” شارون الباني والهدام ”

 

تحت عنوان " شارون الباني والهدام " نشرت صحيفة الغلوب أند ميل  مقالة للبروفسور والكاتب الإسرائيلي يوسي كلاين هاليفي يعلق فيها على تاريخ رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق  أرييل شارون العسكري والسياسي يقول :

ما من زعيم إسرائيلي  ترك وراءه إرثا متناقضا كأرييل شارون . فعندما تواصل إسرائيل بناء المستوطنات ، فهي تتبع خطى وزير الزراعة أرييل شارون ، في أول حكومة ليكودية بزعامة مناحيم بيغين في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات . وعندما تتفاوض مع   الفلسطينيين على اتفاق يلحظ تهديم بعض المستوطنات ، فهي تحذو حذو شارون ، الزعيم الإسرائيلي الوحيد الذي أمر بهدم مستوطنتين في سيناء عام اثنين وثمانين وفي غزة عام ألفين وخمسة . إن حياته بأكملها ، يقول هاليفي  ، كانت تتمحور حول هدف واحد : تلقين اليهود سبل البقاء في الشرق الأوسط . والسبل تلك كانت عادة بالقتال .

وتستعرض الصحيفة تاريخ شارون العسكري بدءا بمطلع الخمسينات حيث أسس أول فرقة كومندوس ورسخ  مبدأ إستراتيجيا بنقل المعركة إلى أرض العدو فتحول  إلى مثال أعلى للجيش الإسرائيلي المحبط في أعقاب حرب الثمانية والأربعين ورفع معنويات الجيش في حرب الأيام الستة . ويرى العديد من المراقبين أن تلك المهمة خلفت وراءها العديد من القتلى المدنيين الفلسطينيين والعسكريين الإسرائيليين . وتعتبر الغلوب أند ميل أن قمة نجومية شارون العسكرية كانت في تحويله خسارة عسكرية إسرائيلية في حرب أوكتوبر إلى انتصار ، عبر تطويقه الجيش المصري الثالث في الديفرسوار . وما زالت الخطة تُدَرس في المعاهد العسكرية عبر العالم .

وبعد أقل من عقد قام شارون بغزو لبنان ولم يفصح للحكومة  خطته التوسعية ما حطم الإجماع الإسرائيلي الذي كان يعتمد عليه الجيش . ويرى يوسي هاليفي  أن ما من أحد مثل شارون أثار روح الحماسة في الجيش للقتال ، وما من أحد مثله أفقد الجيش معنوياته . وكانت حرب لبنان أول انكسار عسكري فعلي لإسرائيل وبداية نهاية شارون في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا . واعتقد الجميع أن زعامة شارون انتهت . لكن الشعب الإسرائيلي الذي شعر بالخطر المحدق عند قيام الانتفاضة الأولى ، لجأ مرة أخرى إلى شارون فانتخبه رئيسا للحكومة عام ألفين وواحد .

ويعتبر الكاتب أن أهم تحد واجهه عهد شارون كان إنقاذ إسرائيل من موجة الإرهاب التي طاولتها ونقلت الحرب من خارج الحدود إلى شوارعها . وبدل أن يرد بهجوم على الضفة الغربية ، مصدر انطلاق الانتحاريين ، انتظر شارون حتى يتأكد من تأييد الشعب وحزب العمل المعارض لشن حرب أخرى ضد الفلسطينيين . وجاءت الفرصة عام ألفين واثنين عبر هجوم انتحاري في نتانيا فحرك جيشه وقوات الاحتياط وتمكن خلال سنتين من دحر الانتفاضة فكانت آخر انتصاراته العسكرية . وتتابع الصحيفة : لقد توصل شارون إلى قناعة عملية وهي : إذا كانت إسرائيل غير قادرة على مواصلة الاحتلال إلى ما لا نهاية ، وغير قادرة على التفاوض على سلام جدير بالثقة ، فالحل يكمن في إعادة رسم الحدود من طرف واحد دون انتظار شريك فلسطيني فكانت النتيجة انسحاب إسرائيل من قطاع غزة بعد سنة على إنهاء الانتفاضة ، فتحول ، في نظر المستوطنين ، من شارون الباني إلى شارون الهدام .

وتخلص الصحيفة إلى القول : في مختلف مراحل حياته أثار شارون غضب اليسار واليمين معا . ومع ذلك ، يبكي الإسرائيليون اليوم رجلا كرس حياته للدفاع عن إسرائيل وكان شجاعا إلى درجة التخلي عن أغلى سياساته عندما كانت غير صالحة لضمان أمن اليهود ، يختم البرفسور يوسي كلاين هاليفي تعليقه المنشور في الغلوب أند ميل .استمعوا

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.