انتقد وزير الدفاع الكندي هارجيت سجّان ما اعتبره سياسة الصين التي لا يمكن التنبؤ بها ورفضَها الالتزام بالقواعد المتبعة وسياستَها التوسعية حول العالم، وقال إنّ هذه الأمور هي من بين مصادر القلق "الهامة" لدى كندا وحلفائها.
ويأتي هذا التعليق من وزير الدفاع الكندي في ظلّ قلق متنامٍ من سياسة خارجية للصين تزداد حزماً، ما حدا بالقادة العسكريين الكنديين وسواهم إلى زيادة الاستعداد لما يوصَف بأنه التنافس المقبل بين القوى العظمى، وتحديداً بين الصين التي تجتاز مرحلة ازدهار ودول الغرب.
وفي آخر تنافس بين القوى العظمى كانت كندا وحلفاؤها في منظمة حلف شمال الأطلسي ("ناتو") في مواجهة الاتحاد السوفييتي خلال ما عُرف بـ"الحرب الباردة".
لكنّ وزير الدفاع في حكومة جوستان ترودو الليبرالية تجنب في مقابلة مع وكالة الصحافة الكندية وصف الصين بالـ"خصم"، مؤثراً الإشارة إلى أهمية التواصل الدبلوماسي في العلاقات مع بكين.

الكنديان الموقوفان في الصين، الدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ (إلى اليمين) ومايكل سبافور (AP Photo)
إلّا أنّ الوزير سجّان كان سريعاً أيضاً في تعداد الإجراءات والأفعال الصينية الأخيرة التي أثارت قلقاً في أوتاوا وفي عواصم غربية أُخرى، مشيراً إلى أهمية امتلاك القدرة على توجيه ردّ عسكري مقنِع إذا ما اقتضت الحاجة.
ومن بين تلك الأفعال استمرار اعتقال الصين الكندييْن مايكل كوفريغ ومايكل سبافور منذ 10 كانون الأول (ديسمبر) 2018 في ما بدا ردّاً على توقيف السلطات الكندية قبل تسعة أيام على ذلك المديرةَ المالية لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي" في مدينة فانكوفر بناءً على طلبٍ من السلطات الأميركية التي تتهمها بالالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
ويرى سجّان أنّ توقيف الصين كوفريغ وسبافور يظهر كيف أنها تلتفّ على القواعد والمعاهدات والمعايير الدولية.
"التقلب الذي أظهرته الصين في علاقاتها الدولية، وليس فقط مع كندا، يقلقنا جميعاً"، قال وزير الدفاع الكندي، مضيفاً "عندما تعتقل دولة ما كندييْن، الرسالة لا تكون موجَّهة لكندا (فقط) بل لسائر دول العالم أيضاً: ’’هكذا نقوم بالعمل الدبلوماسي ‘‘".
يُذكر أنّ رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو قال أكثر مرّة، في إشارة إلى قضية كوفريغ وسبافور، إنّ الصين تستخدم "الدبلوماسية القسرية" مع كندا ودول أُخرى، فيما سبق للوزير سجّان أن وصف مواصلة الصين اعتقال الكندييْن بـ"دبلوماسية الرهائن".

تظاهرة في هونغ كونغ ضد مشروع قانون تسليم المطلوبين في الأول من تموز (يوليو) 2019 في الذكرى السنوية الـ22 لانتقالها من الحكم البريطاني إلى السيادة الصينية (Tyrone Siu / Reuters)
وفي مقابلته مع وكالة الصحافة الكندية أعرب وزير الدفاع الكندي عن قلقه أيضاً من توسيع الصين نفوذها في محيطها الجغرافي وحول العالم.
فالصين لديها مطالب إقليمية في بحر الصين الجنوبي واعتمدت سياسة أكثر صرامةً تجاه دولة تايوان التي تعتبرها جزءاً من ترابها الوطني وهي تقوم بقمع الديمقراطية وسائر حقوق الإنسان في هونغ كونغ، لاسيما بعد اعتماد قانون جديد حول الأمن القومي يقوّض الحريات ونظام الحكم الذاتي في هذه المستعمرة البريطانية السابقة.
كما أبدى سجّان قلقه من الطريقة التي تتصرف فيها الصين أيضاً حول العالم، من خلال مساعداتها المالية واستثماراتها في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، وأوضح في هذا الصدد أنّ ما يدعو للقلق هو الطريقة التي تعامل بها الصين دولاً أصغر منها وكيف أنّ الدعم الذي توفره لهذه الدول أوجد لدى هذه الأخيرة "نوعاً من التبعية الاقتصادية" تجاه الصين.
يُشار إلى أنّ العلاقات بين كندا والصين كانت تتضمّن نوعاً من التعاون العسكري بينهما، فكندا كانت تسمح لعسكريين صينيين بحضور مناورات عسكرية شتوية للقوات المسلحة الكندية. وأكّد الوزير سجّان أنّ اعتقال الصين كوفريع وسبافور وضع حداً لهذا التعاون.
وتوقف هذا التعاون بالرغم من اعتراض وزارة الشؤون العالمية في الحكومة الكندية، وهذا استناداً إلى معلومات كُشف عنها عن طريق الخطأ خلال الشهر الحالي من خلال قانون الوصول إلى المعلومات.

طائرة مقاتلة كندية من طراز "سي أف – 18 هورنيت" تستعد للهبوط في قاعدة كوموكس الجوية في مقاطعة بريتيش كولومبيا في غرب كندا خلال مناورة عسكرية لـ"قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية" المعروفة بـNORAD (أرشيف).
Photo Credit: Private Owen W. Budge
وبعد عقود من الزمن كان فيها تركيز كندا على مكافحة الإرهاب والقيام بمهمات في دول تشهد نزاعات مسلحة منخفضة المستوى، لاسيما في أفغانستان والعراق، بات القادة العسكريون الكنديون يركزون بشكل متزايد على المخاطر الأمنية التي تمثلها كلّ من الصين وروسيا.
ومن هنا الاهتمام الكندي باستبدال المعدات العسكرية المتقادمة للقوات المسلحة بأُخرى مزودة بأحدث التكنولوجيات المتوفرة وبتزويد هذه القوات بقدرات جديدة في مجاليْ الفضاء والفضاء السيبراني (الإلكتروني).
(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
حُوكِما أم لا؟ خطأ من الخارجية الصينية في الذكرى الثانية لاعتقال كوفريغ وسبافور
رئيس مجموعة الأزمات الدولية يناشد الصين الإفراج عن كوفريغ في اجتماع لمجلس الأمن
اتهامات متبادَلة بين كندا والصين في الذكرى الـ50 للعلاقات الدبلوماسية بينهما
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.