يفخر سكّان كندا الأصليّون بتقاليدهم وعاداتهم ولغاتهم ومعتقداتهم، ويسعون للحفاظ عليها ونقلها إلى الأجيال.
ويُتقنون فنّ الزخرفة الذي يشمل الأزياء المميّزة التي يرتديها زعماؤهم وأغطية الرأس المزركشة التي يضعونها، كما يشمل أزياء المواطنين العاديّين ومن بينها الفساتين والتنانير والقمصان وسواها، التي تُكسِب شرفا للّذين يرتدونها.
وفي سسكتشوان، لقيت إيزابيلا كولاك، الفتاة الصغيرة التي تنتمي إلى أمّة "كوت " Cote من أبناء السكّان الأصليّين، موجة دعم وتعاطف من حول العالم عندما ارتدت بفخر تنّورة الشريط Ribbon skirt التقليديّة.
وقرّرت كولاك البالغة من العمر 10 سنوات ارتداء التنّورة في كانون الأوّل ديسمبر الفائت خلال يوم رسميّ نظّمته مدرستها في قرية كامساك القريبة من الحدود مع مقاطعة مانيتوبا.
أزياء السكّان الأصليّين لها رموزها في ثقافتهم والمناسبات والاحتفالات التي يقيمونها/Darryl Dyck/CP
"إنّها تنّورة سوداء اللون، عليها الكثير من الزهور البيضاء، وعليها شريط كبير ملوّن بالأبيض والأزرق والأخضر، خاطتها لي عمّتي وتناسبني تماما" قالت إيزابيل كولاك في حديث إلى سي بي سي، القسم الإنجليزي في هيئة الإذاعة الكنديّة.
وتعرّضت الفتاة الصغيرة للانتقاد من قبل مساعد تربوي قال لها إنّ تنّورتها التقليديّة غير مناسِبة لليوم الرسمي الذي نظّمته المدرسة.
وتُمثّل تنّورة الشريط التي ارتدتها إيزابيل كولاك وشقيقتها القوّة والأنوثة والهويّة في تقاليد السكّان الأصليّين.
وشعرت الطفلة أنّ المساعد التربوي جرّدها من فخرها عندما قارن بين ثيابها والثياب التي ترتديها الفتيات في مدرستها.
وأثارت الحادثة موجة واسعة النطاق من التعاطف مع الطفلة بين السكّان الأصليّين في مقاطعات كنديّة أخرى غير سسكتشوان، وبين مستخدمي الإنترنت في كندا وفي الخارج.
و يتناقل السكّان الأصليّون منذ أسابيع صورا وشرائط فيديو يظهرون فيها بثيابهم التقليديّة، على أمل مواساة الفتاة الصغيرة التي تأثّرت بما حصل لها، وإبداء اعتزازهم وفخرهم بالتقاليد.
ثياب وزينة شعر استعدادا لمباريات "بو وو" للرقص والموسيقى/Darryl Dyck/CP
وأعرب كريس كولاك والد الفتاة عن شكره لكلّ الذين تعاطفوا مع ابنته، و الإيجابيّة التي عبّروا عنها عبر موقع فيسبوك، مشيرا إلى أنّ الإيجابيّة طريق الشفاء.
وكان الوالد قد شعر يوم عادت ابنته من المدرسة، بأنّ شيئا ما حدث لها.
ونقل ما قاله لها المساعد التربوي الذي اعتبر أنّه كان عليها أن ترتدي ثيابا مشابهة لثياب رفيقاتها اللواتي اشترينها من المتاجر، في هذا اليوم الرسميّ في المدرسة.
"وجدنا ذلك مهينا للغاية، لا سيّما نظرا لترابط الثقافة بتنّورة الشريط، وقدسيّتها بالنسبة للنساء من السكّان الأصليّين والعديد من النساء اللّواتي يشاركن في خياطتها ويعتبرنها جزءا من تراثهنّ" قال كريس كولاك، وأضاف أنّ ماحدث جعل ابنته تشعر بالعار لأنّها ارتدت ثوبا تقليديّا.
وترتدي نساء السكّان الأصليّين والفتيات تنّورة الشريط تقليديّا، و يرتدينها أيضا في بعض المناسبات، دعما لعدد من القضايا، من بينها على سبيل المثال قضيّة مقتل واختفاء عدد من نساء السكّان الأصليّين.
ويشار في هذا السياق إلى أنّ الحكومة الكنديّة برئاسة جوستان ترودو أنشأت عام 2016 لجنة خاصّة أوكلت إليها مهمّة التحقيق في 1200 حالة موثّقة تتعلّق بمقتل واختفاء نساء من السكّان الأصليّين في عدد من أنحاء كندا.
وفي أوّل يوم على استئناف الدراسة بعد عطلة الميلاد، تمّ تنظيم مسيرة لمرافقة إيزابيلا كالوك إلى المدرسة، وانتهت المسيرة بحفل شارك فيه عدد من أبناء السكّان الأصليّين وزعماء الأمم الأوائل في المناطق المجاورة الذين تلقّوا دعوة للمشاركة في الحفل.
وشارك في الحفل رجال ونساء ارتدوا أزياءهم التقليديّة التي تزيّنها الشرائط، وقرَعوا الطبول تعبيرا عن دعمهم للفتاة الصغيرة.
وأكّد فرع مدرسة "غود سبيريت" أنّ التعليق الذي صدر عن المساعد التربوي على تنّورة الفتاة الصغيرة يطرح مشكلة، واعتذر من عائلتها، واجتمع بزعيم شعب كوت من السكّان الأصليّين جورج بيتر كوت.
وأعرب كوينتن روبرتسون المدير التربوي في فرع المدرسة عن ارتياحه لردّ فعل الزعيم وعائلة الطفلة، وتفهّمهم للخطأ المُرتكَب، والدعم والمشورة والتسامح التي عبّروا عنها.
وقالت الفتاة إيزابيلا كولاك إنّها سعيدة بالدعم الذي قدّمه لها الأقرباء والأصدقاء بعد الذي حصل لها في المدرسة.
(سي بي سي/ راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.