المبادرات الكندية تتكثف للمشاركة في المساعدات الانسانية لبيروت

حفِل يوم أمس الأحد في مونتريال كبرى مدن مقاطعة كيبيك في الوسط الكندي بالأنشطة الفردية والجماعية لجمع الأموال لبيروت من قبل أبناء الجالية اللبنانية والعربية. وتتالت الأنشطة في يوم واحد وغالبيتها في الهواء الطلق مع استمرار التحذيرات بالوقاية والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي بسبب جائحة كوفيد-19. في الصباح اجتمع المتبرّعون على مائدة "الترويقة" مع المنقوشة اللبنانية، وفي العشية على مائدة المشاوي مع أطباق الهوت دوغ والذرة المشوية، وهي مبادرة أطلقتها الحركة الرسولية المريمية في مونتريال. وقد واكب أصحاب الأيادي البيضاء طقس صيفي استثنائي وكانت فرصة للتلاقي بين أبناء الجاليات العربية خصوصا بعد طول أيام الحجر والعزل التي عاشتها مؤخرا المدينة الكوسموبوليتية بسبب الجائحة.

في جزء من حديقة عامة في شمال مدينة مونتريال نظمّت مجلة "زهرة كندا" لصاحبها الكندي السوري غابي يوسف مأدبة فطور برسم رمزي 10$ للشخص الواحد. وقد توافد إلى المكان نحو أربعين شخصا جلّهم من أبناء الجالية السورية والعراقية واللبنانية. المبادرة فردية رعتها وموّلتها بالكامل أسرة الأستاذ يوسف وكل الأموال التي جمعت والتي تعدّت طبعا السعر الرمزي للإفطار ذهبت إلى محامية لبنانية تقيم في لبنان وعبرها ستسلم المساعدات للعائلات المنكوبة جرّاء انفجار مرفأ بيروت.

أكد غابي يوسف في حديثه إلى مذياع القسم العربي لراديو كندا الدولي أنَّ الإعانات ستكون للمسيحيين والمسلمين في لبنان وليست مخصصة لطائفة بعينها مطلقا. إنها خطوة أولى ونأمل في أن تتبعها خطوات أخرى لاحقا.

الناشط الاعلامي الكندي السوري رئيس تحرير مجلة "زهرة كندا" غابي يوسف يتحدث إلى مذياع القسم العربي لراديو كندا الدولي/بعدسة طوني غابي يوسف

أما عن اسم المحامية التي سيتم تسليمها الأموال التي تم التبرع بها في مأدبة الفطور فهي "الاستاذة ألين فرحات الناشطة مع عدة مؤسسات في مجال العمل الإنساني في بيروت كما هي ناشطة مع أكثر من رهبانية مسيحية في مجال العمل الإغاثي. تربطني بالاستاذة المحامية يقول غابي يوسف معرفة شخصية من خلال الزيارات المتكررة التي قامت بها في السابق لكندا. هي إنسانة ناشطة جدا ومتطوّعة بامتياز، على درجة كبيرة من الثقافة، تتسم بالحياد والتزامها بالإنسان بكل تجرّد. تلمسين عندها عشقا كبيرا للبنان وحبا للخدمة والعمل وتلبية الحاجة الانسانية مهما كانت ولأي كان".

عن قيامه بهذه المبادرة الفردية يقول غابي يوسف:

إنه واجب قبل أي شيء آخر تجاه من ربينا وكبرنا معهم، سوا ربينا نحن الشعبين السوري واللبناني وأنا حصّلت دراستي الجامعية في بيروت ومن حق هذه المدينة علّي أن أكون معها ومع أهلها في مصابهم الأليم الذي هزّنا جميعا. ثقي أن الأموال ستوّزع بمخافة الله للعائلات المحتاجة.

العميد السابق في الجيش العربي السوري مطانيوس الحسوّن

استقر في مدينة مونتريال منذ قرابة العشر سنوات، العميد السابق في الجيش السوري مطانيوس الحصرون يجد أن الشعبين السوري واللبناني أمة واحدة ويحث اللبنانيين على أن يكونوا على مقدار من الوعي لتجاوز المحنة التي يمرّون بها.

يقول مطانيوس الحصرون لاذاعتنا: بعض ما يتم تناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الوسائل الإعلامية مخزيٌ بما يحمل من شتائم وتحميل الأطراف كلها لبعضها البعض مسؤولية ما حصل في مرفأ بيروت. إن الوعي الشعبوي مطلوب اليوم ويمكن تجاوز المحنة فقط عندما يعرف الشعب اللبناني من كان السبب في إحداث نكبته. إن الشعب السوري متعاطف مع الشعب اللبناني بكل حالاته وفي جميع أزماته الحديثة. خلال الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في العام 1982 أتى آلاف اللبنانيين إلى سوريا وفتحنا لهم بيوتنا و شاركناهم في لقمتنا وخبزنا. اليوم وعلى الرغم من إغلاق الحدود الذي فرضته السلطات اللبنانية بسبب الجائحة، فإننا قمنا بفتح معابرنا الحدودية لسيارات الإسعاف لنقل الجرحى إلى مستشفياتنا.

لعّل العطاءات المادية يتابع المواطن الكندي السوري، لا تُحتسب بقيمتها وإنما بمشاركتها، فكلّ إناء ينضح بما فيه "وفلس الأرملة" يساوي أضعاف أموال كثيرة.

شريط فيديو للمقابلة كاملة التي أجريتها مع الاستاذ مطانيوس الحصرون أمس وسط الجموع في حديقة Beauséjour الغناء في شمال مونتريال على الحدود مع مدينة لافال

الناشط الكندي العراقي علي فارس يتحدث إلى كوليت ضرغام/بعدسة: طوني غابي يوسف

الناشط الانساني علي فارس ممثلا الجمعية العراقية-الكندية

أكد لي الشاب علي فارس في حوار أجريته معه أمس في حديقة بوسيجور أن وجوده اليوم للتأكيد على مؤازرة الجمعية العراقية-الكندية  للشعب اللبناني وتضامنها مع لبنان واللبنانيين في مصابهم. وأكد المتحدث بأن الجمعية بمقرّها الرئيسي في العاصمة الكندية أوتاوا وبكافة فروعها عبر أنحاء المقاطعات الكندية أطلقت حملة لجمع التبرعات والأموال للبنان عبر شبكة الانترنيت. ويصار فيما بعد إلى تحويل هذه الأموال إلى لبنان للإغاثة الانسانية عبر المنظمات الانسانية الدولية الغير الحكومية. إنها مبادرة بمليها عليها واجبنا الإنساني كما يقول ضيفي. 

لبنان والعراق شعب واحد وألم واحد وقبل حدوث الانفجار كانت تربطنا بلبنان علاقات إنسانية كبيرة. أرسلت طائرة من بغداد إلى بيروت إثر وقوع الانفجار محملة بالمساعدات الطبية وهذا دليل على عمق العلاقات بين البلدين.

أعبر على منبركم على تضامني الكامل مع أهلنا في لبنان ويحضرني منظر الطفلة ألكسندرا ابنة الثلاثة ربيعا وقد رثيتها في قصيدة بعنوان: "فراشة بيروت"، كتب علي فارس:

نامت مطولا" هذا الصباح ولم توقظها أجراس الكنائس، لكنها استفاقت على إنفجار هائل كسر اجنحتها الرقيقة وحطم جسدها النحيل، فوجئت عندما كانت أمها تبحث عنها بين الأنقاض والأب الذي ذهب إلى العمل يتصبب عرقا عندما  كان يطمئن عليها ولا تجيب. لم يكن يعرف ماذا يعني الوداع الأخير ولم يتخيل له دفن مهجة قلبه وثمرة فؤاده يوماً ما. 

كل يوم يعشقها مثل مدينته الجميلة رغم قساوة الحياة فيها..

لا تستطيع رؤية دموع والدتها وحرقة قلبها عليها لانها لا تستحق هذا الألم العميق فكل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقا صغيرا لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود.

الطفلة اللبنانية الكندية ضحية انفجار مرفأ بيروت التي هزت مضاجع أبناء الأرض بأسرهم ألكسندرا ابنة الثلاثة ربيعا. في الصورة تطفئ ألكسندرا شموع عيد مولدها السنوي الثالث عشية وقوع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس الماضي وتتوسط في هذه الصورة والدتها التي تحمل الجنسية الكندية تريسي عواد نجار ووالدها بول نجّار/حقوق الصورة: القسم الانكليزي لهيئة الإذاعة الكندية

دموع هستيرية كأنها من قدر يغلي على فراق الكسندرا نجار. هذه ليست مجرد قصة حزينة ولصور مؤلمة لضحية حروب أقل ما نقول عنها أنها ضد الإنسانية بكل ما تحملهُ في جعبتها من دمار نستطيع أن نتجاوزها أو ننساها، بل حكايا وآلام خطتها أنامل طفلة بريئة أدخلت الحزن والاسى في قلوب العالم بأسره.

رحلت فراشة بيروت والتي تبلغ من العمر ٣ سنوات متأثرة بجروح أصيبت بها جراء انفجار الرعب فلم يتحمل جسدها الصغير حماوة النيران، وعلى الرغم من مقاومته الكبيرة إلا أنه استسلم للموت وسرق منها طفولتها البريئة.

فراشة يافعة احترقت جناحها فأضحت منكسرة ولم تعد حنجرتها تقوى على الصراخ ففضلت الصمت الأبدي.

زهرة في عمر الزهور كانت تفوح عطراً بكل مكان كعطر الياسمين قطعتها أشواك الحروب. عشقت لبنان فارتقت شهيدة على مذبح الوطن.

سلام عليكِ ياصغيرتي سلام على نخلة تعانق سعفها السماء.

سنفتقد ابتسامتك الملائكية إلى الأبد وصورتك الجميلة باتتْ مطبوعة في الأذهان وراسخة في قلوب الإنسانية جمعاء. (بقلم الناشط الكندي العراقي علي فارس)

السيدة يارا كرباج تتحدث إلى كوليت ضرغام منصف/بعدسة طوني غابي يوسف

الكندية اللبنانية يارا كرباج تستصرخ الضمائر "لإنقاذ الوطن"

من أبناء الجالية اللبنانية الذين لبّوا أمس دعوة الفطور من أجل لبنان، التقيت السيدة يارا كرباج التي مرّ على وجودها في مونتريال أكثر من 17 عاما. استهلّت السيدة كرباج بشكر أبناء الجالية السورية الذين نظموا هذه المبادرة من أجل أشقائهم اللبنانيين. وجودي اليوم يؤكد أن الانسان يُطبع دوما بالمكان الذي ولد وترعرع فيه على قيم وتقاليد الآباء والأجداد، علما أننا في كندا مارسنا الانفتاح على الآخر وانصهرنا في مجتمعنا الجديد وحققنا نجاحا ووجودا.

تقول السيدة كرباج: الإنسانية تأتي قبل أي شيء، خارجا عن حدود الأرض والجغرافيا عابرة للأديان والطوائف والجنسيات. الإنسانية حدودها المدى الأبعد والكون الأشمل بعيدا عن اتيكيت تأطر الكائن البشري وتنسبه إلى فئة وجنس وطائفة. علينا أن نعي أننا نعود جميعنا إلى المكان ذاته الذي أتينا منه، أنت أيها الإنسان من التراب وإلى التراب تعود. وتنعي المتحدثة "وطنها اليتيم" لسنا نحن الايتام بل هو وطننا لبنان الذي أفرغ من خيرة أبنائه، وطني متروك لمواجهة مصيره باعتقادي وأمسى هذا الوطن يتيما من دون أبنائه. لبناني أنا يتيم اليوم وبأمّس الحاجة لأياد تحتضنه وتحّن عليه ولشعب يعتنقه وطنا ويذود عن أرضه ويحميها.

كندا تعّين سفيرا جديدا لها بيروت

في خبر متصل أعلن وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباني اليوم عن تعيين شنتال تشاستيناي سفيرة جديدة لكندا في بيروت خلفا للسفيرة إيمانويل لامورو.

ويأتي هذا التعيين في وقت حرج يمر فيه لبنان بعد الانفجار المأساوي الذي شهده مرفأ بيروت قبل أسبوعين.

وأوضحت وزارة الخارجية في الحكومة الاتحادية الكندية بأن السفيرة الجديدة ستقوم بالتنسيق مع الحكومة وجهودها للدعم المستمر الذي تقدمه للبنان بما في ذلك معالجة الأزمة الإنسانية الفورية وتقديم الدعم لجهود إعادة الإعمار في المستقبل.

تجدر الإشارة إلى أن مساعدة الحكومة الكندية للبنان تصل إلى 30 مليون دولار.

مواضيع ذات صلة:

كندا تقدّم مساعدة إنسانيّة للبنان بعد الإنفجار الكارثي الذي هزّ العاصمة

فريق عمل كندي معني بلبنان لدعم الخدمات القنصلية وللمعالجة السريعة لمسائل الهجرة

“انزلاق لبنان إلى الجحيم” يروي كنديون لبنانيون

من الهادي إلى الأطلسي قلوب تخفق لبيروت

فئة:مجتمع
كلمات مفتاحية:، ، ، ، ، ، ، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.