في العام 2015، بدأ وصول الآلاف من اللاجئين السوريين تباعا إلى البلاد، ليستقرّوا في كافة أنحاء المقاطعات الكندية لا سيما في أونتاريو.
بعد عشر سنوات على بداية الحرب في سوريا، التي أجبرت أهلها على النزوح والهجرة، يعتبر بعض السوريين كندا وطنا وانتماءً.
استقر صانع الحلوى حسين قرقوز مع عائلته قبل نحو خمس سنوات في مدينة سدبري إحدى المدن الكبرى في شمال شرق أونتاريو، مستمرا في ممارسة المهنة التي اعتنقها قبل عشرين عاما.
صانع الحلوى الكندي السوري حسين قرقوز داخل مطبخه في "مقهى وأفران الشام" في مدينة سدبري في مقاطعة أونتاريو: "إنني فخور بانتمائي الكندي ولا أشعر بالغربة أبدا في سدبري"/YVON THERIAULT
افتتح السيد قرقوز في سدبري "مقهى وفرن الشام"، وهو يعبر اليوم عن امتنانه لكندا ومدى فرحه بكونه مواطنا كنديا، يقول:
إنني بخير، أملك تجارة ولدي العديد من الأصدقاء هنا وأصبحت مواطنا كنديا. الحياة أفضل، ولدي طفلان مولودان في كندا.
سدبري من اليوم وصاعدا هي بيتي وبيت أطفالي.
يفاخر السيد قرقوز بأن مقهاه يحقق نجاحا كما يعرب عن فرحه العارم بالاستقرار في بلاد القيقب بعيدا عن الآلام والعذابات التي عاناها في بلده الأم.
في مدينة ويندسور جنوب غرب مقاطعة أونتاريو يعيش اليوم الطالب الياس عيلانة
الذي قدم إلى كندا في 10 شباط/فبراير 2015.
تغيّرت منذ ذلك التاريخ العديد من الأمور في حياته. فهو يتابع اليوم دراسته الجامعية في جامعة ماكماستر في هاملتون. ويعتبر هذا الأخير بأن عائلته حققت أشواطا في الاندماج في مجتمعها الجديد في الوقت الذي ينتظرها بعد الكثير لتحقيقه، وقد لا ينطبق ذلك على جميع العائلات اللاجئة السورية التي قدمت إلى البلاد قبل خمس سنوات.
يقول الطالب الكندي السوري:
أعتقد بأنني حققت الاندماج في الحياة الكندية بشكل جيد. إننا في بحث دائم عن مكانة لنا في هذا المجتمع. فوالدي لا زالا يبحثان عن عمل أفضل لهما.
يسرد الياس إيلانه لمذياع هيئة الإذاعة الكندية لحظات سعيدة عاشتها العائلة عند حصولها على المواطنية الكندية.
إنه حدث جلل، ليس لأننا لم نكن نشعر بالانتماء إلى كندا قبل الحصول على الجنسية، ولكن الفرح يكون عارما عندما يُحتفى بهذا الانتماء.
هناك طقوس خاصة عند الاحتفال بالحصول على المواطنة وهي برأيي مهمة جدا. هذه الطقوس تشعر المهاجرين بأنه مرحب بهم وأكثر من ذلك يحتفى بهم في بلدهم الجديد كندا.
في المقابل يشعر هذا الطالب بالحزن لمعاناة أقربائه الموجودين في سوريا.
إنه لأمر مؤلم حقا، أن نكون هنا وأن نحصل على الامتيازات التي لدينا، في الوقت الذي لا يزال فيه أحبابنا في سوريا يعيشون في ظروف صعبة، وفي الوقت الذي لا نستطيع فيه دائما أن نمد لهم يد العون لمساعدتهم على تحديات العيش.
ويضم السيد قرقوز صوته إلى الشاب إلياس إيلانه معبرا عن حزنه وحنينه الدائم لبلده الأم. ويأسف بأن عشر سنوات لم تكن كافية لإنهاء الحرب في سوريا.
مستقبل من المستحيل تخّيله
يوّد السيد قرقوز أن يرى وطنه مرة أخرى ذات يوم، لكن هذه الرغبة قد لا تتحقق في أي وقت قريب.
أستاذ علم الاجتماع المتخصص في شؤون الشرق الأوسط الدكتور رشاد أنطونيوس/راديو كندا:HAMZA ABOUELOUAFAA
في هذا السياق يؤكد بدوره الأستاذ المشارك في قسم علم الاجتماع في جامعة كيبيك في مونتريال والمتخصص في شؤون الشرق الاوسط الدكتور رشاد أنطونيوس بأنه لا يزال من الصعب التنبؤ بمستقبل سوريا.
أعتقد أننا نتجه نحو شيء أكثر استقرارًا، ولكن لا شيء أكيد لأن الأمر لا يتعلق بلاعب واحد وإنما بعدة لاعبين أو عناصر.
على الرغم من كل شيء، فإن بعض اللاجئين السوريين المستقرين حاليًا في كندا لم يطرحوا من تفكيرهم فكرة العودة إلى بلدهم الأم.
أعرف الكثير من اللاجئين السوريين هنا، ويقول كثيرون منهم: إنهم لم يتوصلوا إلى تحقيق الاندماج في كندا، لأنه لم يتم الاعتراف بشهاداتهم وكفاءاتهم.
من جهتها، تقول أستاذة الحقوق في جامعة ويندسور آنكي سميث، إن السوريين في كندا يواجهون صعوبة في لم شمل عائلاتهم، لأن البرنامج الذي سمح لهم بالوصول إلى كندا لم يعد متاحا.
تقول الأستاذة الجامعية "إننا بحاجة إلى الاعتراف بأهمية الحفاظ على العائلات معًا، ولم الشمل". وتشرح بأنه عندما يتم استقدام جزء من أفراد العائلة، يجب ترك الفرصة لهذه العائلة لاستقدام باقي أفراد أسرتها فيما بعد. وقد يكون من الصعب تحقيق ذلك، لأنك عندما تصل إلى كندا، "ستكتشف أن البرنامج قد تم إغلاقه أو أنه لا توجد آليات لذلك، حتى لو جمعت المال لهذه الغاية"، كما تؤكد المتحدثة المُجازة في القانون.
أوّد رؤية التركيز على وحدة الأسرة. يمكن أن يكون الأمر أقل تعقيدًا إذا تمكنت الأسرة بأكملها من البقاء معًا.
تجدر الإشارة إلى أن الاستاذة سميت تمكّنت مع زملاء لها، من لم شمل عائلة سورية في كندا. وهي تصف الخطوات لتحقيق ذلك بأنها معقدة.
تقول المتحدثة إنها عندما تفكر في تجربتها على مدى السنوات القليلة الماضية، مع برنامج استقبال السوريين وإدماجهم في مجتمعهم الجديد، ترى بأنه كانت هناك أوقات" شعرت فيها أنه كان نصراً سياسياً أكثر مما هو قضية إنسانية".
(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية، الصحافة الكندية)
روابط ذات صلة:
فيلم بعيدا عن بشّار: رحلة عائلة عدنان المحاميد من الحرب في سوريّا إلى كندا
اللاجئون السوريون وتحدي إيجاد عمل
حفلٌ بمناسبة الذكرى الخامسة لاستقبال اللاجئين السوريين وترودو يُثني على دورهم
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.