يوم رست الباخرة التي كان يعمل على متنها طارق كوستيك في مرفأ هاليفاكس عام 1973، لم تكن فكرة الهجرة إلى كندا تراود هذا الشاب السوري الذي أبصر النور في اللاذقيّة.
يقول طارق كوستيك في حديث هاتفي أجريته معه من مدينة هاليفاكس إنّه بدأ بالعمل على الباخرة في السادسة عشرة من عمره وتوقّفت الباخرة ذات يوم في مرفأ هاليفاكس لإصلاح أعطال طرأت عليها.
وأحبّ الشاب طارق كوستيك مدينة هاليفاكس المطلّة على سواحل الأطلسي التي ذكّرته بمدينة اللاذقيّة على ساحل البحر المتوسّط .
وقرّر مع ثلاثة من رفاقه اليونانيّين أن يبقوا جميعا في هاليفاكس، ولكنّهم انتقلوا إلى مدينة مونتريال خوفا من أن توقفهم شرطة هاليفاكس.
وتنقّل طارق كوستيك في عدد من مدن كندا، ولكنّ هاليفاكس ظلّت مدينته المفضّلة، وهو يقيم فيها منذ نحو 35 عاما كما قال في حديثه للقسم العربي.
وفي منتصف سبعينات القرن الماضي، أصدر رئيس الحكومة في حينه، بيار إليوت ترودو، والد رئيس الحكومة الحالي جوستان ترودو إعفاء عن المقيمين بصورة غير شرعيّة في كندا، وقدّم طارق كوستيك أوراقه وحصل على غرار الكثيرين على الجنسيّة الكنديّة.
وعمل طارق كوستيك بجهد وبدأ من أسفل السلّم كما قال، لأنّه لم يكن يمتلك لا شهادة جامعيّة ولا خبرة في العمل، وعمل في مجالات البناء والتنظيف والدهان وسواها، وعمل على غسل الصحون في مطعم خمسة نجوم ايطالي في هاليفاكس، وفي مطاعم يونانيّة، ولم تكن توجد مطاعم عربيّة في هاليفاكس في تلك الفترة كما قال.
وترفّع شيئا فشيئا في عمله من مساعد طبّاخ إلى طبّاخ وشيف وعمل في العديد من فنادق المدينة، إلى أن فتح أوّل مطعم له أسماه أوسكار وكرّت السبحة، ليحقّق طارق كوستيك قصّة نجاح مميّزة في المجتمع الكندي.
ويفسّر كوستيك الذي مضى على وجوده في كندا 46 عاما، سرّ نجاحه فيقول إنّ الغربة تقود المرء إمّا نحو النجاح أو نحو الفشل، والسوريّون واللبنانيّون ناجحون في الغربة كما يقول، وسنحت له الفرصة أن ينجح ،وكان يمتلك في وقت من الأوقات 30 مطعما في هاليفاكس الكبرى ومقاطعة نوفا سكوشا.
ويعمل لدى مطعم " طارق كافيه " موظّفان سوريّان، ويقدّم المطعم المأكولات السوريّة، ويسعى قدر الإمكان، لتحضير الأكلات التي كانت تعدّها والدته في اللاذقيّة، كما أنّه يقدّم المأكولات الكنديّة ويطعّمها بنكهة عربيّة.
وسوريّا دوما في القلب كما يقول طارق كوستيك الذي ما زال يتحدّث العربيّة دون مشكلة رغم أنّه يعمل بالانكليزيّة منذ ما يزيد على 40 عاما، وزار الوطن الأمّ 4 مرّات منذ وصوله إلى هنا، ويتشوّق هو وزوجته الكنديّة لزيارة سوريّا والتعرّف إلى تاريخها وآثارها، ويأمل أن تسنح الفرصة لزيارتها مع أولادهما في أقرب وقت.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.