هل مزارعو الكانولا الكنديون ضحايا للنزاع الدبلوماسي مع الصين؟ الصورة هي لسهل كانولا في مقاطعة ساسكاتشيوان في غرب كندا (Rob Krug / CBC)

كندا وتحدّي حلّ الأحجية الصينية: هل مزارعو الكانولا الكنديون ضحايا جُدد؟

أوقفت الصين استيراد حبوب الكانولا من شركة "ريتشاردسون إنترناشونال" الكندية، أحد أكبر مُصدّري الكانولا حول العالم، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة الكندية اليوم.

وقالت وكالة "رويترز" للأنباء إن وثيقة صادرة عن الجمارك الصينية بتاريخ الأول من آذار (مارس) الجاري تفيد عن إلغاء رخصة التصدير للشركة المذكورة الواقع مقرها الرئيسي في وينيبيغ، عاصمة مقاطعة مانيتوبا في البراري الكندية.

والصين زبون هام لمزارعي الكانولا الكنديين، فهي استوردت العام الماضي نحواً من نصف صادرات كندا من الكانولا البالغة قيمتها الإجمالية خمسة مليارات دولار.

ويبدو قرار الصين بوقف استيراد الكانولا من "ريتشاردسون إنترناشونال" كواحدةٍ جديدة من مضاعفات النزاع الدبلوماسي والتجاري بينها وبين كندا. هذا على الأقل ما يراه نائب الرئيس الأول في الشركة، جان مارك رُويست.

فالعلاقات بين البلديْن أخذت تسوء عندما أوقفت السلطات الكندية المديرة المالية لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي" مينغ وانتشو في فانكوفر في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الفائت بناءً على طلب من السلطات الأميركية. وبعد تسعة أيام على ذلك أوقفت الصين الكندييْن مايكل كوفريغ ومايكل سبافور المقيميْن على أراضيها للاشتباه بضلوعهما في "أنشطة تهدد الأمن القومي".

الكنديان الموقوفان في الصين، الدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ (إلى اليمين) ومايكل سبافور (AP Photo)

ويوم أمس قالت السلطات الصينية إن كوفريغ، وهو دبلوماسي كندي سابق، دخل الأراضي الصينية مراراً عديدة منذ عام 2017 بجواز سفر عادي وبموجب تأشيرات عمل و"سرَق أسرار دولة وتجسَّس على أجهزة الاستخبارات الصينية بفضل معرفته لشخص في الصين"، وأضافت أن "سبافور كان الشخص الرئيسي في التواصل مع كوفريغ وزوّده بالمعلومات".

"نحن قلقون من التطورات التي حصلت اليوم. الكنديان المعتقلان في الصين أوقفا بطريقة تعسفية بالكامل"، قال أمس رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو، مضيفاً، "كندا دولة قانون، وسنحترم دوماً استقلال القضاء"، في إشارة إلى ملف مينغ وانتشو.

وتجدر الإشارة إلى أن اتهام الصين للكندييْن كوفريغ وسبافور بـ"سرقة أسرار دولة" والتجسس على استخباراتها جاء بعد أيام معدودة من بدء القضاء الكندي إجراءات تسليم مينغ وانتشو للقضاء الأميركي لتُحاكَم بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وأيضاً بسرقة أسرار صناعية من مجموعة "تي موبايل" (T-Mobile) الأميركية للاتصالات.

وتخضع مينغ للإقامة الجبرية منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) في فانكوفر حيث تملك منزليْن، وهي رفعت دعوى يوم الجمعة أمام القضاء الكندي ضد الحكومة الكندية ووكالة الخدمات الحدودية الكندية والشرطة الفدرالية، مدّعيةً حصول "انتهاكات خطيرة لحقوقها الدستورية" عند توقيفها في مطار فانكوفر. وستمثل مجدداً أمام القضاء يوم غد الأربعاء "لتأكيد صدور مذكرة تمهيدية، وتحديد موعد لجلسة النظر في طلب تسليمها" للسلطات الأميركية.

المديرة المالية لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي"، مينغ وانتشو (CBC)

وتنفي الصين باستمرار أن تكون هناك أية صلة بين اعتقال كوفريغ وسبافور وقضية مينغ وانتشو، وإن كانت تعتبر توقيف مواطنتها في كندا وبدء إجراءات تسليمها للقضاء الأميركي "حادثاً سياسياً خطيراً".

ولم توجه الصين اتهامات رسمية لكوفريغ وسبافور، على الأقل حتى الآن، كما أنها لم توضح ماهية المعلومات المسروقة. لكنّ الكندييْن المعتقليْن يخضعان لاستجواب يومي، ولا يُسمح لهما بتعيين محامٍ للدفاع عنهما.

"عندما تُوجّه اتهامات رسمية (لكوفريغ وسبافور) ستصبح القضية أكثر تعقيداً بكثير، إذ ستبدأ الإجراءات القضائية بصورة رسمية، ولن يصدر حكم قبل سنة ونصف من الزمن، وكما تعلمون، عندما توجّه اتهامات رسمية في الصين، يُدان المتهمون في 99,9% من الحالات"، قال أمس سفير كندا السابق لدى الصين غي سان جاك لتلفزيون راديو كندا. وكان سان جاك سفيراً في بكين منذ عام 2012 ولغاية عام 2016.

من جهتها قالت اليوم وزيرة الزراعة الكندية ماري كلود بيبو إن "تحاليل إضافية" أجرتها الوكالة الكندية لمراقبة الأغذية على عينات من الكانولا الكندية أكدت "خلوّها من أي آفات أو بكتيريا تثير القلق"، مضيفةً أن حكومتها تتابع موضوع إيقاف الصين استيراد الكانولا من شركة "ريتشاردسون إنترناشونال" الكندية "عن كثب" وأنها "ستعمل مع الصين من أجل حلّ هذه المسألة بأسرع وقت ممكن".

فهل ستنجح كندا بحل هذه المشكلة الجديدة أم أن المشاكل مع الصين ستزداد في حال لم يكن هذا العملاق الاقتصادي راضياً عن التطورات في ملف مينغ وانتشو؟

(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا / رويترز / أ ف ب / سي تي في / راديو كندا الدولي)

استمعوا
فئة:اقتصاد، دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.