الممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتهايزر (Manuel Balce Ceneta / AP)

واشنطن تلوّح بتطبيق اتفاق التجارة الحرة الجديد في أميركا الشمالية بقبضة فولاذية

يدخل اتفاق التجارة الحرة الجديد بين كندا والولايات المتحدة الأميركية والمكسيك حيز التنفيذ بعد غدٍ الأربعاء، الموافق فيه الأول من تموز (يوليو). وفي كندا يُعرف الاتفاق اختصاراً بـ"كوسما" أو "أسيوم" (Canada-United States-Mexico Agreement / CUSMA - ACÉUM)، فيما يُعرف بـ"أوسمكا" (USMCA) في الولايات المتحدة.

لكنّ للممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتهايزر طريقة غريبة في إبراز أهمية هذا الحدث الذي من المفترض أن يُشكل فجراً جديداً للعلاقات بين دول أميركا الشمالية الثلاث، حسب تقرير لوكالة الصحافة الكندية.

فلايتهايزر قال أمام لجنة من الكونغرس الأميركي إنّ للبيت الأبيض الأميركي قبضة فولاذية في القفاز المخملي للدبلوماسية التجارية وسيستخدمها بشكل صارم لتطبيق الاتفاق الذي تمّ التوقيع على نسخته النهائية في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2019 في العاصمة المكسيكية مكسيكو.

وبدل صدور تصريحات ودية عن التضامن بين دول الاتفاق الثلاث، لوّح لايتهايزر باللجوء إلى الفقرة رقم 232 من قانون توسيع التجارة (Trade Expansion Act) لعام 1962 من أجل فرض رسوم عقابية على واردات الفولاذ والألومنيوم من كندا.

يُذكر أنّ فرْضَ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2018 رسوماً عقابية على كندا، وعلى دولٍ عديدة أُخرى، بموجب الفقرة المذكورة وردَّ كندا بعقوبات مضادة شكّلا عقبة كبيرة خلال المفاوضات الكندية الأميركية حول النسخة الجديدة من اتفاق التجارة الحرّة لأميركيا الشمالية ("نافتا" - NAFTA).

من اليسار في العاصمة المكسيكية في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2019: وزيرُ المالية المكسيكي أرتورو هيريرا ونائبةُ رئيس الحكومة الكندية كريستيا فريلاند والرئيسُ المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ومساعدُ وزير الخارجية المكسيكي لشؤون أميركا الشمالية خيسوس سيادِه والممثلُ التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتهايزر بعد التوقيع على النسخة المعدّلة من النسخة الجديدة من اتفاق "نافتا" والتي يحملها كلّ من فريلاند وسيادِه ولايتهايزر (Marco Ugarte / AP)

"قد يعتقد البعض أنّ اتفاق ’’كوسما‘‘ دشّن مرحلة جديدة، لكن في بعض الجوانب نجد أننا في وضع متواصل"، يقول رئيس مجموعة "ريدو بوتوماك الاستراتيجية" (Rideau Potomac Strategy Group) للبحوث والاستشارات في العاصمة الأميركية واشنطن.

ففي شهادة أدلى بها أمام لجنة المالية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي في وقت سابق من الشهر الحالي، وعد لايتهايزر باتخاذ "الخطوات الضرورية" لضمان احترام أحكام الاتفاق المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة. وهدّد باللجوء إلى القضاء إذا ما قام قطاع الألبان الكندي بما قد تعتبره الإدارة الأميركية شكلاً من أشكال الخداع التجاري الذي يهدّد مصالح المزارعين الأميركيين.

يُشار في هذا الصدد إلى أنّه بموجب الاتفاق الجديد يتخلى قطاع الألبان الكندي عن 3,59% من السوق الداخلية ويحدّ صادراته من بعض المنتجات الأساسية كالحليب المجفّف الخالي الدسم وحليب الرُضّع.

لكن بالرغم من الكلام القوي والتهديد بفرض رسوم، يبقى التنبؤ والاستقرار على المدى الطويل اللذان سيوفرهما الاتفاق أهمّ بكثير من العقبات والخلافات التي ستبرز في بدايات تطبيقه، يرى المحامي المتخصص في التجارة الدولية نيك غوزمان الذي يعمل لدى شركة "فايغري درينكر" (Faegre Drinker) للمحاماة في شيكاغو.

ويضيف غوزمان أنّ حكومات دول "نافتا" الثلاث استفادت من إعادة صياغة الاتفاق من أجل تحديثه وجعله أكثر فعّاليّةً، ما يجعل التجارة بين هذه الدول "أكثر فعّاليةً بكثير" من السابق.

سبائك ألومنيوم (Rémi Tremblay / Radio-Canada)

ويعتقد غوزمان أنّ المواطن الكندي العادي لن يرى مع بدء تطبيق الاتفاق الجديد متغيرات كبيرة فورية، باستثناء رؤيته المزيد من منتجات الحليب الأميركية في متاجر الأغذية وارتفاعاً محدوداً في تكاليف البريد للطرود المرسلة من بلد لآخر، مع إمكانية رؤيته أيضاً ارتفاعاً محدوداً في أسعار السيارات والشاحنات نظراً لقواعد المنشأ وأحكام العمل الجديدة في الاتفاق.

"سنرى بالتأكيد قرارات كبيرة من شركات صناعة السيارات حول أماكن منشآتهم وحجم الإنتاج فيها وأموراً من هذا القبيل. تغييرات كثيرة في قطاع السيارات ستكون بالغة الأهمية وشديدة الصرامة"، يتوقّع غوزمان.

ولوّح لايتهايزر بفرض رسوم مجدداً بسبب "طفرة" في واردات الفولاذ والألومنيوم إلى الولايات المتحدة مصدرها "بدرجة كبيرة" كندا، خلافاً لاتفاق التبادل التجاري الجديد.

وفي رسالة وجهتها إلى لايتهايزر يوم الخميس الفائت قامت "جمعية الألومنيوم"، التي تضمّ 16 شركة أميركية للمنتجات النهائية من الألومنيوم، بالخروج عن صف شركات تعدين الألومنيوم الأميركية التي تطالب بفرض عقوبات جديدة، إذ حثته على إعادة النظر في أيّ قرار من هذا النوع.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب (أرشيف) / Evan Vucci / AP

"لقد كانت سلسلة توريد الألومنيوم المتكاملة في أميركا الشمالية عنصراً أساسياً في قدرة صناعة الألومنيوم الأميركية على الاستثمار والنمو في العقود العديدة الأخيرة من الزمن"، كتبت "جمعية الألومنيوم" في رسالتها.

"حتى وإن عملت شركات تعدين الألومنيوم الأميركية بكامل طاقتها فهي لا تستطيع تلبية سوى ثلث الطلب على هذا المعدن الحيوي. ليس لدى صناعة الألومنيوم من خيار سوى استيراد كمية هامة من الألومنيوم الخام لتلبية الطلب، والسؤال الوحيد هو من أين؟"، أضافت "جمعية الألومنيوم" في رسالتها إلى الممثل التجاري للولايات المتحدة.

وينقسم الخبراء حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستفرض رسوماً عقابية نظراً للتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه الرئيس الأميركي المعروف بمزاجيته.

وفيما الولايات المتحدة على موعد مع انتخابات رئاسية بعد أربعة أشهر واقتصادها يعاني من تبعات جائحة "كوفيد - 19" التي أودت بحياة نحوٍ من 129 ألفاً من سكانها لحين إعداد هذا التقرير، يبدو المشهد اليوم مختلفاً تماماً عمّا كان في عام 2018 عندما لم تكن المفاوضات بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك قد أثمرت اتفاقاً جديداً بعد وكان الاقتصاد الأميركي بصحة جيدة.

(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على "نافتا" الجديد

كندا والولايات المتحدة والمكسيك توقّع على النسخة المعدّلة من "نافتا" الجديد

فريلاند في واشنطن مجدداً للدفع باتجاه المصادقة على "نافتا" الجديد

فئة:اقتصاد، دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.