيّة ولا الفرنسيّة، وهما اللغتان الرسميّتان في كندا.

هازيل ماكاليون في ميسيساغا اونتاريو في 14-05-2014 (أرشيف) . "العاصفة هازيل" كما تُسمّى، كانت واحدة من رؤساء البلديّات الذين شغلوا منصبهم لمدّة طويلة/Chris Young/CP

تحوّلت الحقول الخضراء التي كانت تحيط بمبنى البلديّة عام 1978 إلى أحياء وتمّ بناء برجين سكنيّين حازا على جوائز.

في منتصف كانون الثاني يناير 2019،منح دوغ فورد رئيس حكومة اونتاريو هازيل ماكاليون لقب مستشارة خاصّة له ولوزير الشؤون البلديّة ستيف كلارك.

وما زالت ماكاليون التي بلغت 98 عاما في شباط فبراير، تفكّر في عرض رئيس الحكومة، الذي يتضمّن راتبا سنويّا قدره 150 ألف دولار.

"إذا كان العرض يؤثّر في الوظائف الأخرى التي اتولاّها، عليّ أن أقرّر ما إذا كان لديّ الوقت الكافي للقيام به" قالت هازيل ماكاليون لصحيفة ذي غلوب أند ميل في 23-01-2019.

هنالك بالفعل الكثير من البرامج الرائعة في مختلف أنحاء كندا كما قالت وزيرة المسنّين فيلومينا تاسي، وأضافت بأنّ تقاسم المعلومات حول أفضل الممارسات أمر بالغ الأهميّة.

عندما كانت تاسي قسّيسة في مدرسة ثانويّة، دشّنت برنامجا يجمع مراهقا بشخص مسنّ لمساعدته على التسوّق خلال فترة عيد الميلاد.

وحقّق البرنامج ولا يزال، نجاحا منقطع النظير.

العودة إلى المدرسة تعني بالنسبة للمراهقة تافادزوا ماشيبيزا، سنة أخرى تعيش خلالها بجانب رفيقتها كونستانس جين (73 عاما) وتتقاسمان معا المسكن نفسه في هاميلتون/Craig Chivers/CBC/ هيئة الاذاعة الكنديّة

في مدينة هاميلتون في مقاطعة اونتاريو، حقّق برنامج التكافل Symbiosis Program   الذي تقدّمه جامعة ماكماستر نجاحا كبيرا.

ويقضي البرنامج بالربط بين كبار السنّ من أبناء المجتمع الذين تتوفّر لديهم غرفة، مع الطلاّب الذين يقدّرون العيش مع شخص كبير السنّ في بيئة "منزلية".

"الحياة تتغيّر اليوم بالنسبة لشبابنا، إذا ما نظرنا إلى وسائل التواصل الاجتماعي والضغوط الكثيرة. والمشورة والحكمة والخبرة التي يمكن أن يقدّمها المسنّون للشباب بالغة الأهميّة" قالت الوزيرة تاسي.

100 مليون بحلول العام 2100

دعوني أقول لكم يا أبناء بلدي، إنّ كلّ المؤشّرات تسير في هذا الاتّجاه، بأنّ القرن العشرين سيكون قرن التنمية في كندا وقرن كندا... خلال المئة عام المقبلة، ستكون كندا النجمة التي سيتّجه نحوها كلّ الذين يحبّون التقدّم والحريّة": رئيس الحكومة الكنديّة سير ولفريد لورييه متحدّثا في قاعة ماسي Massey Hall في تورونتو في 14-10-1904

تهدف مبادرة القرن التي أطلقتها مجموعة من الحالمين إلى زيادة عدد سكّان كندا إلى 100 مليون نسمة مع حلول مطلع القرن المقبل.

غولدي هايدر عضو في مجلس مبادرة القرن. ويقول إنّ هذا القول لرئيس الحكومة ولفريد لورييه لم يتحقّق خلال القرن العشرين، لذلك، يأمل الأشخاص الواقفون وراء هذه المبادرة برؤيتها تثمر خلال المرحلة المقبلة.

وفي حين يرى البعض أنّ الهدف جريء، يرى غولدي هايدر عكس ذلك. "لو نظرنا إلى تاريخنا، فالهدف ليس طموحا بقدر ما يعتقد البعض".

وطلبت المجموعة إجراء دراسة، ووجدت أنّ تحقيق هدف الـمئة مليون شخص يحتّم أن تستقبل كندا 450 ألف مهاجر سنويّا.

في نهاية  تشرين الأوّل أكتوبر 2018، اعلن وزير الهجرة أحمد حسين أنّ كندا ستستقبل 450 ألف مهاجر عام 2021.

وتستند رؤية مجموعة المبادرة إلى خمسة ركائز، تهدف جميعها إلى زيادة عدد السكّان.

فمن الجهود المحليّة لزيادة الخصوبة من خلال تحسين الوصول إلى الرعاية الصحيّة للأطفال وتعليم الأطفال في سنّ مبكّرة، إلى الابتكار والتنمية الحضريّة، تبقى زيادة عدد السكّان أمرا بالغ الأهميّة.

"لقد فعلنا ذلك من قبل"

"هذا ليس حلاّ في البحث عن مشكلة: هنالك مشكلة قال هايدر "والحلّ صحيح تاريخيّا".

"منذ العام 1918 حتّى العام 2000، تضاعف عدد السكّان 3،7 مرّات. واقتراح مجموعة المبادرة بتحقيق نموّ سكّاني من 35 مليون نسمة عام 2018 إلى 100 مليون نسمة عام 2100 يعني مضاعفة العدد 2،7 مرّات فقط " كما يشرح غولدي هايدر.

"أوّل رسالة منّي للكنديّين هي أنّنا فعلنا ذلك وفعلناه بطريقة أكبر من قبل".

لو كانت لدى قادة القرن الماضي هذه الرؤية المحدودة لقدرة كندا على استقبال المهاجرين، الواصلين وفق شروط محدّدة ولمجموعة هائلة من الأسباب، لما كان الكثيرون منّا هنا كما قال هايدر.

لكان البلد أكثر فقرا لمجموعة من الأسباب، بما فيها كلفة تحمّل المعيشة في بلد بحجم كندا، مع ما يحتاجه ذلك من بنى تحتيّة لإنجاحها.

"مع وعاء ضريبي مستنفذ، كم يمكن أن يدفع الناس" يتساءل هايدر.

"كلّما أضفنا إلى هذه الكعكة الضريبيّة، ازداد احتمال توزيع العبء الضريبي على عدد أكبر من الناس، وأصبح بمقدورنا أن نتحمّل عبء البنى التحتيّة وأن نبني ونحافظ إلى حدّ ما، على هذا النموذج من كندا الذي اعتبره الجميع أمرا مسلّما به".

صحّة جيّدة وصحّة أفضل

في وقت بدأ فيه الحديث والتخطيط للأمد الطويل، تجد العديد من العائلات نفسها مرتبطة بالاهتمامات الآنيّة المتمثّلة في رعاية الاهل المسنّين والاهتمام بهم.

فالصحّة الجيّدة لا ترافق بالضرورة طول العمر وهذه مقامرة في نهاية المطاف.

المسنّون الذين تجاوزوا المئة عام والذين يشكّلون الفئة العمريّة الأكثر نموّا في كندا هم بحاجة للرعاية

ستيفاني اريكسون عاملة اجتماعيّة تعمل في الممارسة السريريّة في مونتريال، وتساعد المسنّين وعائلاتهم عندما يحتاجون إلى رعاية موسّعة وخدمات إضافيّة.

وتقول إنّ الحاجة للأسرّة وإلى مأوى وعمّال كبيرة ولا تنتهي.

وتصرّ على الأشخاص الذين لديهم المستندات القانونيّة الضروريّة  والوصايا والوكالات، التي تسهّل عمليّة اتّخاذ القرار وتتيح للأُسر الدفاع عن مسنّيها.

وينبغي كما تقول اريكسون أن تكون الأُسر مرتاحة للحديث عن رغباتها، وتنصح المسنّين بالتحدّث إلى أولادهم وإلى من يحبّون، عن خياراتهم التي قد يعجزون عن التعبير عنها عندما يحين الأوان.

ماي ماسك في السبعين من عمرها في ذروة مهنة عرض الأزياء التي زاولتها طوال حياتها

ماي ماسكك مولودة في ريجاينا في سسكتشوان عام 1948. هاجر أهلها من جنوب افريقيا عندما كانت في الثانية من العمر.

ماي ماسك تشارك في عرض تجريبي للماكياج في 04-12-2018 في محلاّت كوفر غيرل في نيويورك/Mike Coppola/Getty Images for COVERGIRL)

في سنّ الخامسة عشرة، سجّلها أحد أصدقاء أهلها في دروس لعرض الأزياء وباشرت مهنتها بلقطات تصوير في بريتوريا وجوهانسبورغ وزاولت عرض الأزياء منذ تلك الفترة.

كما تابعت شغفها بالعلوم والرياضيّات وطموحاتها الأكاديميّة وحازت على شهادتي ماجيستير وعملت كأخصّائيّة مسجّلة في التغذية وخبيرة تغذية حائزة على جائزة.

وكانت ماي ماسك رئيسة سابقة لمستشاري التغذية، وأمّا لثلاثة أولاد بارعين، من بينهم ايلون ماسك مؤسّس شركة تيسلا للسيّارات الكهربائيّة، وشقيقته التوأم توسكا ماسك المخرجة والمنتجة السينمائيّة، وكمبل ماسك صاحب الأعمال والمقاول في القطاع الزراعي.

واليوم وقد بلغت ماسك السبعين من العمر وأصبحت جدّة لعشرة أحفاد، ما زالت تثبت أنّها قوّة لا يستهان بها وأنّ التقدّم في السنّ لا يؤثّر في البهجة والحيويّة.

"أنا متعبة حقّا من ذلك وأريد أن أعرف ماذا يخبّئ التوقّف عن العمل وراءه": قالت ماي ماسك

تذكّرت ماسك في حديث لمجلّة People  في كانون الثاني يناير 2017، قرارها بالعودة إلى لون شعرها الطبيعي.

"أنا متعبة حقّا من ذلك وأريد أن أعرف ماذا يخبّئ التوقّف عن العمل وراءه": قالت ماي ماسك. "لذلك تركت شعري يطول بلونه الأبيض.

وبدأ عملها في مجال عرض الأزياء يتنامى، وارتبطت بالعديد من الحملات الدعائيّة بعدما أدركت الشركات أنّ هنالك  ما زالت هنالك سوقا خاصّة بالنساء المسنّات غير مستغلّة

وحاليّا، ماي ماسك هي وجه شركة كوفر غيرل ويمكن مشاهدتها على المنصّة خلال أسابيع الموضة.

"إنّه أكثر ثراء وصحّة بهذه الطريقة. أتمنّى لو أنّي فعلت ذلك في وقت مبكّر" قالت ماسك. "عندما أنظر إلى الوراء، كان قراري بترك شعري ينمو على طبيعته قرارا مدهشا، وبدأت بالحصول على حملات دعائيّة كبيرة.

ووقّعتُ مع شركات أوروبيّة وسافرتُ إلى العديد من المدن وهو أمر أحبّه كثيرا. يستوقفني الناس في الشارع ويقولون إنّهم يحبّون لون شعري" قالت ماي ماسك في حديثها للصحفيّة  في مجلّة People كيتلين فراي.

الشيخوخة التدريجية

تقول شارون بوتالا الكاتبة البارعة من كالغاري (78 عاما) إنّ ادراك معنى كلمة مسنّ شكّل صدمة لها.

وكتبت بوتالا في مقال نشرته في مجلّة والروس الكنديّة "كنت في الوقت عينه في حالة من الانكار بأنّ ذلك سيحدث لي، ولذا أُصبت بالصدمة في أعماقي عندما حدث ذلك.

وكان هذا اعترافا بما يعنيه عمرها.

وقالت للعديد من أقرانها، ولاسيّما الذين هم في صحّة جيدة، إنّ ادراك هذا الأمر كان له أثر كبير.

"لقد أصابني ذلك كطنّ من أحجار الطوب" قالت شارون بوتالا"− شارون بوتالا

وكان عليها أن تُفاوض بشأن رهان عقاري بعد وفاة زوجها، وكانت يومها في السبعين من عمرها. وكان ذلك بمثابة وعي قاس لما وصفته في مقالها بأنّه تفرقة عمريّة مذهلة.

ورفعت بوتالا الصوت عاليا عندما سمعت أخبارا حول تعليق رخص القيادة لبعض أصدقائها بسبب مخالفات صغيرة ارتكبوها.

وتقول إنّ ذلك ليس دوما سهلا على المسنّ الذي يتمّ تجاهله، وبإمكانها أن تعبّر عن هذه الخسارة.

"نعم، كلّ الأشياء الجيّدة تزول، مثل الزوج والحياة الجنسيّة والحفلات والشرب. كلّ ذلك ينهار."

ورغم ذلك، تبقى شارون بوتالا مفعمة بالأمل.

"اعتقد أنّ ما يتبقّى وما هو مهمّ هو حياة الأفكار"

وتقول بوتالا، وهي عضو في شرعة "جمعيّة طالبي العلم مدى الحياة" في كالغاري،  Calgary association of Lifelong Learnersإنّ ثمّة بداية للتغيير.

"أعتقد أنّ علينا أن نفكّر في جعل حياة المسنّين أفضل، لا أن نطيلها إلى الأبد" .

كتاب شارون بوتالا الجديد "موت زارا"  Zara’s Dead سيكون متوفّرا عام 2019

بيانات مفيدة من معهد الاحصاء الكندي
انقر لتكبير الصورة * 2.8 مليون ، أو 9 في المئة ، من الكنديين يعيشون في الخارج ، وفقا لتعداد عام 2016.
فئة:مجتمع
كلمات مفتاحية: