السينمائية الكندية المغربية حليمة الورديغي في موقع تصوير فيلمها "كلاب" في ملجأ للكلاب الضالة في مدينة أغادير في المملكة المغربية/IXION Communications

سينمائية كندية مغربية تستحضر الحياة البشرية من خلال تصوير “كلاب”

قد يكون الموضوع قديما ولكن طريقة طرحه جديدة. ربما القصة ليست جديدة ولكن الأسلوب مبتكر وغير مسبوق. المضمون يحاكي واقعا نعيشه في كل آن ومكان في عالمنا اليوم ولكن السياق والصيغة يخرجان عن المألوف.

أتحدث عن فيلم "كلاب" التسجيلي القصير للسينمائية الكندية المغربية الشابة حليمة الورديغي من إنتاج العام 2019. Clebs، وهو  مصطلح معتمد اليوم في لغة موليير وتعني أيضا "كلاب" ، يعرض يوم الخميس المقبل، 21 يناير في إطار المهرجان السينمائي الكندي الافتراضي السنوي الخامس "ملء الشاشات"، وسيكون عرضه على مدى أربع وعشرين ساعة في ذلك اليوم عبر صفحة المهرجان على الفيسبوك.

لمشاهدة تريلر الفيلم

نحو 17 دقيقة مدة الفيلم المصوّر داخل فضاء كبير في مدينة أغادير في المملكة المغربية، يأوي هذا المكان 750 من الكلاب "اللقيطة" أو الضالة التي تنتظر إيجاد مأوى وبيت يتبناها.

كاميرا السينمائية الشابة تصوّر هذه الحيوانات بحركاتها الطبيعية في معيشتها اليومية. كل ما هنالك أن عدسة السينمائية تتابعهم وتنقل للمتلقي كل ما تقوم به هذه الحيوانات الأليفة من دون أي إملاء مسبق أو تصويب لحركاته أو تغيير أو إضافة على الإطار العام الذي تتواجد فيه.

نجد أن هذه الكلاب تعيش في عالم يشبه عالم البشر، ويمكن بكل بساطة أن يكون مكان هذه الكائنات الحيوانية كائنات بشرية، الفرق أن الحيوان يتصرف بتلقائية وغريزة مطلقة.

يعكس الفيلم من خلال الكلاب، حياة ملايين البشر من اللاجئين في العالم الباحثين عن أرض تستقبلهم. في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى إن الوجود الآدمي الوحيد ذات الدلالة في الفيلم، بمعنى أن وجوده كان مقصودا من قبل السيناريست والمخرجة الشابة، هو مذيع الأخبار وفي الثواني المعدودة التي يطل فيها صوته، نسمعه يقدم خبرا عن الأرقام الهائلة لملايين اللاجئين وطالبي اللجوء على كوكب الأرض. 

هذه المقاربة الغير المسبوقة بين حياة الكلاب الضالة وحياة اللاجئين المشرّدين من البشر استحقت الإشادة والتتويج في أكثر من تظاهرة سينمائية عالمية. 

وفي مهرجان برلين السينمائي الدولي الأخير في شباط/فبراير من العام الماضي، توّج "كلاب" بجائزة "الدب الكريستالي" كأفضل فيلم قصير.

ومما ذكرته لجنة تحكيم المهرجان أن الفيلم قدم "لمحة عن عالم لم نره من قبل"، معربة عن "اندهاشها الكبير بالصور والضوء والألوان والصوت.

كذلك حاز الفيلم على جائزة أفضل فيلم كندي قصير في مهرجان السينما الفرنكوفونية في مقاطعة نيو برونزويك في العام 2019. 

في حظيرة "مأوى" كبرى، يعيش بسلام وتعايش 750 من الكلاب التي لا نعرف هويتها بالضرورة، لأن لا وجود للفرد في هذا المكان وإنما للجماعة.

الأكيد أننا نشعر بالجوع عند هذه الكلاب ويصل إلينا جشع وطمع بعضهم وعدوانية بعضهم الآخر، نرى الضعيف والقوي، ولا تؤكل اللقمة بعرق الجبين أحيانا وإنما بالبطش والتدافع وشريعة الغاب.

نعم في هذا الفضاء، تحت زرقة السماء وأشعة الشمس الدافئة، نلتقي كل أنواع السلوكيات، نرى من يقفز على غيره ليأخذ مكانه، كلبا يتحرّش وآخر يعلو نباحه ليرّد ظلما. بالاجمال هم متفقون، متناغمون ومنسجمون، يعيشون في أمان وسلام وقد تعودوا على بعضهم البعض في كثير من الأحيان. 

في لحظة من مشاهد الفيلم نرى شابا يبدو أن الكلاب تعرفه جيدا وما أن يفتح بابا حتى يتدافع الجميع إلى الداخل لنجد أن في هذا الداخل أعّد لهم المأكل والمشرب. والغريب أن هؤلاء الكلاب عندما ينتهون من الأكل يعلو نباحهم بحدة أعلى من نباحهم لأخذ حصة الطعام. فهم ضاقوا ذرعا بهذا المكان الضيق في الداخل ويريدون من جديد أن يعودوا إلى حريتهم في الفضاء الخارجي الأكبر.

غريب أمر هذا الحيوان فالحرية عنده أثمن من لقمة العيش!

ولعّل أهم المشاهد بالنسبة لي في الفيلم هي مشهد الكلب الذي يحاول أن يعتلي الحائط ليرى ما في الخارج تماما كما الشعوب المقهورة التي تتطلع إلى بصيص النور في نفق مظلم. وينتهي الفيلم بمشهد كلب ينظر من طاقة ضوء إلى الخارج حيث جنائن خضراء شاسعة، هي بلا شك درب الحرية ومساحة الأمان التي يصبو إلى الولوج إليها. 

ولدت المخرجة و المنتجة وكاتبة السيناريو حليمة الورديغي في مدينة جنيف من أم سويسرية وأب مغربي. درست السينما في مدينة مونتريال وحاز أول فيلم قصير لها بعنوان "مختار" في العام 2011 على "الجائزة الكندية الكبرى" للأفلام القصيرة في مهرجان "رؤية" في مدينة ساغنييه شمال مقاطعة كيبيك. حاليا تعّد السينمائية الكندية لإصدار فيلمها الروائي الأول بعنوان: "مدرسة الجمل لتعليم القيادة".

(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية، IXION Communications)

روابط ذات صلة:

مع كوفيد ومن دونه، مهرجان ملء الشاشات للأفلام الكندية القصيرة افتراضي

فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.