“Quand les hommes vivront d’amour”, رائعة غنائية وقعها لحنا وكتابة الشاعر الكندي الفرنسي ريمون ليفيك في العام 1956، و ألهمته كتابتها حرب المليون والنصف مليون شهيد في الجزائر/راديو كندا:ANDRÉ LE COZ

رحل من “كان الحب قوت عيشه” أحد عظماء الاغنية الكندية الفرنسية ريمون ليفيك

عندما يصبح الحب قوتا يعتاش الناس منه،

لا يعود هناك بؤس وتبدأ الأيام الجميلة

أما نحن يا أخي، فنكون صرنا أمواتا 

...عندما يعيش الناس من الحب

يحّل السلام على الأرض

ويصبح الجنود منشدي أغاني 

أما نحن يا أخي، فنكون صرنا أمواتا

...لكن عندما سيحيا الناس من الحب

ولا يعود هناك بؤس

ربما يفكرون بنا يوما

نحن الذين صرنا أمواتا

نحن الذين في الأيام السيئة والليالي الظلماء، في الحقد وفي الحرب افتقدنا السلام…

...وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، 

رحل المؤلف والملحن، إحدى أيقونات الاغنية الكندية الفرنسية والحصن المنيع للغة موليير في كندا والناشط السياسي المستميت في سبيل تحقيق سيادة كيبيك واستقلالها ريمون ليفيك. وافته المنية يوم أمس عن عمر ناهز الـ 92 عاما.

بعد اليوم، ستبحث عنك القلوب النابضة بالحب، ستفتقدك الإرادات الطيبة وسينعي رحيلك كل يوم أهل السلام والرجال الحقيقيون الذين طالما غنّوا نشيد المحبة الذي صغته بحروف من ذهب ليصلح لكل آن وزمان، وداعا الشاعر الكبير، ابن كيبيك البار، أب القيم الإنسانية الفاضلة ريمون ليفيك.

نعى ريمون ليفيك قبل عقود الإنسانية وأفولها وزوالها، قال:

الإنسان إهانة للخلق ، يجب أن يختفي وسيختفي.

عبّر الوسط الثقافي والفني والسياسي في مقاطعة كيبيك عن عمق الأسى والحزن إثر إعلان وفاة الشانسونيه الكيبيكي ريمون ليفيك أمس الاثنين، 15 شباط/فبراير 2021.

"الكيبيكي الكبير" غرّد عبر تويتر رئيس حكومة كيبيك فرنسوا لوغو، "كاتب كلمات إحدى أجمل الأغنيات على مدى كل العصور".

رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو قال عنه "إنه واحد من عظماء الأغنية عندنا، سيرافقنا دائما صوته وكلماته".

"هوى عملاقُ المشهد الفني الكيبيكي" قال وزير التراث في الحكومة الاتحادية ستيفان غيلبو. وأضاف:"غادرنا ريمون ليفيك، ولكن نشيده عن السلام سيستمر في إيقاظ أجمل ما في قلب كل واحد منا".

"الفخر عنوانه" علّقت عمدة مدينة لونغويل في جنوب مدينة مونتريال كارولين سان-إيلير. "كان فخورا بكيبيك وفخورا ببلده ووطنه ومدينته لونغويل. كان يحلم بأن يرى أهل الأرض يعيشون بالحب، شكرا لك ريمون ليفيك".

خلال مشاركته في حفل تدشين المكتبة التي حملت اسمه في مدينة سان-أوبير في العام 2011، وهي تابعة لبلدية المدينة التي عاش فيها سنواته الأخيرة Longueuil في جنوب جزيرة مونتريال، قال ليفيك: قبل أن تزول هذه المكتبة، ستكون كيبيك حرّة/الصحافة الكندية:RYAN REMIORZ

"كيبيك في حداد" قالت من جهتها كريستين سان-بيار، الناطقة بلسان الحزب الليبرالي في كيبيك في مجال الثقافة والاتصالات.

كتبت على صفحتها على فيسبوك:

أتذكر لحظات سعيدة جدا، قمنا خلالها بتدشين المكتبة الرائعة في مدينة سان-أوبير جنوب مونتريال التي تحمل اسمه. تعازي الخالصة لأفراد أسرته لصديقاته و أصدقائه الكثر. 

"مبدع إحدى أجمل القصائد في ريبرتوار الأغنية الكندية الفرنسية"

الناقدة الفنية في هيئة الإذاعة الكندية الزميلة مونيك جيرو أبّنت بدورها الراحل الكبير وقالت:

ريمون ليفيك فنان عظيم، رائد ووطني. لم يبدع واحدة من أجل القصائد في ريبرتواره فحسب، بل إنما أيضا العديد من الأغاني الملتزمة الأخرى التي تحمل القيم الإنسانية.

المغني وكاتب الأغاني الكيبيكي جان بيير فيرلاند قال بدوره، بعدما أبدى كرهه لداء كوفيد-19 الذي على الأرجح تسبب بموت الراحل الكبير، إن ريمون ليفيك علمه الكتابة عندما كان صغيرًا "ولم يكن يعرف حتى كيف يكتب لازمة أغنية".

زعيم حزب الكتلة الكيبيكية إيف فرنسوا بلانشيت قال: "إن ليفيك لم ير البلد الذي حلم به، ولكننا سنغنيه له عندما يحين الوقت". 

"غنى ريمون ليفيك بلاده، وكان من أوائل الفنانين الذين دافعوا عن استقلال كيبيك"، صرّحت المديرة العامة لجمعية "سان-جان باتيست" في مونتريال ماري-آن ألبين.

كُثر هم الذين غنوا رائعة ليفيك: "عندما يصبح الحب قوتا وغذاء لأهل الأرض"/أرشيف راديو كندا

صعد من أسفل السلم

بدايات ريمون ليفيك كانت في الأربعينيات من القرن الماضي عندما بدأ بكتابة الأغاني في الوقت الذي كان يعمل فيه موظفا في إحدى كباريهات مدينة مونتريال. وهناك التقى المذيع والمغني فرناند روبيدو الذي كان أول من غنى كلماته وألحانه وفتح له الطريق للدخول إلى الراديو. وحينها بدأ ليفيك يشارك في عدة برامج إذاعية كمقدّم ومغني.

كذلك كانت له إطلالات على التلفزيون مشاركا في مسلسلات درامية وبرامج منوعات. ولاحقا في مشواره سيمتهن ريمون ليفيك المسرح ويتألق على الشاشة الفضية.

باريس ستوّعي فيه الطموحات السياسية

في العام 1954 انتقل ليفيك للعيش في العاصمة الفرنسية باريس. وسيستمر على مدى خمس سنوات أمضاها في مدينة النور، في كتابة الأغنيات والغناء في الكباريهات الباريسية كما سيسجل أغنياته عند "شركة اسطوانات ايدي باركلي" الشهيرة.

في تلك الحقبة سيغني العديد من المغنين الفرنسيين أغنيات وقعها ابن كيبيك كتابة ولحنا. وأول من غنى رائعته "عندما يعيش الرجال من الحب" هو المغني والممثل الفرنسي الأميركي ايدي كونستانتين.

علما أن ثورة التحرير الجزائرية التي اندلعت في نوفمبر 1954 هي التي أوحت له بكتابة هذه الرائعة الإنسانية في العام 1956.

رجحت معظم الوسائل الإعلامية في مقاطعة كيبيك أن تكون الجائحة هي السبب في وفاة ريمون ليفيك/راديو كندا:JEAN-PIERRE KARSENTY

عند عودته من باريس، انخرط ليفيك في العمل الصحافي وأعمال المونولوج على المسارح ما يسمى بـ الشانسونيه.

في السبعينيات من القرن الماضي، وبسبب الصمم المتزايد لديه، يترك ليفيك خشبة المسرح ويعتزل الغناء ويتفرغ للكتابة.

كاتب ملتزم تسكنه رؤى إنسانية

مع مرور الوقت، اتخذت كلمات وكتابات ريمون ليفيك رؤية فلسفية طليعية للبشر والمجتمع ، ثم رؤية إنسانية مشبعة بالحزن.

من أقوال الراحل الكبير: 

ترتكز كتاباتي على مشاهدتي في هذه الحياة وفي مجتمعي. أنا أكثر من مجرّد متظاهر، بل إنني متمرّد قليلا، لكن على أي حال، لست عنيفا بشكل خاص.

أن تكون مسيساً، ليس بالأمر المعقّد، يتعلّق الأمر بأنه لا يمكنك أن تكون غير مبالي.

أؤمن حقا بتطور العالم وأعتقد أننا نتجه نحو شيء جميل، حتى لو كان صعب المنال اليوم.

نشر ريمون ليفيك في السنوات الأخيرة ديوانين من الشعر وصفهما بالدينيين، وهما يرتكزان على فلسفته المسيحية.

أعتقد أن هناك روحا كانت في أصل إنشاء العالم...بالنسبة لي الله نور وطاقة.

"أكثر ما أحزنني هو أنني لم أكمل دراستي الموسيقية"، كما قال دوما ريمون ليفيك بنبرة حزينة. وحمد الله دوما على نعمة البصر لأن "سيّان السمع عندما نفتقد البصر، فهذا الأخير هو الحياة".

عندما يصبح الحب قوت الناس وغذائهم، بصوت ليفيك في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي

جوائز وتكريم وجدل سياسي كبير أثاره ابن كيبيك

يخلد بانتيون مشاهير الكتاب والملحنين الكنديين منذ العام 2005 اسم ريمون ليفيك.

حاز في العام 1980 على جائزة "فيليكس" لمجمل مسيرته الفنية، في حفل تكريم صناع الاغنية الكندية الفرنسية ADISQ، كما حصل على لقب "فارس" من المجلس الوطني في كيبيك، وفاز بجائزة دونيز بيلتيه في العام 1997.

 هذا وأثار جدلا واسعا في كندا، رفض ليفيك لجائزة حاكم كندا العام لفنون المسرح في العام  2005 لأسباب سياسية.

وقال يومها ريمون ليفيك "إنها مسألة فخر وشرف"، معبرا عن صدمته بخطاب حاكمة كندا العامة ميكايل جان خلال تنصيبها، حيث على حد تعبيره "تنّصلت من فكرة وجود دولتين في كندا".

ويضيف ليفيك بأن قبول الجائزة سيكون بمثابة تأييد للإجراءات التي اتخذتها أوتاوا خلال أزمة أكتوبر 1970. كما يستنكر الأديب ذو النزعة الاستقلالية "عدم نزاهة الحكومة الفدرالية التي يتهمها بسرقة استفتاء عام 1995" على أجل استقلال وسيادة كيبيك.

(المصدر: الموسوعة الكندية، الصحافة الكندية، هيئة الإذاعة الكندية)

فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.