في إسبانيا قامت المؤسسة المتخصصة بالموسيقى"Musica Para Despertar" بإسماع العجوز المصابة بمرض الزهايمر مارتا سي غونزاليس موسيقى "بحيرة البجع" لتشايكوفسكي لمساعدتها على استرجاع ذاكرتها/Musica Para Despertar

تريند على مواقع التواصل لراقصة باليه مصابة بالزهايمر يثير الحيرة والدهشة

لا شك بأن الموسيقى شعور قبل أي شيء آخر وإلا فكيف تسترجع عجوز مصابة بالزهايمر ذاكرة رقص أدّته قبل عقود؟

ما أن سمعت مرتا سي غونزاليس، المقعدة على كرسيها المتحرك والمصابة بمرض الزهايمر، موسيقى "بحيرة البجع" لتشايكوفسكي حتى بدأت تستعيد حركات رقصة كان أدتها في العام 1967 من القرن الماضي. الحركات مطابقة تماما لرقص الباليه الذي كانت أدّته في شبابها لأن الفيديو يعود بنا إلى الماضي في مزيج للأمس والحاضر مؤثر وغاية في الدهشة.

الفيديو الذي كان صوّر لهذه العجوز (المتوفية) العام الماضي في إسبانيا انتشر أمس على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم ليصبح تريندا لرواد مواقع التواصل عبر أصقاع العالم.

بدوري وصلني هذا الفيديو وتأثرّت كثيرا لدى مشاهدته حتى قمت بمشاركته بدوري مع عدد من الأصدقاء من ذوي الإحساس المرهف. 

ترقص العجوز بكافة حواسها وبكل دقة تؤدي الحركات وتستعيد الكوريغرافيا بانسياب ورشاقة وعذوبة وسلاسة. كأنها بكامل وعيها وكأنها أمام جمهور مفتون بأدائها المتميّز للباليه، يتفاعل معها فيعطيها دفعا ويدخل الاثنان في حالة سكر. من المؤكد أنها دخلت عبر النوتة الموسيقية إلى ذلك الماضي السعيد الذي يغذي مشاعرها حيث كانت غونزاليس راقصة باليه محترفة و ذائعة الصيت في الستينيات من القرن الماضي. والمعروف أن مرضى الزهايمر ينسون الأشياء بشكل سريع ولكن يمكنهم تذكر المشاعر المصاحبة لحدث ما.

وفي حالة غونزاليس فإن مجرد سماع تشايكوفسكي سمح بعودة ذاكرة بعينها؛ واستطاعت العجوز، المصابة بخلل في المخ دمّر ببطء ذاكرتها وقدراتها على التفكير، أن تستعيد كل تفصيل في الرقص الذي تعشقه ويسكن احساسها.

بحركات يديها، اللتين طالما تدّربتا على ضبط إيقاع الجسد، وبتعابير وجهها استطاعت مصابة الزهايمر أن تحبس أنفاسنا وتسحرنا وتسّمرنا لمشاهدة الفيديو بالكامل. 

ليست هذه هي المرة الأولى التي يلاحظ فيها العلماء هذا النوع من المعجزات لدى مرضى الزهايمر ، وفقًا لما تذكره الدكتورة أنيك دوبرا طبيبة الشيخوخة في مستشفى Pierre-Le Gardeur في شمال مدينة مونتريال في مقاطعة كيبيك.

توضح اختصاصية أمراض الشيخوخة بأن الدماغ يشبه القرص الصلب لجهاز الكمبيوتر؛ فالأحداث التي نعيشها محفورة عليه وكلما تكررت كلما تعّمق نقشها ووشمها في الدماغ. 

تقول أنيك دوبرا: هناك ذكريات منقوشة في العقل اللاواعي ونحن لا نتحدث عن ذكريات حسيّة ملموسة مثل حفلة أو رحلة. بل نتحدث بالفعل عن الذكريات العاطفية والحركات الجسدية والذكريات الإدراكية المرتبطة بالحواس مثل الذوق واللمس والشم.

شاهد الفيديو:

إن هذه الذكريات حسب الاختصاصية الكندية تشكل ما يسمى بالذاكرة البدائية وهي تقاوم بشكل خاص مرض الزهايمر الذي يُعّد السبب الشائع لخرف الشيخوخة. وقد يفسر لنا هذا الأمر، على حد تعبير الطبيبة الكندية، لماذا لا يزال الشخص المصاب بالزهايمر الذي لا يتعرف على أطفاله، يبتسم عند رؤية طفل، لأنه لم ينس المشاعر المرتبطة بهذه الصورة.

في حالة راقصة الباليه، كانت الموسيقى هي التي أعادت إحياء ذكرياتها المتعلقة بغوريغرافيا أو تصميم الرقصة.

تشيد الاختصاصية في طب الشيخوخة بهذا النوع من التمرينات الذي تمت تجربته مع راقصة الباليه لفوائده وآثاره الإيجابية على مرضى الزهايمر، خاصة فيما يتعلق بالصحة النفسية. فهو يساعد في تقليل اللامبالاة لديهم وأعراض الاكتئاب والعدوانية.

تقول دوبرا: يمكن أن يحل ذلك مكان الدواء، نحن نعلم جيدا أن كبار السن لدينا في دور العجزة يعانون من الإفراط في العلاج. هؤلاء يمرون بلحظات من الضيق والاكتئاب والمشكلة أننا لم نستثمر في العلاج بالموسيقى والحيوانات الأليفة والذكريات . يكمن العلاج الحقيقي في تخصيص الرعاية لكل فرد بحسب ما يهوى ويحب، في البحث عن أمر بعينه في ماضيه كان يحبه ومتعلق به. 

هل علينا تعلم الرقص لنجد به الدواء في حال أصبنا بالزهايمر؟

هل يجب أن تتعلم الرقص لحماية نفسك من مرض الزهايمر؟ ليس بالضرورة، تجيب الاختصاصية الكندية، ولكن من الجيد دائمًا توسيع آفاقك.

 أظهرت الدراسات أن زيادة معرفتنا على مختلف الأصعدة تمنحنا احتياطيا أفضل في حال كانت لدينا عوامل وراثية أو طبية من شأنها أن تعرّضنا لخطر الإصابة بمرض الزهايمر. وهذه المعرفة تؤخر ظهور الأعراض لأننا نكثف الاتصالات في دماغنا. إنه كلما زاد عدد الروابط في أدمغتنا كلما استغرقت عوارض الزهايمر وقتا أطول لتظهر.

(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية)

فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.