نهايات سعيدة، رومانسية مفرطة وعوالم خيالية ساحرة تزخر بها أفلام الأعياد والكريسماس الكلاسيكية في هوليوود والعالم/GETTY IMAGES/ISTOCKPHOTO / VASYL DOLMATOV

الابتذال المُفرط صفة تلازم أفلام عيد الميلاد

تتشابه قصص الأفلام السينمائية التي يقدمها لنا صناع الفن السابع في زمن الميلاد في كل عام، وقد تخلو هذه الأفلام من الابتكار والتجديد ولذلك أسباب تشرحها الصحافية في هيئة الإذاعة الكندية كريستيل دامور.

ديكور شبيه بالقصص الخيالية، شخصيات أكثر من مثالية، قصص حب سلسلة ونهايات سعيدة يمكن بسهولة التنبؤ بها واستنباطها. تتكرر هذه العناصر في الأفلام التي تقدمها الصناعة السينمائية عشية عيدي الميلاد ورأس السنة وتبدو أفلام الكريسماس وكأنها موضوعة في القالب ذاته. علما أن هذه الفترة من السنة تشهد عادة أكبر نسبة مشاهدة للأفلام في البيوت وفي الصالات السينمائية من قبل جميع أفراد الأسرة كبارا وصغارا.

عندما يكون لدينا وصفة رابحة وناجحة فلما التفتيش عن أخرى غير مضمونة النتائج؟ تفكير يسقط الأفلام السينمائية الميلادية في الكليشيه والابتذال حتما. والسؤال هل يجب الحفاظ على النهج الكلاسيكي المعهود لهذه الأفلام لضمان رواجها أم يجب تكييفها مع الواقع اليوم وإطلاق العنان للابتكار الغير مسبوق؟

الرائعة السينمائية "وحيد في المنزل" بكل أجزائها تملأ الشاشات الفضية في غالبية البيوت الكندية خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة/ملصق الفيلم

حاورت الصحافية في راديو كندا ثلاثة اختصاصيين وسؤالها لهم كان: "ماهو فيلم عيد الميلاد الكلاسيكي؟". وكان إجماع من قبل الناقدة السينمائية هيلين فارادجي ، واستاذة الصناعة السينمائية كاثرين لوميو لوفيفر وعالم النفس جان فرانسوا بورو، إذ قالوا إن أفلام الكريسماس تستجيب غريزيا لقيم الحب والخير والرومانسية الجميلة، قصص الحب الحقيقية.

يتساءل هؤلاء المتحدثون: هل يجب أن نُثمّن بساطة قضاء وقت ممتع مع العائلة، تحت الأغطية ، وأن نكرر عن ظهر قلب كل الافيهات في هذا الفيلم أو ذاك من الكلاسيكي السينمائي في كريسماس؟ هل يجوز التوقف عن التفكير من أجل الاستمتاع للمرة الألف ربما بمشاهدة الفيلم الأميركي الشهير "Home Alone" "وحيد في المنزل" وتكرار عبارة الطفل كيفن "أمي لقد فاتتني الطائرة"؟

ويؤكد ضيوف الصحافية الكندية بأن التنوع والتعددية والشمولية صفات لا تزال منسية في النتاجات السينمائية الخاصة بالأعياد في العام 2020.

فيلم "جينغل أول ذا واي" Jingle All The Way صدر في العام 1996 وهو من بطولة أرنولد شوارزنغر/20TH CENTURY FOX

 

تمتدح الناقدة السينمائية فرادجي الفيلم الأميركي "أسعد موسم" Happiest Season الذي صدر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. تقول الناقدة الكندية:

تدور أحداث هذا الفيلم الكوميدي الرومانسي حول زوجين مثليين وعدم صراحة أحدهما مع أهله حول ميوله الجنسية. 

نشعر في هذا الفيلم تقول الناقدة، بأن هناك رغبة في الخروج عن النهج الكلاسيكي التقليدي لأفلام الكريسماس ولكنني أتساءل لما لم نشهد هذه النزعة قبل العام 2020، إنها أتت متأخرة جدا.

وتعلل المتحدثة بأن السبب يعود إلى الغاية الأولى لصناع السينما وهي المردود المادي والإيرادات التي تحققها تلك الأفلام .

ولذلك نجد أن السينمائيين يحاولون البقاء ضمن قواعد اللعبة قدر المستطاع والخوض في ما هو مشترك وشائع من تقليد وقيم وعادات يطغى عليها الطابع العالمي. "ولكن غاب عن بال هؤلاء أن هناك فئة أخرى في المجتمع وضعوها جانبا ولم يتوجهوا إليها في أفلامهم".

تشبه الناقدة ذلك "بحبش العيد" الذي يمكن أيضا أن نرفقه بالمشمش المجفف عوض أن نطبخه في كل مرة مع التوت البرّي Cranberry. إنه يمكن لأفلام الكريسماس تقول الناقدة السينمائية، أن تحافظ على خصائصها المميزة مع إعادة النظر في الوقت ذاته في الموضوعات أو القضايا الاجتماعية المطروحة.

فيلم "زوتوبيا" من الأفلام المقترحة لزمن الأعياد وهو فيلم رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد كوميدي أمريكي أنتجته استديوهات والت ديزني عام 2016 من إخراج بيرون هوارد وبطولة جينيفر غودين وجيسون بيتمان إضافة إلى المغنية الشهيرة شاكيرا. كان هذا الفيلم من أكثر أفلام الرسوم المتحركة إنتظاراً عشية صدوره/Walt Disney Pictures Canada

أما بالنسبة إلى استاذة السينما كاترين لوميو لوفيفر فهي بدورها تنتقد الطابع الباهت في أفلام الميلاد والنهايات السعيدة غير المبهرة والتي تسقط في الابتذال و النمطية والتكرار.

تقول لوفيفر: نحن بعيدون عن المجتمع كما هو وتقدّم الأفلام الميلادية رؤية مثالية وتضع جانبًا وفي شكل كلي كل ما هو تنوع جنسي، ثقافي، ديني وحتى اجتماعي واقتصادي.

وتلّخص استاذة السينما في معهد أوتاوي في شمال مقاطعة كيبيك ثلاثة أنواع من افلام الكريسماس:

اللعبة الساخرة: عندما يتابع المشاهد فيلمًا سيئًا عن عمد للاستمتاع بتحديد عيوبه أو تخمين تقلباته وتسلسل أحداثه التي يمكن التنبؤ بها.

الحنين إلى الماضي: الانغماس في رواية كلاسيكية توقظ الذكريات والعواطف.

الطمأنينة: إنه الفيلم البسيط الذي لا يتعدى الأسس المعروفة، تتالى أحداثه من دون إحداث اضطرابات كبيرة ويسمح لنا بالخروج من ضغوط الحياة بشيء خفيف للغاية.

الاستسلام لما يرّد فينا الروح ويشعرنا بالأمان

المسألة جذرية بالنسبة إلى الاختصاصي في علم النفس الدكتور جان فرنسوا بورو الذي يقول: " خلال موسم الأعياد عليك أن تعتني بنفسك بغض النظر عن الشكل الذي تتخذه هذه الراحة التي أنت بحاجة إليها".

ويصّر العالم النفسي الكندي بأن الجميع بحاجة إلى استراحة سواء كان ذلك عبر الاستمتاع بمشاهدة فيلم أو سماع الموسيقى أو ممارسة الرياضة. وينصح بورو بانتهاز الفرصة نهاية العام من أجل التخلص من الضغوطات النفسية. 

أحد أفلام "حرب النجوم" الذي صدر في ديسمبر 2019/راديو كندا

يقول المتحدث: إن فيلم الكريسماس الذي نبحث عنه، هو تلك الحاجة إلى الخفة، إلى التيقن من أن الأمور ستكون جيدة وغدا أفضل. إننا بحاجة في شكل خاص هذه السنة في ظل الجائحة إلى الأمل في أن تكون السنة المطلّة أفضل وأن نعيش بفرح فترة الأعياد هذه. 

من هذا المنظور ، يمكن أن تسد مشاهدة فيلم ما حاجة ، لأن الدماغ ينفصل عن الواقع ، كما يوضح. علاوة على ذلك ، فإن مشاهدة فيلم كلاسيكي شهير في عطلة يحفز الذاكرة والمناطق العاطفية في الدماغ ، مما يؤدي إلى الشعور بالراحة.

ويخلص عالم النفس الكندي إلى القول: " يجب أن يثير فيلم عيد الميلاد الجيد الشعور بالحنين إلى الماضي، سواء بالنسبة للبالغين أو الأطفال الذين يشاهدونه. يجب أن تكون النهاية سعيدة ومطّعمة بالخيال والسحر، أن يحدث نوع من لم شمل الأسرة". 

هذه السنة يرغب رب الأسرة الدكتور بورو أن يشاهد مع بناته الرائعة السينمائية الكلاسيكية  "حرب النجوم" Star Wars.

(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية)

فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.