مشاهد من فيلم "مناظر الخريف" ونرى بطلة الفيلم سليمة عبادة التي جسدت دور الصحافية حورية وقد أهلها هذا الدور للحصول على ترشيح أفضل ممثلة في جوائز "شوتيفي أواردز 2020" المخصصة لدول شمال افريقيا.

“مناظر الخريف” باهتة يائسة بعدسة السينمائي الجزائري مرزاق علواش

"مناظر الخريف" عنوان الفيلم الأخير للسينمائي الجزائري مرزاق علواش الذي يقدم يوم 17 و18 نيسان/أبريل الجاري أونلاين في إطار فعاليات المهرجان السينمائي الإفريقي في دورته الـ37 الذي تقدمه في مونتريال في مقاطعة كيبيك مؤسسة "Vues d'Afrique" الثقافية غير الربحية.

"مناظر الخريف" ما هي إلا انعكاس لرؤية السينمائي المخضرم لمستقبل بلده الأم الجزائر، ولا يبدو أنه يرى ألوانا ربيعية مزدانة بالفرح والأمل والإشراق وإنما ألوانا خريفية باهتة، يائسة، في ثناياها ترقب وخوف وقلق من غد مجهول وغامض تحّفه المخاطر من كل جانب.

في "مناظر الخريف"، لم يحِد مرزاق علّواش الذي يعيش بين باريس والجزائر، عن خطّه السينمائي الخالي من الرتوش والماكياج أو التجميل. وتنقل عدسته حتى أزيح التجاعيد التي قد لا تراها العين المجردة، في المجتمع الأحب إلى قلبه، من حي باب الواد مسقط رأسه إلى الكون بأسره، عشق أبدي لموطنه الأم وإنشغال دائم بشجونه وهمومه.   

تسكن أفلام مرزاق علواش بين الجزائر وباريس وتحضر فيها دوما العشرية السوداء، فوالد حورية ووالد مصطفى، بطلا فيلمه الجديد قُتلا على يد الإرهاب إبان العشرية السوداء. ولكن كان لكل من الصحافية والشرطي، ولديهما، مسار مختلف في الحياة، وإن أدى إلى النتيجة ذاتها والمصير المحتوم ذاته. وهنا يعطي السينمائي من جديد الذريعة لمنتقديه مؤكدا وصمة السوداوية المتهم بها.

الملصق الدعائي للنسخة الـ 37 من مهرجان "Vues d'Afrique" في مونتريال الذي يستمر أونلاين لغاية 18 نيسان/أبريل الجاري

عندما بدأ مرزاق علواش مسيرته السينمائية، كان البوق الذي يرّوج للثورة الزراعية التي قادها في بداية السبعينيات من القرن الماضي الرئيس الجزائري هواري بومدين ولكن سرعان ما تقاطعت طريقه مع النظام السياسي، هو السينمائي "الأكثر تمردا" كما يوصف.

لا يغازل النظام، ولا يجمّل الواقع لأنه كما يقول إنه "ليس وزير سياحة همه تسليط الضوء على الجمال والمناظر الخلابة"، بل يضع علواش عدسته على الجرح بكل جرأة و يُسمي الأمور بأسمائها، هو الذي أسس للواقعية السينمائية الجزائرية بامتياز.

هذا المسار يبقى علواش متمسكا به حتى لو كان "المركز الجزائري لتطوير السينما" الحكومي هو الذي موّل فيلمه الأخير "مناظر الخريف". 

"البعد السياسي" الذي لم يغب أيضا عن فيلم "مناظر الخريف" الأخير، يقول مرزاق علواش "إنه يصبغ أفلامه رغما عنه".  وجملة من الرسائل والتلميحات نراها في "مناظر الخريف"، فيفضح السينمائي، السيناريست والمخرج، التحالف بين الفساد السياسي والإعلامي ويعرّج على عدة موضوعات حساسة أخرى، إذ يخوض في حرية الصحافة وفي الفساد المالي والفساد السياسي والبيدوفيليا ومحنة اللاجئين الافريقين. 

قصة الفيلم تبدأ بمقتل فتاة قاصرة وهي الحادثة الخامسة من نوعها على التوالي، وتبدأ الصحافية حورية بإجراء تحقيقاتها لتكتشف أن وراء مقتل هواتي القاصرات شبكة دعارة مافيوزية، ولن يفقه المشاهد من يديرها، وإنما تتالى عمليات الاغتيالات وسقوط الأقنعة ليظهر تورط ضحايا العشرية السوداء أنفسهم…علما أن الفيلم الجديد لمرزاق علواش يصنف في خانة أفلام الإثارة والتشويق ما لم يعهده مشاهد أفلامه في مسيرته السينمائية الطويلة.

كنا نأمل في محاورة السينمائي الجزائري ومناقشته في عدة مسائل متعلقة بفيلمه و رؤيته السينمائية وغايته الفضلى من وراء تقديم سينما تحاكي الواقع وعما إذا كنا السينمائي يستطيع تغيير هذا الواقع؟ كم هائل من الأسئلة كان بود أسرة القسم العربي في راديو كندا الدولي أن تطرحها على ضيف مهرجان مونتريال. وقد حدد الموعد بالفعل ولكن المخرج تخلّف في اللحظة الأخيرة لدواعي لم نعرف أسبابها بعد. وكل ما نأمله هو أن يكون العائق خيرا وإلى مواعيد جديدة ربما لهذا المخرج الذي طالما شاركت أفلامه في مهرجان السينما الإفريقية المونتريالي.

وفي عودة إلى باقة الأفلام التي تقدم مجانا على المنصات الإلكترونية لمهرجان السينما الإفريقية في مونتريال، للعام الثاني على التوالي، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، نذكر أن هناك العديد من الأفلام المشاركة لمخرجين من دول شمال افريقيا، من تونس والمغرب بالإضافة إلى الجزائر.

في فئة الأفلام الروائية الطويلة، يقدم المهرجان فيلم "فترية" بتوقيع السينمائي التونسي وليد الطايع. و"فترية" مصطلح متداول في العامية التونسية، ويعني اختلاط الحابل بالنابل أو الفوضى العارمة. 

"نساء الجناح ج" للسينمائي المغربي محمد النظيف يقدم أيضا في المهرجان، ويصور معاناة المرضى النفسيين وقيمة الصداقة مع نخبة من الممثلين المغاربة.

الطفلة الإيفوارية منى في فيلم مطاريس للسينمائي الجزائري رشيد بن حاج/مهرجان Vues d'Afrique

على جدول مهرجان مونتريال أيضا، فيلم "مطاريس" للمخرج الجزائري رشيد بن حاج الذي يتطرق إلى قضايا اللجوء والهجرة غير الشرعية في البحر الأبيض المتوسط. يحكي الفيلم قصة الطفلة الإيفوارية ابنة الـ8 ربيعا "منى" التي تسكن في مدينة تيبازة الجزائرية، وتعمل في محل لبيع الزهور مدخرة المال الذي سيمكنها من السفر إلى أوروبا بمساعدة عصابات التهريب.

يذكر أن باقة الأفلام المذكورة آنفا حازت كلها على جوائز سينمائية عالمية وستقدم لعشاق السينما الإفريقية في مونتريال بين الـ 9 والـ 18 من نيسان/أبريل الجاري. علما أن مجموع الأفلام التي ستعرض أونلاين يبلغ 159 فيلما من أكثر من 50 دولة حول العالم بينها 33 دولة أفريقية. ويتنافس على جوائز المهرجان 146 فيلما من نوع الروائي الطويل والقصير والوثائقي وافلام الانيميشن.

للمزيد من المعلومات عن أوقات العروض التي يمكن مشاهدتها مجانا وهناك أكثر من عرض واحد لكل فيلم، وكذلك للإطلاع على باقة الأنشطة والفعاليات للمهرجان الـ 37 للسينما الإفريقية الذي يقدم للعام الثاني على التوالي بنسخة افتراضية، ادخلوا إلى الموقع الإلكتروني لمهرجان "نظرة إفريقية" على العنوان:

Festival Vues D’Afrique 

(المصدر: XION Communications)

روابط ذات صلة:

تتويج فيلم “قِصَر نظر” (Myopia) للمخرجة المغربية سناء عكرود في مونتريال

عندما يصبحُ العريُ مبررا لكسر التابوهات في المجتمع الجزائري

فريد بوغدير: بعد الثورة يكثر الأبطالُ والسخرية سلاح الوعي

زيزو لفريد بوغدير يفتتح مهرجان السينما الافريقية في مونتريال

فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.