"كل شيء سيكون على ما يرام"، إيمان اعتنقه الحالم الكبير خالد فنصب الذي يعاني منذ صغر سنه إعاقة جسدية عظمى ولكنها لم تثنه يوما عن متابعة الحلم.
في مدينة الدار البيضاء في المملكة المغربية بدأ ضيف القسم العربي المشوار متحديا إعاقته من أول يوم مدرسة.
كان شرط إدارة المدرسة أن أكون أول الواصلين إلى صفي وآخر المغادرين، فكانت أمي تحملني على ظهرها في تلك الأيام، في طريق الذهاب والعودة من المدرسة. وفّر لي والدي كل الأجواء لآخذ حقي في التعليم والعيش وفي نسج خيوط الحلم.
تفاقمت الإعاقة وألّمت بي أمراض شتى، كان كل ذلك كفيلاً بهّد جبال، ولكنني لم أقنط يوما أو استسلم ولم يمّس كل ما أصابني قدر أنملة من عزيمتي وإصراري واقبالي على الحياة.
الحياة كفاح مستمر وبالإرادة نغلب الإعاقة/الصورة مقدمة من خالد فنصب
تابع خالد فنصب دراسات واختصاصات متنوعة ليشفي ظمأه إلى المعرفة وسعة الاطلاع.
نال الماجستير في الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية الدولية، وحصّل دبلوما في الصحافة السمعية-البصرية. وخاض تجربة الصحافة الالكترونية في بلده الأم مصمما أول موقع خاص بالأطفال.
حقول خضراء غنّاء وسماء تظلّلها ألوان قوس القزح في لوحة أهداها خالد فنصب في بداية الجائحة إلى رئيس حكومة كيبيك فرنسوا لوغو تقديراً لجهوده في الحدّ من انتشار جائحة "كوفيد - 19" وردّ عليه لوغو بكلمة شكر مشيداً بجهوده من أجل تشجيع أطفال كيبيك على تحدّي إلإعاقات على غراره /الصورة مقدمة من السيد خالد فنصب
درّب خالد فنصب "الصحافيين الصغار" و"بيكاسو الصغير" وكان يحفّز الأطفال، خصوصا من ذوي الاحتياجات الخاصة، على التعبير وإخراج مكنونات ذواتهم بالريشة والقلم.
حقق موقعه "منارة جونيور" في المغرب، على مدى ثلاث سنوات تفاعلا ونسبة مشاهدات عالية واستحق فنصب الجائزة الأولى في العالم العربي في مسابقة عالمية توّجت أفضل موقع ترفيهي للأطفال. أثار موقعه كل مشكلات الطفل في بلده الأم، الطفلة الخادمة، أطفال الشوارع، التسرّب المدرسي عند الأطفال، معاناة الطفل في المناطق الريفية النائية وغيرها من التحديات التي يواجهها الأطفال عموما والطفل المعاق خصوصا.
ومع ذلك لم يكتف خالد فنصب بما حققه وقد خاب أمله بسبب محدودية الأفق له ولامثاله في بلده الأم، و آلمه كثيرا "أنه كسف الأطفال الذين وضعوا فيه كل آمالهم وطموحاتهم"، فقرر الرحيل.
ترك ضيفنا زوجته وابنته وهاجر إلى كندا في العام 2007 ليكمل ما بدأه ويتابع في مسيرة الألف ميل. وكبرت العائلة لاحفاً إذ رُزقت مولوداً ذكراً.
خالد فنصب فخور بتحقيق كل الأجزاء في حلم الطفولة الشاسع ملء المدى/الصورة مقدمة من خالد فنصب
كندا جونيور
على غرار "منارة جونيور"، أطلق خالد فنصب في مدينة مونتريال في مقاطعة كيبيك "كندا جونيور". وبدأ يطوف أرجاء البلاد بحثا عن مواهب الأطفال واحتياجاتهم، يوقظ فيه المواهب الدفينة ويعلمهم على إخراج شحنات الغضب واليأس والخيبة.
تابع فنصب ورشات في تعلّم الرسم في "متحف الفنون الجميلة" في مونتريال. وامتهن المعالجة بالرسم لجميع الأسقام والمعاناة التي تصيب الصحة العقلية عند الأطفال بشكل خاص. وراح يحفّز البراعم الصغيرة على إيقاظ واكتشاف هوية الرسام فيها. وقد أطلق في كندا أول معرض لرسوم الأطفال الذين دربهم في شباط/فبراير 2019، "براءات ملّونة" فيMile-End في وسط مونتريال. استحوذ معرض الأطفال الجماعي على إعجاب زواره، ولفتت انتباههم قدرةُ الأطفال على التعبير وإخراج الألم والخيبة، الحزن والضعف، الظلم والحرمان وغيرها من المشاعر التي تختلج في نفوسهم.
في إحدى ورشات "بيكاسو الصغير" ونرى ملامح الفرح والغبطة تغمر وجه خالد فنصب/الصورة مقدمة من السيد خالد فنصب
ضمن مجموعة الرسومات التي قدمها المعرض الباكورة بإشراف خالد فنصب في مونتريال، رسم بتوقيع طفل يعاني من مرض التوّحد، ويحمل هذا الطفل عقدة ذنب معتقدا بأن مرضه كان وراء طلاق والديه. رسم هذا الطفل عدة عصافير في السماء بينها عصفور واحد لونه أسود يجثو على بقعة من الدماء. كأن هذا الطفل يحكي لسان حاله ويفرغ الوجع الذي يسكنه.
فيديو يظهر خالد فنصب مع البراعم الصغيرة يستعدون لمعرض "براءات ملّونة"
خلال المقابلة عبر تطبيق زووم التي أجراها القسم العربي مع خالد فنصب سنشاهد هذه الرسمة وغيرها من رسومات الأطفال.
يسرد ضيفنا كيف لفتته جارته المقعدة بطلة كندا في لعبة "البوتشيا"، ليتأهل بدوره بعد فترة قصيرة للمنافسة في مستواه على مستوى كل كندا ويفوز بالميدالية الذهبية. علما أن لعبة البوتشيا تجتذب شديدي الإعاقة، حيث تمتاز بالسهولة والمرونة، وتمنح لاعبيها الثقة بالنفس والصبر والتأني، كما تمنحهم الشعور بالقدرة على المنافسة. كما يمارس فنصب أيضا رياضة الرماية والسباحة وغيرها، وكأنه يبحث في كل لحظة عن تحدٍ لإعاقته بدل أن تتحداه الإعاقة وتُقعد قلبه وإحساسه بالإضافة إلى جسده.
روابط ذات صلّة:
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.