غادر وزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شامبان لبنان اليوم بعد أن أوصل، حسب رأيه، رسالة واضحة للرئيس ميشال عون.
"أنهيتُ للتوّ لقائي بالجنرال عون. أعدتُ له التأكيد على تضامن كندا مع شعب لبنان. وتحدثنا عن السبيل الذي يجب اتّباعه وعن الإصلاحات الضرورية لتحقيق انتعاش مستدام في لبنان"، كتب وزير الخارجية الكندي على صفحته على موقع "تويتر" للتواصل عقب اجتماعه بالرئيس اللبناني، وهو قائد سابق للجيش، في القصر الرئاسي في بعبدا إلى الشرق من بيروت.
"رسالتي الرئيسية له كانت أنّ المساعدة يجب أن تواكَب بإصلاحات هامة، بإصلاحات منهجية وأنّ الإفلات من العقاب يجب أن يتوقّف"، قال الوزير شامبان لاحقاً في مؤتمر صحفي هاتفي، وكان يقصد "إفلات" المسؤولين الفاسدين، الذين ألحقوا الأذى بلبنان وشعبه، "من العقاب".

وزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شامبان (إلى اليمين) ونظيره اللبناني شربل وهبة يتفقدان اليوم الدمار اللاحق بمبنى وزارة الخارجية اللبنانية جرّاء انفجار مرفأ بيروت (François-Philippe Champagne / Twitter)
ولم يذكر الوزير شامبان ردّ فعل الرئيس اللبناني على كلامه، لكنّ مصدراً حكومياً كندياً قال إن العماد عون كان يصغي لضيفه "بانتباه شديد".
"يدرك الرئيس عون أنه بحاجة للأسرة الدولية لتلبية الاحتياجات الفورية على الأقل"، أضاف المصدر الحكومي كما نقلت عنه وكالة الصحافة الكندية.
وكان الوزير شامبان قد وعد في عدة مقابلات صحفية قبل سفره إلى لبنان بتركيز اتصالاته في وطن الأرز مع ممثلي المجتمع المدني. فحاول اليوم تبرير قراره بالاجتماع بالرئيس اللبناني الذي يطالب لبنانيون كثيرون باستقالته من منصبه كما فعل رئيس الحكومة حسّان دياب الذي قدّم استقالة حكومته في 10 آب (أغسطس) الجاري، بعد ستة أيام على وقوع الانفجار الهائل في مرفأ بيروت الذي بلغت محصلته 181 قتيلاً حتى الآن، بينهم كنديان، و6500 جريح ودمّر أجزاء واسعة من المدينة مشرداً نحو 300 ألف نسمة.
"عندما يقوم وزير خارجية بزيارة بلد ما عليه أن يلتقي بواحدٍ على الأقل من أعضاء السلطة القائمة"، قال وزير الخارجية الكندي.
"كان أمراً هاماً بالنسبة إليه أن أنقل له رسالة الدياسبورا اللبنانية (الجالية اللبنانية) في كندا (...) والرسالة واضحة جداً بأنّ المساعدة (للبنان) يجب أن تواكَب بإصلاحات"، أضاف الوزير شامبان.
ويضمّ المجتمع الكندي نحواً من ربع مليون لبناني ومن أصول لبنانية، يقيم أكثر من نصفهم في مقاطعة كيبيك. ووصل اللبنانيون الأوائل إلى كندا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
وإضافة إلى اجتماعه اليوم بالرئيس عون اجتمع وزير الخارجية الكندية بنظيره في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة الذي سبق له أن شغل منصب قنصل لبنان العام في مونتريال.
وفي لبنان اجتمع أيضاً الوزير شامبان بمنسق الأمم المتحدة الخاص لشؤون وطن الأرز يان كوبيش.

وزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شامبان (الرابع من اليمين) في صورة مع مسؤولين من منظمة الصليب الأحمر اللبناني الذي اجتمع بهم اليوم في بيروت (François-Philippe Champagne / Twitter)
وكندا مهتمة بإعادة إعمار لبنان وبتوفير الكهرباء والماء لشعبه. لكن هنا أيضاً يؤكّد الوزير شامبان أنّ محاوريه لن يكونوا الساسة اللبنانيين.
"نحن هنا لدعم الشعب اللبناني، نحن هنا لمواكبة الشعب اللبناني في الإجراءات الطارئة في الوقت الراهن، في إصلاح المؤسسات وأيضاً في إعادة الإعمار"، أكّد وزير الخارجية الكندي مشيراً إلى لقاءاته في بيروت مع كبار المسؤولين في منظمة الصليب الأحمر اللبناني. "لهم قدّمتُ دعمي"، قال شامبان.
"ما قلته للسلطات (السياسية) هو أن يصغوا لشعبهم: يريد التغيير، يستحقّ التغيير"، أضاف وزير الخارجية الكندي.
وتفقّد شامبان مرفأ بيروت حيث وقع الانفجار الهائل في 4 آب (أغسطس) والمناطقَ السكنية المجاورة المنكوبة، ووصف الدمار الذي شاهده بالتجربة "السريالية" وقال إنّ "من الصعب" فهم حجم الدمار ومساحته. كما اجتمع بأقارب الكندييْن اللذيْن قُتلا في الانفجار وبينهما طفلة في الثالثة من عمرها.
I am here in the port of #Beirut to survey the horrific damage from the explosion. Canada stands with the people of #Lebanon.
Je suis ici au port de #Beyrouth pour constater les terribles dommages de l’explosion. Le Canada est solidaire du peuple du #Liban. pic.twitter.com/Bit4or6tWw
— François-Philippe Champagne (FPC) 🇨🇦 (@FP_Champagne) August 27, 2020
ووثّق الوزير شامبان زيارته إلى لبنان الذي وصله مساء أمس بصور وأشرطة فيديو على صفحته على موقع "تويتر" للتواصل أعاد فيها التأكيد على رغبة كندا في توفير المساعدة للشعب اللبناني الذي يتحلّى حسب قوله بـ"المرونة" النفسية، بالقدرة على مواجهة المحن.
"سنكون هنا إلى جانبهم"، أي إلى جانب اللبناننين، قال شامبان لمتابعي صفحته وهو يتحدّث من أمام مبنى إهراءات القمح المدمَّر في مرفأ بيروت، وسط مشهد لا شيء فيه سوى الدمار.
وخلال لقائه اليوم في بيروت مع الشركاء الإنسانيين، اللبنانيين والكنديين والدوليين، قال الوزير شامبان إنّ كندا ستعادل، دولار مقابل دولار، كلّ تبرعات الكنديين التي وصلت إلى "صندوق النجدة من أجل لبنان" (Fonds de secours pour le Liban - Lebanon Matching Fund) والبالغة قيمتها الإجمالية 8 ملايين دولار.
وكانت حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا قد وعدت عقب وقوع انفجار مرفأ بيروت بمعادلة تبرعات الكنديين حتى مبلغ 2 مليون دولار قبل أن ترفع السقف بعد أيام معدودة إلى 5 ملايين دولار.

مسرح انفجار مرفأ بيروت في صورة مأخوذة في 5 آب (أغسطس) 2020، غداة وقوعه، ويبدو في مقدِّمة الصورة الدمار اللاحق بإهراءات القمح والحبوب (حسين الملّا / أسوشيتد برس)
ومنحت كندا لبنان لغاية الآن مساعدات بقيمة 20 مليون دولار كندي من أصل 30 مليون دولار وعدته بها، من بينها 8 ملايين دولار لصندوق الإغاثة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً (مواد غذائية ومياه وخدمات صحية) و2 مليون دولار لمنظمة الصليب الأحمر و1,5 مليون دولار للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة و5 ملايين دولار لبرنامج الغذاء العالمي.
(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
كنديون لبنانيون يطالبون كندا بتعزيز دورها في لبنان “كبلد صديق” ودعمه في النهوض
وزير الخارجية الكندي يصل إلى لبنان المنكوب في زيارة تضامنية مع شعبه
المساعدات الدولية ومن ضمنها الكندية لإعادة إعمار لبنان مشروطة بإصلاحه مؤسساته
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.