هي كتلة إحساس بحضورها وعمقها وشفافيتها وتفاعلها مع الأشخاص والمواقف والمشاعر والكلمات. لا حدا فاصلٌ بين عالمها الواقعي وعالمها الافتراضي، فهما يختلطان معا وتذوب هي فيهما فلا نعود ندرك أين هي زلفا شلحت الإنسانة وأين هي زلفا شلحت الفنانة.
تنصهر ضيفتي في مشاهد الحياة أينما حلّت لأن لا جغرافيا ولا حدودا تحدّها بل هي ابنة الكون بأسره وأخت الانسانية في كل زمان ومكان.
هذه باختصار تجربة الفنانة الكندية اللبنانية التي تعايد هذه السنة اليوبيل الفضي لمسيرتها الفنية التي بدأت من "أحلى بيوت راس بيروت" في مطلع الألفية الثانية ليستمرّ إيمان الكاتب التلفزيوني اللبناني مروان نجار بموهبتها ويكتب لها بعد غياب 17 عاما دور فاديا المركب المعقد في مسلسله الأخير "سكت الورق"، الذي شكّل العام الماضي عودة باهرة لها إلى الشاشة الفضية اللبنانية والعربية.
وبين ذاك المسلسل وهذا تعيش زلفا شلحت كل المشهد الفني الكندي الفرنسي وتتفاعل معه وتنصهر فيه لتنتمي بقوة إليه وهذا "لأن الفنان لا هوية له والأرض هي انتماؤه".
تجربة رائدة اضطلعت بها ضيفتي ونَذرت لها نفسها منذ تخرّجها من المسرح والتمثيل في جامعة القديس يوسف في بيروت في أواخر التسعينيات من القرن الماضي وهي الشفاء والعلاج بالتمثيل. في مونتريال يرتاد مشغلها للتمثيل المحترف عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة بغالبيتهم من الأطفال الذين تساهم زلفا شلحت في تغيير عالمهم ونقلهم إلى فسحات وفضاءات رحبة، وقد أطلقت على نشاطها هذا اسم: "Les Comediens En Herbe".

لا توفر زلفا شلحت جهدا لتقريب المسافة بينها وبين تلامذتها الأطفال الذين يرون في "شعرها الأبيض، شعاع نور وضوء" كما قال أحد الأطفال لأمه في وصفه لمعلمته/صفحة الفيس بوك لزلفا شلحت
تُغّني زلفا شلحت لتكثيف التعبير بالصوت الذي هو كل ما تملكه، وبصوتها تحمل أرواحا كثيرة رحلت وتبكي فقدان الأحبة. ستغرورق وتمتلىء عينا ضيفتي بالدموع وتنتاب الغصّة صوتها حينما تعود إلى خزانة ذكرياتها. ما اختيار والدها لاسمها سوى عربون وفاء لوطنيته ولزعيم حزب الوطنيين الأحرار المنتسب إليه، زلفا اختاره والدها تيمنا بزوجة الرئيس اللبناني الراحل زلفا كميل شمعون. ويعتصر قلب ضيفتي على أحبة غادروها وتنظم لروح الفنانة الكندية اللبنانية كريستين عطالله التي بكّرت في الرحيل رائعة غنائية عن "حورية صاحبة الصوت في بلاد طيور البطريق". مشاهد كثيرة بحلوها ومرّها ستأخذنا إليها زلفا شلحت بخفة ظلّ وانسياب وسلاسة وعذوبة في السرد حينا والتمثل والغناء أحيانا. ومن أكثر حاجة من هذه الفنانة المرهفة إلى كل ذلك المعين والإلهام، الذي تعيشه في كل نفس من أنفاسها، لتبدع بالصوت والكلام والأداء والتجسيد الدرامي.
بالصوت والصورة أنقل لكم كل أجواء اللقاء الذي لم يحتج إلى أي تشذيبٍ أو اقتطاع بكل السجية والعفوية التي اتسمت بها ضيفتي السيدة زلفا شلحت.
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.