ارتفع عدد حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 في أونتاريو بعد تراجعه بصورة ملحوظة قبل فترة في كبرى مقاطعات كندا من حيث عدد السكّان وحجم الاقتصاد.
وأفادت السلطات الصحيّة عن تفشّي الوباء في مزارع يعمل فيها العديد من العمّال الأجانب، من بينهم عمّال بدون أوراق في منطقة وندسور- إيسيكس في أونتاريو.
ويعمل نحو من ألفي عامل غير نظامي في المزارع، وساهمت ظروف عملهم في عرقلة جهود حكومة المقاطعة برئاسة دوغ فورد في عرقلة جهود التصدّي للجائحة.
وارتفع عدد الإصابات بالفيروس في صفوف العمّال الموسميّين في جنوب غرب أونتاريو، وأصيب نحو من ألف عامل بالعدوى منذ بداية الجائحة، ما يوازي ثلث حالات الإصابة المؤكّدة بمرض كوفيد-19، كما ورد في تقرير لراديو كندا وسي بي سي.
ويقول أحد العمّال الأجانب الذي تحدّث إلى سي بي سي هيئة الإذاعة الكنديّة إنّه وصل من غواتيمالا قبل سنة بموجب برنامج حكومي للعمّال الموسميّين.
و انتهت رخصته ، ولكنّه يستمرّ في العمل المؤقّت، ويتنقّل من مزرعة إلى أخرى، ويرسل المال لزوجته وأولاده الأحد عشر في غواتيمالا كما قال في حديثه إلى سي بي سي، طالبا عدم الكشف عن اسمه بسبب وضعه كمهاجر غير نظامي.
يشكو العمّال الموسميّون الأجانب من ظروف صعبة وغير آمنة صحيّا في ظلّ الجائحة/Marc-Antoine Lavoie/ Radio-Canada
ولا يعتزم الخضوع لاختبار الكشف عن الفيروس الذي تسبّب في إصابة ألف عامل موسميّ ومقتل ثلاثة في أونتاريو.
ويقول إنّه لا يشعر بأيّة أعراض، ولا يعرف أحدا يشهر بها، ولا يشعر بالحاجة لإجراء الاختبار في الوقت الراهن.
خطّة عمل محليّة في أونتاريو:
وتزخر منطقة وندسور- إيسيكس بمساحات زراعيّة شاسعة، وتضمّ 173 مزرعة ومصنع نبيذ و دفيئة زراعيّة يعمل فيها سنويّا 8 آلاف عامل مهاجر نظامي، يساعدون في أعمال الزراعة والحصاد سنويّا.
وإزاء ارتفاع عدد الإصابات بمرض كوفيد-19 في أوساط العمّال الأجانب الأسبوع الفائت، أعلن دوغ فورد رئيس حكومة أونتاريو عن "خطّة عمل" تتضمّن ثلاث نقاط، تقضي بنشر وحدات متنقّلة لاختبارات الكشف عن فيروس كورونا، وتقديم الدعم المالي للعمّال في الحجر الصحّي، وتعديل بعض الإجراءات للسماح للمزارعين بإبقاء العمّال العديمي الأعراض في العمل.
لكنّ هذه الإجراءات لا تشمل العمّال بدون أوراق، ومن غير المحتمل أن يعمدوا بأنفسهم للخضوع لاختبار الكشف عن الفيروس، وليسوا مؤهّلين للحصول على الرعاية الصحيّة المجانيّة في المقاطعة، أو على أيّة مساعدة حكوميّة بحكم وضعهم غير النظامي.
وتزيد هذه الفجوة من صعوبة التصدّي لتفشّي الوباء في منطقة وندسور- إيسيكس، نظرا لارتفاع عدد العمّال الأجانب بدون أوراق الذين يعملون فيها، وفي مناطق قريبة منها.
ويقدّر درو دلكينز عمدة وندسور في حديث إلى سي بي سي عدد العمّال بدون أوراق بألفي عامل في منطقة إيسيكس.
ماري كلود بيلبو وزيرة الزراعة قدّمت تمويلا قدره 50 مليون دولار لتغطية كلفة الحجر الصحّي للعمّال الموسميّين الأجانب/Adrian Wyld/CP
كما يتحدّث خوان ألفاريز (إسم مستعار) ، أحد العمّال الأجانب بدون أوراق عن نظام مواز يقوم على استغلال هؤلاء العمّال. ويضيف أنّهم يخشون التنديد بهذه الممارسات نظرا لأنّهم لا يحملون رخصة عمل.
ووافق راديو كندا على استخدام أسماء مستعارة للعمّال بدون أوراق الذين تحدّث إليهم، لئلّا يتعرّضوا للانتقام من قبل المشغّلين.
احتيال في التوظيف:
وقد وصل خوان ألفاريز إلى كندا بتأشيرة سياحيّة، وأقام في مدينة تورونتو لبضعة أشهر.
وفي آذار مارس الماضي، توجّه إلى مدينة ليمنغتون بعد أن طالع إعلانا على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي يبحث صاحبه عن عمّال في مزرعة.
ويتعهّد صاحب الإعلان بتأمين السكن في فندق وتوفير الطعام للعمّال، ويضمن لهم 70 ساعة عمل في الأسبوع بأجر يبلغ 13 دولارا للساعة كما ورد في الإعلان.
ويقول ألفاريز إنّ طريقة نقل العمّال نحو ليمنغتون لم تكن آمنة صحيّا، ولم تكن مجانيّة.
وكانت ظروف السكن مختلفة عمّا وصفها الإعلان، وكان المنزل الذي أرسله صاحب العمل للإقامة فيه في حال يُرثى لها، ويقيم فيه 21 شخصا في ظلّ جائحة كوفيد-19.
ولم يحصل العمّال على الطعام حتّى اليوم التالي من وصولهم إلى ليمنغتون كما قال ألفاريز، وأضاف بأنّ العمّال البالغ عددهم 21 عاملا كانوا جميعا من دون أوراق.
و يروي عامل آخر يَدعى روجيريو مونيز سانتوس وصل من المكسيك تجربة مماثلة، ويقول إنّه كان يقيم مع 4 عمّال في غرفة واحدة ويتقاسمون سريرين وحمّاما واحدا، بكلفة 600 دولار شهريّا تُخصم من أجرهم.
ويتحدّث العمّال عن ظروف عمل غير آمنة صحيّا، وغياب إجراءات الوقاية من العدوى، وأنّه لم يكن بإمكانهم التواصل مع صاحب العمل، بل فقط مع وسيط يؤمّن التواصل بين المشغّلين والعمّال ويدفع أجور العمّال كما قال خوان ألفاريس.
ويضيف أنّ الوسيط وافق على نقله إلى غرفة في فندق بعدما استمع إلى شكواه، حيث أقام مع ثلاثة عمّال آخرين.
ويضيف أنّ روجيريو مونيز سانتوس كان من بين العمّال الثلاثة الذين أقام معهم، وقد توفّي بعد إصابته بمرض كوفيد-19.
ويقول ألفاريز إنّه ورفاقه وقعوا في شباك نظام يجعلهم دوما مدينين، لأنّه يتعيّن عليهم دوما أن يدفعوا تكلفة السكن والنقل والطعام.
ويغريهم المشغّلون بظروف سكن أفضل، وحاول أحدهم ابتزازهم لتشجيعهم على العمل أكثر، رغم أنّهم يعملون جيّدا كما قال.
وهذه الطريقة في توظيف العمّال المهاجرين واستغلالهم معروفة كما تقول شيلي جيلبير منسّقة خدمات العمل والمساعدة القضائيّة في وندسور في مقاطعة أونتاريو
شيلي جيلبير منسّقة خدمات العمل في وندسور/Katerina Georgieva/Radio-Canada
وهناك العديد من الأشخاص المعنيّين في التوظيف، من المشغّل ومتعهّد توريد العمّال الذي يعمل في أكثر من مزرعة كما قالت جيلبير.
وتنقل سي بي سي عن د. روس مونكور المدير التنفيذي لمستشفى إري شورز إنّه كان على مسؤولي الصحّة تجاوز العديد من الحواجز خلال مكافحة تفشّي الوباء في المزارع.
وكان بعض العمّال متردّدين في إجراء اختبار الكشف عن الفيروس خوفا من فقدان مصدر رزقهم خلال عدّة أسابيع في حال كانت النتيجة إيجابيّة.
كما أنّ بعض المشغّلين رفضوا الفكرة تخوّفا من التداعيات في هذه الفترة المزدحمة من الموسم الزراعي كما قال د. مونكور.
وأكّدت وكالة الصحّة العامّة في أونتاريو التي تشرف على اختبارات الكشف عن الفيروس ردّا على سؤال سي بي سي، أنّها تعمل مع المراجع الرئيسيّة في قطاع الزراعة لمعرفة مدى الاحتياجات والعوامل الأخرى المطلوبة والمرتبطة بالعمّال الموسميّين الأجانب في المقاطعة.
و اختبار الكشف عن الفيروس متوفّر للجميع أيّا كان وضع المهاجر، ولكنّه يبقى اختياريّا حسب وكالة الصحّة العامّة في أونتاريو.
راديو كندا/ سي بي سي/ راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.